Hacksaw Ridge لا للقتل في ساحة القتال

عشرة أعوام مرت علىApocalypto ، آخر فيلم اخرجه النجم الاوسترالي ميل غيبسون. عشرة اعوام قبل ان يعود بملحمة حربية مستوحاة من وقائع حقيقية Hacksaw Ridge التي استقبلت بحفاوة كبيرة وبـ10 دقائق من التصفيق المتواصل يوم عرضت(خارج المسابقة) في الدورة 73 من مهرجان البندقية السينمائي هذه السنة.

بقوة اذن يعود ميل غيبسون ليروي قصة حقيقية جرت خلال الحرب العالمية الثانية، عن سيناريو لأندرو نايت وراندال والس وروبرت شنكان الفائز بجائزة بوليتزر عن نص مسرحيتهKentucky Cycle .

فيلم عن الإيمان والقيم الإنسانية في زمن الحرب وعن الانسان الباحث عن الخلاص في عالم غارق في العنف، يقدمه غيبسون من خلال قصة ديزموند دوس (اندرو غارفيلد) المسعف في الجيش الاميركي خلال الحرب العالمية الثانية الذي رغب في خدمة بلاده واداء واجبه، لكن ايمانه جعله يرفض حمل السلاح واطلاق النار والقتل حتى دفاعا عن النفس. رغم سخرية زملائه والعقوبات التي انهمرت عليه من رؤسائه لرفضه تنفيذ الأوامر بإطلاق النار، تمكّن من ان يصبح بطلا عندما رفض الانسحاب مع فرقته من معركة أوكيناوا الشهيرة بعد سيطرة اليابانيين، فتنقل من موقع الى آخر على الجبهة تحت القذائف والنار والموت، منقذا عددا كبيرا من رفاقه الجرحى المتروكين على ارض المعركة، مما جعله يستحق وسام الشرف لشجاعته الاستثنائية.
ميل غيبسون اذن يعود الى عالم الاخراج متسلحا مجددا بموضوعاته المفضلة مثل القيم الدينية والتضحية بالذات ونبذ الحرب. مجددا يلجأ الى اسلوب الصدم بإبهار من خلال اظهار مبالغات الحرب التي ينبذها، وجمع ما لا يجتمع عادة، من خلال وضعه واحدة من أهم وصايا الله "لا تقتل" في قلب جحيم يغلي بالقتل والدم والوحشية. مجددا ايضا ميل غيبسون لا يؤمن بالأبطال الخارقين الذين أفرزتهم القصص المصورة، ويفضل عليهم ابطالا من لحم ودم ومعاناة، لكن الطريف انه استعان بسبايدرمان المتسلح بقدراته الخارقة لأداء دور البطل المتسلح بايمانه ومبادئه فيHacksaw Ridge .

انه اندرو غارفيلد نجم فيلم Amazing Spiderman الذي تقمّص شخصية ديزموند دوس بكثير من البراءة المقنعة والمؤثرة، فحمل الشريط على كتفيه الخاليتين من السلاح ومعاناته من طفولة قاسية مع والد عنيف، واحتمائه بايمانه منقذا له. وهكذا بدا على الجبهة ووسط سخرية الجنود، اشبه بمسيح يسير عاريا تحت صليبه على طريق الجلجة من اجل انقاذ البشرية. مع ميل غيبسون واندرو غارفيلد ننطلق في شريط سيكون له حصته في معركة الاوسكار لموضوعاته القوية الجامعة للأضداد واخراجه اللافت. شريط يفتتح مشهده الاول على جحيم ماطر برذاذ الدم والنار والاجساد المتساقطة بايقاع متباطئ وكوريغرافيا جميلة لرقصة عنوانها عبثية الحرب، قبل ان يتحول كلاسيكيا في عرضه بداية رحلة داعية السلام دوس، منذ الطفولة حتى التحاقه بمعسكر التدريب. لكن الشريط يعود ليصاب بالجنون مع غرقه في عنف مبالغ خلال القسم الاخير المخصص للمعركة. المشاهد خلال هذا الجحيم الدامي هي الاقسى طبعا، وخصوصا انها طويلة ومتواصلة لتبدو كأنها مصوّرة في زمنها الاصلي وتجعلنا نشعر اننا فعلا في قلب المعركة ونعايشها بتفاصيلها كافة. معالجة مدججة بالعنف والوحشية اختارها غيبسون من اجل التبشير برسالة الفيلم النابذة للعنف، والمتمسكة بالمبادئ الدينية كمنارة وسط الركام والدمار.

الفيلم ابتداء من الخميس 3 تشرين الثاني في صالات غراند وامپير.