الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مزعجة، لا مُهلكة

راشد فايد
A+ A-

انتهى الصعب، ولم تتأخر الصعوبات، بل هي بدأت قبل أن ينتهي. فأيا يكن مَن دس المغلف الفائض في صندوق اقتراع النواب، في الدورات المتتالية، فإن المغزى واحد: لن تكون درب حكم ميشال عون بالسهولة التي يأمل، فكيف وقد حدد الرئيس نبيه بري، في خطابه، عناوين الشراكة في العهد ومعه؟


فقد بدا رئيس المجلس كأنه يرسم مواصفات التعاون مع العهد الجديد، وحتى أنه يملي عليه برنامج عمله، ويحدد له ما يهدد الوطن: دخول المنطقة في حروب الاستتباع. الاستقرار الداخلي. التهديدات الأمنية. وأولها الارهاب. انتفاخ ملف المهجرين والنازحين السوريين والفلسطينيين. عدوانية إسرائيل. الثروة البحرية. احتلال مزارع شبعا و تلال كفرشوبا. دعم الجيش "ليقوم بمهمات الدفاع الى جانب المقاومة والشعب". إعادة وزارة المغتربين. "الكوتا النسائية" ومشاركة الشباب في الاقتراع.
بعض هذا الكلام توصيف، لكن بعضه الآخر عناوين مماحكات قيام حكومة العهد الجديد الاولى، لا سيما إعادة وزارة المغتربين، وثلاثية "حزب الله" الشهيرة، التي سماها الرئيس السابق ميشال سليمان بالثلاثية الخشبية.
في المقابل، رفع خطاب القسم "النقاش" إلى مستوى الثوابت: الاستقرار السياسي باحترام الدستور والقوانين من خلال الشراكة الوطنية. تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني. قانون انتخابي يؤمن عدالة التمثيل. ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية. القضاء على الإرهاب. لكن صاحب القَسَم مضطر في وقت قريب إلى التعامل مع التفاصيل، التي فيها تختبئ الشياطين، عادة.
لن تحتاج تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة أكثر من يومين. فالقوى النيابية سمّته قبل أن يُنتخب رئيس الجمهورية. لكن السؤال العالق هو كم ستستغرق ولادة الحكومة العتيدة، خصوصا عندما يدخل النقاش في "المكتسبات" والحقائب، والتوازنات، ثم البيان الوزاري؟
ما "يطمئن"، ربما، في صدد البيان، توافق ضمني بإبقاء القديم على قدمه، أي استنساخ البيانات الوزارية السابقة، منذ "اتفاق الدوحة" بما يخص الثلاثية الشهيرة، إذ لا شيء تغير في عمق التوازنات الداخلية والإقليمية، والدليل هو في الاتفاق على وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، بعدما كان رأس حربة "8 آذار". لكن الخطر الفعلي على العهد أن يتبع نهجاً آخر أملاه "7 أيار" الشهير، وهو تحول الحكومة إلى مصغر لمجلس النواب، فتتعطل العملية الديموقراطية، ويصبح الحكم بالتراضي، ويستفحل الضرر حين يُعاد العمل بالثلث المعطل، أي ثالثة الأثافي في ما أنتجه "اتفاق الدوحة"، الذي هدف إلى تثبيت نتائج الخلل الوطني، لإبعاد الخطر عن الوطن.
ما يدعو إلى التفاؤل بسرعة الولادة، نسبياً، أن أيا من الأطراف السياسية لا يستعجل استعداء العهد الجديد، وإن يكن بعضها يود توجيه رسائل مفادها أنه ليس مستسلما وإن لم يكن معترضا، كما أوحت الورقة الفائضة في صندوقة الإقتراع: مزعجة وليست مهلكة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم