الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

"عين الشيطان" لهشام جابر في مسرح المدينة: سيّد درويش المُبدِع ووجهه "المُظلِم"!

هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
"عين الشيطان" لهشام جابر في مسرح المدينة: سيّد درويش المُبدِع ووجهه "المُظلِم"!
"عين الشيطان" لهشام جابر في مسرح المدينة: سيّد درويش المُبدِع ووجهه "المُظلِم"!
A+ A-

كان بارِعاً في تَحويل القِصَص اليَوميّة وحِكايات "أسرار الغَرام"، وتلك التي تَستَريح على الحسّ الوطَني المَصحوب بالمُقاوَمة، ألحاناً مُرهَفة وشفّافة في أناقَتها... ولكن الشيطان كان يَتَربّص في مكانٍ ما في حياتِه.
تمكّن السيد درويش خلال حياته القَصيرة "حتى الثمالة"، من أن يُقدّم أهم الألحان، التي ما زالت حتى اليوم خَليلة الآذان التي تَبحَث عن ملاذٍ يَنقِلُها بعيداً من الهُموم اليوميّة المَحتومة... ولكننا خلال إحتفاليّة "20 سنة مسرح المدينة"، وَقفنا وجهاً لوَجه مع الشيطان الذي كان يَعيش في داخِلِهِ... وتلك النَزوات التي لم يَملّ منها مع المُخدرات والكحول ... وطَيف النساء، طبعاً النساء!
هِشام جابر (1980) مؤسّس "مترو المدينة" والمُدير العام والمُخرِج فيه، أخَذَ جُمهوره في نُزهَةٍ بَحَثَ من خلالها عن الشيطان المُختَبِئ بين جُدران أغاني الراحل الكَبير سيّد درويش، وتحديداً تلك التي أنتَجَها للمَسرَح الغنائي المَصري. عَرضٌ غنائي – مَسرَحيّ – بَصَريّ أطلَقَ عليه جابر عنوان "عين الشيطان"، "عرّى" من خِلاله شخصيّة الفنّان الوَقور بإبداعِهِ، مُسلّطاً الضَوء على الوَجه المُظلِم للراحِل الذي عَشقه الشَعبِ.
على خَشبة مسرح المَدينة الذي عاشَ خلال أيام طويلة في شارِع الحمراء التاريخيّ، إحتفاليّته الصاخِبة المُجَسّدة بعشرات العروض المُتنوّعة، كان جُمهور سيّد درويش على موعِد مع أجواء قاتِمة، شيطانيّة في مَضمونِها وإطارها المَرئي، وكان الطَرَب مُمَسرَحاً يَليق "بلَيل الحمرا"، وكانت وُجوهنا المُظلِمة مَدعوّة إلى "مأدَبة" فَنيّة، حافِلة "بالمَشهيّات السوداء" التي تَخدَعُنا بالإغواء المَدروس والمُستَتِر أحياناً.
المُغنيّة المَصريّة الرائعة مريم صالِح إضطَلَعت بدور المُهرّج القاتِم الشخصيّة، الذي يَقود العَرض الأقَرَب إلى طَقسٌ من طُقوس "الشَرَه الشيطانيّ". صوتها انساب في كل الإتجاهات بحيث خُيّل للبَعض بأنها الشيطان في ذاته، وقد سَلَبَ روحها وحوّل حُنجُرتها آلة خارِقة خَرَجَت عن "المَنطِقة الزَمَنيّة" المُعتَرَف بها، كما خَرَجت أحياناً عن النَمَط الموسيقي المحض شرقيّ.
رافَقها على الخَشبة التي تحوّلت رواقاً طويلاً مُزَخرَفاً بروح الشيطان، على البيانو مارك أرنَست دياب (المُلقّب بالعبقري في الوسط الفنّي البيروتيّ)، وعلى الباص إلكتريك بشار فرّان، وعلى الإيقاع أحمد الخطيب، وعلى العود عماد حشيشو. وصمّم البصريّات التي دَعَمت الألحان والصوت في "رحلة الظلام الهشيّة" نديم صوما، كما نفّذت الإضاءة التي غَمَزت إلى "مَسرح الظلّ" لارا نصّار.
سيّد درويش إبن الإسكندريّة الذي عاشَ حياةً قصيرة زاخرة بالّلحظات الموسيقيّة الشاهِقة. كان حاضراً في عَرض "عين الشيطان" المُقلِق بجماليّته السوداويّة، وجَلَسَ جنباً إلى جَنب مع شاب يُدعى هشام جابر إتَخَذ على عاتِقِهِ مذ أسس "مترو المدينة" مع بعض الشباب عام 2012، أن يُدخِل الجمهور إلى حَلَبة الأحاسيس من بابِ آخر خارج إطار التقاليد... من "باب الإبداع الخلفيّ"!


[email protected]
Twitter: @hanadieldiri

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم