الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

رقص

حياة ابو فاضل
A+ A-

نحن الذين نحمل اسم لبنان داخل هوياتنا، لسنا أقلية ولسنا أكثرية، إنما نراقب حركة الإنسان الذي يشاركنا في الوطن، هذه البقعة التي كانت جميلة فصارت قاتمة تشتاق الى تناغم يعيد اليها توازن الحياة، والى صدق فقده أهلها قبل أن تفتح عينيها لترى أنها ساقطة داخل كذبة كبرى نابعة من أداء حكّام لا يتغيّرون: يدورون في حلقات مفرغة، هدفهم مصالحهم وألقابهم، ومن يشاركهم من الشعب التابع، يظل تابعاً، مصفقاً، محارباً، وأحياناً مستشهداً على دروب تنفيذ خرائط أفكارهم الأنانية الخارجة عن برنامج مشترك بين الانسان والأرض... نحن الذين بقينا خارج مخططاتهم الملتبسة، المتملقة، لا يهمنا من يطمح الى رئاسة وطن أو رئاسة مؤسسات ماتت من زمان وما بكاها عاقل.


كنا نظن أن وليد بك هو الراقص الوحيد على "بيست" لبنان، فإذا براقصين كثر غيره، يشاركونه ويلفّون ويدورون، وينقلون خطواتهم بحسب أشواق نفوسهم. حكامنا يغيّرون مبادئهم ساعة يشاؤون من غير أن تحمّر وجوههم المقنّعة أصلاً... واذا ما نظروا الى أيديهم الناعمة سيتذكرون ما ارتكبت في ماض ليس بعيداً، إلا أن أحداً منهم لن يقول ما قالت الليدي ماكبث بعدما قتلت بيديها الملك الذي كانت تستضيفه في منزلها كي يعتلي زوجها القائد ماكبث العرش... قالت الليدي: لن تقوى كل محيطات الأرض على إزالة الدماء عن يديّ.
نعم، معظم سياسيّينا الذين هم في مواجهة الأحداث على مرّ تاريخنا الحديث على علاقة وطيدة بالحروب التي أسالت دماء اللبنانيين وهدمت بيوتهم وفتّتت عائلاتهم إلى أقليّات بقيت في لبنان، والى كثر غادروه الى الخارج وأسّسوا عائلات شبّ أبناؤها على تقدير الحياة بكل دروبها في بلدان احترمت انسانيتهم ومنحتهم حقوقاً ما منحها لبنان المخطوف لأبنائه في يوم. في لبنان المسؤولون أهل أطماع إقطاعية، قبلية، مذهبية، يعملون داخل فلسفة اجتماعية قوامها مصالحهم الخاصة، الشخصية، فتضيع مصالح الشعب الذي اعتاد تأليه الزعيم الذي يبقيه تابعاً، لا رأي له، يستعمله عند الحاجة ولو ليحارب به الآخر، ولا مانع عنده من استشهاده في سبيل عزة الوطن.
هناك غيرنا في شرق أوسط عربي من يستبيح اختصار الوطن بكل ما فيه وبرسالته، فللوطن الحاضن الانسان على درب تطور الوعي رسالة عظمى... هناك غيرنا من يقزّم الوطن ويختصره بزعيم مذهبي يشدّ كنوز المكان الى صدره الرحب. فهل بقي لنا أحلام بعد؟ هل من أمل حيث ليس هناك إلا ثرثرة مفلسة، إن دلّت فعلى زمن كئيب ليته لا يسمح بتكرار ماضٍ ما خلّف إلا تقهقراً وتفككاً وانهيار مؤسسات، وشعباً ما سطّر تاريخه إلا صفحات هجرة سطورها بلا نهاية؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم