الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

شاشة - عنف الهجوم على الملكة: هستيريا الجماعة

فاطمة عبدالله
شاشة - عنف الهجوم على الملكة: هستيريا الجماعة
شاشة - عنف الهجوم على الملكة: هستيريا الجماعة
A+ A-

غريبٌ استهتار الجماهير بمشهد تكدّس بقايا المواشي المذبوحة على الطرق، وتحميل ملكة الجمال المُنتخبة انفجاراً عنيفاً يفوق الطاقات. للمغرِّد أن ينتقد، لا أن يُجرِّح. أن يُبدي رأياً، لا أن يشنّ حرباً. ضعف الجمال لا يخيِّب الآمال، بل يفضح الهستيريا.


كيف تتأكّد أننا في الأسفل، في العدم والعقم والقعر؟ راقب السوشيال ميديا. راقب الفورة والفوضى وتصاعد الجنون نحو الذروة. يظنّ المزاج اللبناني أنّه لطيف طوال الوقت ومُضحك طوال الوقت ومُبدعٌ في صوغ الدعابة وتصديقها. فجَّر احتقانه على شابة قد لا تكون متفوّقة الجمال والبديهة، لكنّها قلبٌ يشعر ويتساءل وتؤلمه موجات الضغينة. تتناسى الجماعة مسائل كبرى يُفترض أن تردّ عليها باللذع والتحرّك، وتتفرّغ لكيل اللؤم على الشابة وسلخ جلدها. التلهّي بالتفاهة، سلوك الجماعات الفارغة. تغريدةٌ تجرّ تغريدة، ومزاحٌ لا بهجة فيه. إنّها ببغاوية التعاطي مع الموجة والتماهي المطلق مع خوائها.
ملكة جمال لبنان ليست دائماً أنجلينا جولي ونجمات السينما. قد لا تعجبكَ وتعجبكِ وتعجبنا. ننتقد في المسابقة تمسُّكها بالقوالب وعجزها عن جَمْع الجمال والوعي في امرأة. ثمة دائماً كفٌ تغلب أخرى، لمصلحة إضحاك الجماعة وحضّها على إفراز البشاعات. الإشكالية تكمن في الجوهر والأعماق، لا في الصورة وحدها، ووزن الملكة ووجهها وطولها وتسريحة الشعر. صَلبُها عقابٌ مُضخَّم وإهانتها انعكاسٌ لنفوس مُهينيها.
حرم الجنون ساندي تابت طعم الـ"مبروك" بعد الفوز. ما عاد يمكن تبسيط الفورة والاستخفاف بقراءتها. عنف الهجوم، هو عنف النفوس المريضة ونزعة التوحّش فيها. الفرد في أحيان يختزل الجماعة بأسرها: ضعفها المُستتر تحت أكذوبة قوّتها، قشورها، كليشياتها، بؤسها. تابت ضحية تكاثرت حولها الألسنة. جلّادوها بالجُملة لأنّ ثمة مَن رآها ملكة. العجيب أنّ رتابة المسابقة ظلّت في منأى عن السخرية. لم يُمَسّ سؤالٌ من أسئلة اللجنة، ومبالغات بعضها في ادّعاء الفصاحة. البشاعة ليست تابت رغم جدل انتخابها. البشاعة في مَن ألّف النكات وروّجها.


[email protected]
Twitter:@abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم