الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

البيوت التراثية تتهاوى والشورى يكسر قرارات عريجي لحمايتها... صادر لـ"النهار": سنبطل منع هدم كل مبنى غير مدرج في اللائحة

مي عبود ابي عقل
البيوت التراثية تتهاوى والشورى يكسر قرارات عريجي لحمايتها... صادر لـ"النهار": سنبطل منع هدم كل مبنى غير مدرج في اللائحة
البيوت التراثية تتهاوى والشورى يكسر قرارات عريجي لحمايتها... صادر لـ"النهار": سنبطل منع هدم كل مبنى غير مدرج في اللائحة
A+ A-

يفاجأ اللبنانيون منذ نحو عامين ونصف العام بقرارات يتخذها مجلس شورى الدولة وتقضي بإبطال قرارات لوزير الثقافة بمنع هدم عدد من البيوت التراثية، فاق عددها الـ 25 بيتا حتى الآن. لماذا يقدم مجلس الشورى على هذه الخطوة؟ وكيف يرضى باعطاء رخص الهدم؟ وأين دوره في حماية التراث؟


في لقاء لـ"النهار" مع رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر أشار بداية الى "التمييز الذي يلحظه قانون الآثار الصادر عام 1933 بين التراث والآثار، اذ يعتبر كل ما يعود الى ما قبل العام 1700 أثريا، ويجيز لوزير الثقافة امكانية وحيدة اذا رأى ان لمبنى ما قيمة معمارية وهندسية وتراثية أو سكنته شخصية مهمة، هي إمكانية وضعه في لائحة الجرد العام للمباني التاريخية. هذه هي الطريقة القانونية الوحيدة للحفاظ على مبنى تراثي. لكن ما يحصل عمليا ان مجلس الوزراء أصدر تعميما الى المحافظ بضرورة سؤال وزارة الثقافة قبل إعطاء رخصة بالهدم، فتكلف الوزارة احدهم بالكشف، فيوقف الأعمال ويمنع الهدم بحجة ان المبنى ذو طابع تراثي. أعتبر هذا القرار اعتباطيا وغير قانوني، لأنه ليس منصوصا عليه في القانون. لا يجوز لوزارة الثقافة ان تمنع احدا من الهدم، الطريقة القانونية الوحيدة لمنع الهدم هي ادخال المبنى في لائحة الجرد".
وتكمن خطورة الأمر في رأيه أنه "قبل ان يشتري احدهم عقارا، يذهب الى وزارة الثقافة ويسأل اذا كان مصنفا- خصوصا ان هناك دراسات عدة لـ"خطيب وعلمي" وغيرها صنفت المباني فئات A,B,C,D,E ثم اعفى مجلس الوزراء فئتي D,E وكل هذا غير قانوني - فيجيبونه بالنفي ويدفع المبلغ المرقوم للشراء، وعندما يباشر الهدم، يرسل المحافظ الى وزارة الثقافة قرارا بمنع الهدم باعتبار المبنى تراثيا. هل هذا يجوز؟".
ويجزم صادر أن "قرار منع الهدم غير منصوص عليه في القانون، لا يحق لوزارة الثقافة منع الهدم. ولا يعترف مجلس الشورى بقرارات مجلس الوزراء ووزراء الثقافة ودراسات التصنيف، وواجبه عندما يصدر قرار عن السلطة التنفيذية مخالف للقانون، مراقبة هذا القرار ومنع المخالفة. وهذه القرارات ليست قانونية. نحن نبطل قرارات منع الهدم، ونلفت في متن القرار الى ضرورة الإدراج في لائحة الجرد ليصبح قانونيا. نحن ابطلنا ولا نزال نبطل كل قرار يتعلق بمبنى غير مدرج على لائحة الجرد باعتباره غير قانوني".


حماية الملكية الفردية
في قضية حماية التراث يفصل صادر بين مبدأين: حماية التراث المنصوص عليها في القانون، وحماية الملكية الفردية المنصوص عليها في الدستور، والملكية لا يمكن ان تؤخذ "سلبطة"، ولذلك وضع قانون الاستملاك الذي يقضي بعدم انتزاع ملكية اي فرد إلا للمنفعة العامة ولقاء تعويض عادل ومسبق".
لا يتوقف الأمر على الإدراج في لائحة الجرد بل "مفروض بنا كمجلس شورى التأكد ان شروط البناء التراثي متوافرة. واعطي مثالا قضية شغلت الناس، هي قضية "البيت الأحمر" الذي قرر اصحابه عدم اقامة دعوى، حيث منعت وزارة الثقافة الهدم، فرفع اصحاب الملك دعوى لدينا، وصدر القرار الأول برد منع الهدم كون البيت لم يكن مدرجا في لائحة الجرد، حتى لو كان قصر بيت الدين لا نتطلع الى المبنى بل الى القرار اذا كان قانونيا ام لا. فأدرجه الوزير فورا في لائحة الجرد. عاد اصحاب الملك، إلينا، وأفهمناهم ان السبب مختلف هذه المرة: السبب الأول كان يعتبر قرار الوزير غير قانوني، الآن يتخذ القرار بموجب القانون الذي يسمح له بادخاله في لائحة الجرد، وسأرسل خبراء للتأكد مما اذا كان المبنى تراثيا ام لا ومن صوابية قرار وزارة الثقافة، فأجابوا لم نعد نريد اقامة دعوى. وبقي البيت محفوظا بايحاء منا ان اتخاذ القرار الأول لا يعني الحصول على الثاني. وهنا قام مجلس الشورى بواجبه الذي يقضي بعدم تجاوز حد السلطة. كذلك لم تعد القضية اوتوماتيكية، وصار عندي رقابة امارسها على الوزارة".
وللقاضي صادر وجهة نظر في قضية البيوت التراثية تقول "بضرورة استملاكها من وزارة الثقافة اذا لم يتمكن المالك من ترميمها. في السياسة كل وزير ثقافة لا يريد ان يقال انه على ايامه هُدم تراث بيروت، فيدرج كل المباني في لائحة الجرد. هذا تدبير "ينقز" بالأساس. والسؤال: كم تملك وزارة الثقافة من أموال لتستملك كل هذه المباني؟ لا شيء. اذا كانت العرقلة لـ"السلبطة" والى ان تنتهي ولاية الوزير و"خليها تطلع براس غيري"، فهذا أمر غير مقبول. ثم أن الملكية الفردية مقدسة ولا يمكن المزاح بها. لذلك يجب ان تكون المعايير التي يأخذ بها مجلس شورى الدولة لاعتبار اي مبنى تراثي، عالية، بحيث تدرج 10 بيوت مثلا على لائحة الجرد، بانتظار ان يصبح لدى الوزارة اموال لاستملاكها، ولكن لا يمكن ادراج مئات المباني الى اجل غير مسمى والأموال غير متوفرة. هناك مبان ثلاثة أرباعها مهدوم بقيت منها الواجهة فقط، ويطلبون المحافظة عليها وترميمها لأن البناء تراثي، ما يعني أن ثلاثة ارباع المبنى سيكون بناء حديثا، ولم يعد المبنى الاصلي الذي نريد المحافظة عليه. لكي يكون المبنى تراثيا يجب ان يكون على الأقل محفوظا. بعض الأمكنة خرب، بقي منها بعض الجدران، ويعتبرونها تراثية. اين التراث هنا ؟ على اي تراث تريدون المحافظة؟"
من هنا يقترح صادر رفع معايير التصنيف التراثي بحيث يكون البناء "قائما بنسبة 80% ومعالمه واضحة وقابلة للترميم، وأن يكون في منطقة محفوظة تظهر تراثيته، وهذا من مسؤولية التنظيم المدني الذي يتسبب تقصيره بهذه الفوضى، وتوفر المال للترميم او الاستملاك. وخصصنا قضاة صاروا يعرفون سياسة مجلس الشورى بالنسبة لقوانين التراث ومفهوم المحافظة، وسنأخذ برأيهم في كل قضية ترفع امامنا. اذا لم يكن 80% من البيت موجودا سنرد الدعوى".
ما دور مجلس الشورى اذن في الحفاظ على التراث، في ظل الفوضى وامكانيات وزارة الثقافة الضئيلة؟ يجيب: "نحن مضطرون إلى المفاضلة بين مبدأين: حماية التراث والملكية الفردية، وبالتالي لا يمكنني سلخ الملكية الفردية اذا كان المبنى معظمه مهدماً ويشكل خطرا على السلامة العامة، خصوصا ان الدولة لاتستملك ولا تساهم في الترميم. بيت فؤاد شهاب لا يزال محفوظا بنسبة 70%، وردينا الدعوى بعدم اعتباره تراثيا، البيت الأحمر والبيت الزهري وغيرهما ايضا باعتبارها مستوفية شروط البيوت التراثية. لماذا لم ير الناس هذا الأمر؟".
ونصح لوزارة الثقافة بإنشاء صندوق وزيادة عوامل الاستثمار في مناطق معينة، ليصب هذا الفرق في الصندوق وتتمكن من الاستملاك.


[email protected]
Twitter:@mayabiakl

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم