الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

بري مصدوم بالحريري... ولكنه لا يقف متفرجاً

رضوان عقيل
رضوان عقيل
بري مصدوم بالحريري... ولكنه لا يقف متفرجاً
بري مصدوم بالحريري... ولكنه لا يقف متفرجاً
A+ A-

حين ينطق الرئيس سعد الحريري باسم العماد ميشال عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، سيسأل الجميع من أصغر قرية شيعية في الجنوب إلى عواصم القرار ماذا سيفعل "حزب الله" مع اقتراب موعد طي صفحة الاستحقاق الرئاسي على إمكانية وصول حليفه الى قصر بعبدا، ولا سيما انه كان في مقدم داعمي"الجنرال" قبل ان تلتحق بالركب "القوات اللبنانية " و"تيار المستقبل".


لن تكون مهمة "حزب الله" سهلة هذه المرة، خصوصاً على أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي سيبذل قصارى جهده للتوفيق بين العماد عون والرئيس نبيه بري الذي اعلن صراحة انه لن ينتخب "الجنرال"، وزاد الطين الرئاسي بلة بالنسبة إلى رئيس المجلس، وارتفع معدل الغضب عنده بعدما لمس حياكة ولادة ثنائية سياسية جديدة من خلف ظهره وإبلاغه بـ "الصفقة" بعد إتمام خيوطها. ومن يعرف الرئيس بري وطباعه يلمس أنه لا يتحمل النكث بالوعود والاتفاقات، فكيف بعدما خاطب الرئيس الحريري مراراً بعبارة " سأقف معك سواء أكنت ظالماً أم مظلوماً"، مؤكداً أنه لن يختار سواه لرئاسة الحكومة. وهو لا يخفي "ألمه" من صديقه ونجل صديقه بعدما وقف معه رئيس المجلس في الأيام السود والبيض ولطالما خاطبه بعبارة "يا إبني". ولو قدر لدفاتر الوزير علي حسن خليل ومحاضر اجتماعات الرجلين ان تنطق لتحدثت عن عمق علاقة بينهما تلاشت في الأيام الاخيرة.
ما حصل ان عين التينة أصيبت بصدمة لأن سيدها درج على القول إنه لا يزعل من الشخص الذي يواجهه، وفي الوقت نفسه لا يقف متفرجاً بل يهوى التحدي وخوض المواجهات مذ كان طالبا في الثانوية وعلى مقاعد كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. ولا تخفي عين التينة رأيها أن من حق العماد عون السعي والوصول الى رئاسة الجمهورية، وأن للرجل محبين كما أن ثمة آخرين لا يرون فيه الشخص المناسب للمنصب الأول في البلاد، وهذا ما يقوله الرئيس فؤاد السنيورة، صاحب العقل البارد الذي لا يخفي غضبه من "تحول سعد" أمام زواره وشخصيات من بيروت وخارجها، وثمة خط دافئ بينه وبين الرئيس بري وهما من "الخبراء المحلفين" بالعماد عون.
ماذا سيفعل نصرالله حيال هذة الأزمة بين حليفيه، وكيف سيتصرف معهما قبل جلسة 31 الجاري؟ قبل الإنطلاق في أي محاولة لمعالجة الوضع، يدرك "حزب الله" أن "العونيين" خصوصاً يعدون الدقائق للوصول الى موعد الجلسة وإعلان عون رئيساً، ولا تخفى خشيتهم الوقوع في فخاخ التأجيل وتطيير الفرصة التي ينتظرونها من الحريري زعيم الكتلة الأكبر في المجلس، علماً ان تأييده ترشيح "الجنرال" في شكل رسمي سيجعل لعبة شد الحبال المفتوحة بين أطراف متعددين اكثر مشقة، وسينقل معركة الرئاسة من مرحلة الى اخرى جديدة تتطلب استعمال أسلحة سياسية جديدة بعد تجاوز عتبة النيات الى المسرح السياسي مباشرة.
وبما أن "الثنائي الحريري - عون" يعرف الرئيس بري جيدا، يدرك الرجلان ان منظومة تفاهمهما تتطلب منهما إكمال عناصرها بغية تفكيك صواعق الصراعات الجوهرية التي تعترض محطتهما في الرئاستين الاولى والثالثة، وذلك للعمل على معالجتها في حال أصر بري على حجز مقعد له في قطار المعارضة وعدم تمثله في الحكومة المقبلة، وبذلك سيغيب عن الحكومات للمرة الأولى منذ منتصف الثمانينات بعدما طبعت بصماته كل العهود وتركيباتها، وصولا الى تسطير النقاط الحساسة في البيانات الوزارية بحبر قلمه. وبطبيعة الحال ليس سهلاً الإستغناء عنه في التركيبة السياسية التي يواكبها منذ ثلاثة عقود. يعرف الجميع هذا الأمر ولا يقللون حجمه، بدءاً من الرئيس الحريري الذي أخذ خياره بدعم عون.
من هذا المنطلق تستعد "الماكينة السياسية" للانطلاق من أجل رأب الصدع بإشراف نصرالله هذه المرة الذي يريد إيصال عون الى قصر بعبدا محصناً بمظلة أمان، قبل أن يواجه أول المطبات في عملية تأليف الحكومة الاولى في عهده الجديد في ظل التعقيدات المحلية والخارجية التي تهدد لبنان. يريد الحزب ان يحظى عون بشبه إجماع ليحل في قصر بعبدا بعيدا من المشكلات والمناكفات التي درجت عليها اليوميات السياسية في لبنان، خصوصاً أن بوصلته الأساسية مصوبة في اتجاه الحرب في سوريا وتطورات المنطقة وصولا الى الأحداث الساخنة في اليمن.
لذلك يحتاج نصرالله الى بذل جهود مضاعفة بسبب التحديات التي تعترضه حيال حليفيه اللذين لن يتمكنا من معالجة أزمات لا حصر لها، من أزمة المياومين في الكهرباء الى ملف النفط الراكد في البحر. والمنطلق أن الحزب الذي لا يعارض انتخاب عون للأسباب المعروفة التي تحكم ورقة تفاهمه معه لن يتفرج في الوقت نفسه على حليفه الرئيس بري الذي لم يبادله في الأيام والمحطات السود إلا كل الوفاء والدعم، لذا لن يقبل باستفراد رئيس المجلس، ولا سيما ان رئيس "المستقبل" ومن يقف خلفه وتحديداً السعودية في حسابات الحزب، يتطلعان إلى إيقاع خلاف داخل الطائفة الشيعية وحرق الجسور القائمة بين "حزب الله" والعماد عون، سواء أصبح رئيسا أم لم يصل إلى بعبدا، وهذا المرتجى تتمناه جهات محلية عدة وفي مقدمها الدكتور سمير جعجع الذي لا ينفك يردد لعون ان "الحزب لا يريدك رئيساً"، وهو جعجع يبقى في كل الأحوال أكثر المستفيدين من المشهد السياسي الجديد في لبنان.


[email protected]
Twitter: @radawanakil

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم