الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حتام يبقى غاز لبنان في أعماق البحر؟

رندة حيدر
A+ A-

بينما تبقى ثروة الغاز الطبيعي في لبنان مدفونة في عمق البحر وعرضة للخلافات الداخلية على الصلاحيات بين أطراف الحكم اللبناني المتهاوي، تتنازعها الأهواء والمطامع من شتى الاتجاهات، استطاعت إسرائيل في نهاية العام الماضي تسوية خلافاتها الكثيرة والمعقدة مع الشركات المستثمرة للغاز، وبدأت توقيع اتفاقات لتصدير الغاز إلى دول المنطقة. وكان باكورتها اتفاق لتصدير الغاز إلى الأردن بقيمة 10 مليارات دولار لمدة 15 سنة تغطي نحو 40% من حاجات البلاد من الكهرباء. في الوقت عينه بدأت إسرائيل مفاوضات من اجل تصدير الغاز إلى دول أخرى في المنطقة مثل مصر وتركيا.
وموضوع استخراج الغاز وتصديره في إسرائيل ليس موضوعاً اقتصادياً بحتاً بل هو موضوع ذو أهمية أمنية - استراتيجية من الطراز الأول، ويهدف قبل أي شيء آخر إلى تعزيز مكانة الجيوسياسية لاسرائيل، وفرض نفوذها وهيمنتها السياسية على دول المنطقة، بالطبع الى جانب المساهمة الكبيرة التي يقدمها هذا القطاع في ازدهار الاقتصاد الإسرائيلي.
والسؤال الذي يطرح نفسه ليس لماذا نجحت إسرائيل وفشل لبنان، بل السؤال هو كيف استطاعت إسرائيل التغلب على العوائق الكثيرة التي واجهتها في نقاشها مع الشركات المستثمرة قبل التوصل الى تسوية على خطة الغاز وبأية وسائل؟
من أهم المشكلات التي اعترضت خطة تصدير الغاز هي الاتفاق على توزيع الحصص بين الدولة المكلفة الدفاع عن حق كل فرد من مواطنيها في الاستفادة من الثروات الطبيعية، والشركات المستثمرة التي وظفت أموالاً ضخمة في التنقيب عن الغاز والتي تريد أن تضمن حصة كبيرة تؤمن لها استرجاع هذه الأموال وتحقيق أرباح مجدية. وقد دارت معركة طاحنة بين المؤسسات الرقابية في الدولة التي مهمتها حماية حقوق المواطن والمحاكم واللجان المختصة التي شكلتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من جهة، والشركات المستثمرة من جهة أخرى التي تملك جيشاً من المحامين ومجموعات ضغط وشركات علاقات عامة مهمتها الضغط على السياسيين الإسرائيليين وعلى الرأي العام والتأليب على الحكومة خدمة لمصالحها. وتصاعد الخلاف بين الجهتين الى حد دفع الشركات المستثمرة الى التهديد بمقاضاة دولة إسرائيل أمام محاكم التحكيم الدولية. وفي نهاية الأمر انصاعت حكومة نتنياهو لشروط الشركات وقبلت بتقاسم للحصص بين الاستهلاك المحلي والتصدير وللأرباح بما يضمن مصالح الشركات على المدى البعيد.
في دولة مثل لبنان تشهد يومياً انهيار مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، يبدو ان الغاز سيبقى مدفوناً وقتاً طويلاً في قاع البحر.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم