الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

ماثيو

حياة ابو فاضل
A+ A-

أما تعبت يا ماثيو بعدما مارست كل أساليب العنف والدمار على الجنوب الشرقي وعلى شرق الولايات المتحدة الأميركية حتى وصلت شمالاً إلى كارولينا، مقتلعاً كل ما يقف في طريقك من دون رحمة؟ من أين أتيت قبل أن تُمارس بطشاً يُشبه كثيراً ما يفعل إنساننا هنا في شرق أوسط نُخرّبه، تزّودنا مصانع الأسلحة الأميركيّة والأوروبيّة والروسيّة والإيرانيّة بأدوات الحرب كأنّنا وحدنا من يشتري نتاجها المُدمّر.


وهل بإمكانك أن تُحيل مثلنا مدينة حلب السوريّة كومة حجارة وتُراكم جثث رجال ونساء وأطفال، كما يفعل بالتحديد الثوّار المذهبيّون الذين يُريدون تغيير النظام منذ سنوات ست، وهناك من يُناضل معهم أو ضدّهم، وكلّهم من دون استثناء يُجاهدون في سبيل الله؟ وهل تحتاج الأعاصير التي تجتاح أميركا دوريّاً وتلك التي تجتاح بلدان الشرق الأقصى مُخلّفة الدمار، أتحتاج مراجع إلهيّة تُحارب في سبيلها؟
مرجعنا الخفي في حروبنا المذهبيّة إلهيّ، مُقدّس. فقبل كل عمليّة إبادة وتدمير نُقدم عليها نأتي على ذكر اسم الخالق. حتى في حياتنا العاديّة خارج حروبنا، في كل حوارنا لا نكفُّ عن الرجوع إلى مشيئة الخالق واستئذانه... فهل تتّبع الأعاصير نفس أسلوبنا المشرقي في إزاحة مسؤوليّة أدائنا عن كاهلنا لنحمّله إلى إرادة عُليا غير منظورة؟ إنّما في واقعنا المأسوي اليوم هي معروفة ومنظومة، فالمُخطّط لحروبنا "صهيونيّة عالميّة" تُسيطر على موارد دول الكوكب العُظمى وغير العُظمى، ولها عملاؤها وبرامجها التي تُخطّط لدمار يُعيد البلدان "الفريسة" إلى نقطة الصفر إقتصاديّاً وإعماريّاً وثقافيّاً، لاعبة على نقطة الضعف في كل مجتمع تريد تدميره. ونقطة ضعفنا: طوائفنا ومذاهبنا التي تُورّطنا في حروب شرسة، نختبر أحدها اليوم ونحن نبني شرق أوسط جديدّ!
وهل باستطاعتك، ماثيو، تدمير تجمّع بشري في صالة تقبّل تعازٍ بدم بارد كما فعل التحالف السعودي العربي في صنعاء، اليمن، بالأمس القريب فتحصد الناس وتُدمّر المكان بلا سبب إلّا تنفيذ ذاك المُخطّط الشرّي بالرغم من الأخوّة العربية بين الجاني والضحيّة، أما الخلاف فمذهبي داخل الطائفة الواحدة؟ ماثيو، أنت "هواء"، أحد عناصر الوجود الخمسة، وإن كنت إعصاراً ومخرِّباً، لا تكتمل الحياة من دونك... فهل هناك من يُحاسبك بعد كل جولة دمار تقوم بها مروِّعاً الإنسان وضارباً المكان؟
العصر عصر دمار، يبدأ من عندنا، من مهد الأديان السماويّة، نُصدّرها إلى كل زوايا الأرض، ونستورد وُنُصدِّر الإرهاب أيضاً... فإنسان اليوم لا يتوانى عن مُطلق ارتكاب. هناك مُخطّط أسود يُنفّذه المُحاربون، كل المحاربين... فهل تنفّذ أنت مُخطّطاً يا ماثيو، وهل قرعت المحبّة بابك يوماً، أم أنّك كإنسان الإرض متوحِّد، منفصم الوعي؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم