الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

13 تشرين: جوني رحل الى الأبد... والجميع ينتظر جهاد

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
13 تشرين: جوني رحل الى الأبد... والجميع ينتظر جهاد
13 تشرين: جوني رحل الى الأبد... والجميع ينتظر جهاد
A+ A-

"مشيت على درب الجلجلة طوال 20 عاماً، وذقتُ خلالها عذابات الكون، وفي النهاية صعقت بأن كل الآلام التي مررت بها والحدود التي اجتزتها لأعيد ابني إلى حضني انتهت بعودة جثته. توقف كابوس الانتظار وبدأ ألم الواقع، كُفِّن بالتراب ومعه أحلامي بقرب لقائه، وغمره ولمسه بيدي، اختفى في لحظة حقيقة عنوانها العريض رحل البطل وهرب الجبناء"... كلمات قالتها بلوعة مشتاق فيوليت ناصيف والدة جوني الرقيب في الجيش اللبناني الذي فُقِد وعدد كبير من زملاء السلاح في 13 تشرين الأول من العام 1990.



لم تكن فيوليت راضية على تطوّع ابنها في الجيش مع الجنرال ميشال عون، وقالت "اعتقدت انه سيُرفَض طلبه كونه كان في عمر الخامسة عشرة، لأفاجأ بقبوله، ربما لأنه كان جسيم البنية، الا انه في ذلك الحين لم يكونوا يبالون بالاعمار، بل يوافقون على تطوّع ايٍّ كان، فخاض حرب التحرير ضمن الكتيبة 102 في ضهر الوحش، وحصل ما لم يكن في الحسبان".



"نبش" الجثث
مشت بين القنابل، وعبرت الحواجز يوميًّا للاطمئنان عن ابنها "الذي رُقِّي خلال عامين الى رتبة رقيب" كما قالت مضيفة "قبل يوم من اختفائه، جلست وإياه، فأخبرني انهم قد يتعرّضون لهجوم. فطلبتُ منه العودة الى المنزل لكن قيادته رفضت. وما هي إلا ساعات قليلة، حتى حصل الهجوم... ورحت انبش الجثث علّي اجده بينها، زرت كل المستشفيات، لأعلم بعدها انه معتقل لدى الجيش السوري"، الذي هاجم رمزَي الجمهورية في لبنان قصر بعبدا ووزارة الدفاع ومناطق نفوذ العماد ميشال عون.



 زارت فيوليت ولدها مرتين بعد اختفائه "واحدة في الفروع الامنية في سوريا، والثانية في احد سجونها عام 1994. لم استطع لمسه او الحديث معه، كان في حالة يرثى لها، والحراس بيننا، كل الكلمات تعجز عن وصف تلك اللحظات، فالبطل الذي يشهد له جميع زملائه، أسير سجّانين لا يرحمون، محروم من أبسط الحقوق ومن دولة تطالب بأبنائها".



"لن أسامح"
في العام 2009 أعيد جوني من سوريا جسداً من دون روح، طلبت قيادة الجيش من والديه القيام بفحص الحمض النووي للتأكد من ان الجثة تعود إليه، "بعد شهر أجرينا الفحص عدة مرات،  ولم يكن في المقبرة الجماعية في وزارة الدفاع كما اشيع، ورغم تثبتنا ان الجثة تعود له الا ان والده الى الآن يرفض التصديق بأن جوني رحل الى الأبد ولن يعود الى منزله والجلوس بين أشقائه".



"لن اسامح الجنرال عون الذي وعدني خلال زيارته في فرنسا بفتح ملف المفقودين في سوريا عند عودته الى لبنان"، قالت فيوليت قبل ان تضيف "أيام الوصاية السورية كان اهالي المفقودين يتسلّمون جثث ابنائهم من دون ان يتمكنوا من الحديث للاعلام بسبب اوامر صارمة من تلك الجهات، واليوم تعاني امهات جدد من فقدان ابنائهن في البلد عينه ولا احد يحرك ساكناً".



خرج ولم يعد
اذا كانت رحلة عائلة ناصيف في البحث عن فلذة كبدها انتهت بسيناريو مفجع، فإن رحلة عائلة عيد وغيرها من العائلات التي فقدت ابنائها في ذلك اليوم الاسود، لا تزال من دون نهاية، صونيا والدة جهاد عيد أعادت في اتصال مع "النهار" شريط العذاب الذي مرّت به ولا تزال منذ عام 1990 وقالت: "في ذلك اليوم كان ابني نائماً في المنزل، طلب من شقيقته أن توقظه عند الساعة الحادية عشرة مساءً، لكنه استيقظ عند بدء القصف في الساعة السابعة، لبس بذته العسكرية وسارع للانضمام الى زملائه في منطقة الحدت، رغم كل محاولات ممانعتنا لابقائه في المنزل لكنه للاسف خرج ولم يعد".



أصيب جهاد في كتفه "علمت انه تم نقله الى مستشفى السانت تيريز، حين وصلت كان قد اعتقل من قبل الجيش السوري ونقل الى الـ"بوريفاج"، قبل ان يحوّل الى عنجر ومنها الى سوريا، لم اترك باب مسؤول الا طرقته، ودفعت جميع ما أملك من اجل الحصول على معلومة عن مكان وجوده، وقصدت السجون السورية علّي أكحل عيناي برؤيته، والى الآن لا زلت أبحث عنه فهو روحي التي انتزعت مني وأنا على قيد الحياة".



لم تفقد صونيا الأمل في انتهاء الكابوس يوماً ما وعودة جهاد الى حضنها ليكملا حلماً طالما راودها، وهو ان تضمه الى حضنها من دون أن تتركه هذه المرة ولو لحظة!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم