الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

خطب كثيرة، عضلات أكثر

راشد فايد
خطب كثيرة، عضلات أكثر
خطب كثيرة، عضلات أكثر
A+ A-

نجح اللبنانيون في تحويل حياتهم السياسية الى مسرحية هزلية، كل يجد فيها ما يسره، ويظهر بطولته المزعومة: بعض يشغل البال الوطني العام بحزورة كقول بري ان بينه وبين جعجع سرا لن يبوح به. وآخر يعتزم الحج والناس عائدة، فيعلن ولادة "سرايا التوحيد"، التي لا نعرف ما اذا كان هدفها توحيد الطائفة، أم الجبل، ام المسلمين عموماً. فيما لا شيء يؤشر الى مخاطر على مطلقها، حتى تكاد تظهر كتهديد مضمر كـ"القمصان السود" الشهيرة.


ولا يخرج عن المسرحية الهزلية، كلام الوزير جبران باسيل، باسم تياره وعمه، عن استحالة رؤيتهم "زاحفين" الى بعبدا، فيتساءل السامع، من يطلب منهم الزحف، شريكهم الحزب، أم حليف حليفهم، فيما الأول، بلسان الشيخ نعيم قاسم، يبرئ نفسه من ذلك، ويكاد يقول عن علاقة الحزب ببري وعون، كما قال أمينه العام عن ترشيحَي ميشال عون وسليمان فرنجية "هيدا عيني وهيدا عيني".
لا دخان بلا نار ولا سر بغير وشوشة، ولا "سرايا" بلا مهمة مشبوهة، ولا خوف من زحف لو استقامت الديموقراطية، ولا داعي لاسترضاء الحليف وحليف الحليف، لو لم يكن وراء الاكمة ما وراءها.
من يصمت على تعرية الديموقراطية، ويصفق لمن يطوعها على مقاس مصلحته، وأهداف من يديره ويوجه سلاحه، إلى حد المفاخرة بأبوة عبارة "one way ticket"، لا يملك أن يعترض على الزحف، إلا إذا صدّق أن "ورقة التفاهم" ليست صك ذمية في سلطنة فارسية لا عثمانية، أو اعتقد أنه بعضلاته يحقق نجاحاته ضد الدستور والتشريع، ويعطل انتخاب رئيس منذ ما يشارف العامين ونصف العام.
وتعطيل الحياة السياسية بدأ منذ أذيعت الورقة الشهيرة، إذ غطت "القمصان السود"، وقبلها بدعة "الثلث المعطل" والوزير الملك، وفرض رئيس حكومة ليست له الأولوية لتشكيلها، وامتد فائض القوة إلى ما وراء الحدود، وجُر اللبنانيون إلى كهوف الصمت على جرائم سلاح "حزب الله" الإقليمي، لكأنه من طبيعة التركيبة الوطنية، فصار قوة أمن في الداخل اللبناني، وقوة إقليمية في المنطقة العربية، لا يناقش دورها، لا هنا ولا هناك.
برغم ذلك، تفاقمت المزايدات، لدى أهل السلاح وحلفائهم، في مديح قوى الجيش والأمن، فيما يقاسمونها الإمرة الفعلية على الأرض، ويفرضون "فهمهم" عليها، كما الحال في صيدا أمس، فيما من ينظمون القصائد في تقريظ "سياج الوطن"، ويصدحون بأناشيد التمسك به، يعلنون، بلا سبب ظاهر، السير في مناكب ميليشيا الحزب، وتأسيس "سرايا التوحيد" قبل أسابيع من انتخاب عون للرئاسة، إذا صح منامه، كأن ذلك هدية مفخخة، أو إشارة إلى أن دخول بعبدا أمر يخصه، لكن إدارة الحكم لمن جاء به على جثة الدستور.
من الآن وحتى اليوم الموعود، خطب كثيرة ستدبج، وعضلات كثيرة ستعرض.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم