الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أعداد المنتسبين إلى الأحزاب في لبنان تظل مجهولة الدعاية وشركات الإحصاء تنسج وتنفخ الأحجام

بيار عطاالله
أعداد المنتسبين إلى الأحزاب في لبنان تظل مجهولة الدعاية وشركات الإحصاء تنسج وتنفخ الأحجام
أعداد المنتسبين إلى الأحزاب في لبنان تظل مجهولة الدعاية وشركات الإحصاء تنسج وتنفخ الأحجام
A+ A-

لا تقدم شركات استطلاع الرأي أعداد المنتسبين الى الأحزاب في لبنان، بل نسب حجم التأييد الذي تحظى به فكرة معينة او حزب ما، علماً ان النسبة الأكبر من المواطنين غير منتمية حزبياً، ولا أعداد ثابتة في هذا المجال، خصوصاً متى كان الأمر يتعلق بحالة معينة متحولة، واستطراداً يبدو الكلام على أعداد المنتسبين ضرباً من التنظير في عالم الأعداد استناداً الى تصريحات مسؤولي هذه الاحزاب والتيارات والجمعيات، الامر الذي يحتمل الكثير من التأويل وإعادة النظر قبل تحديد الأحجام.


قبل مدة، طالب رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون بعدم اعطاء ترخيص لأي حزب لا يضم كل مكونات المجتمع، وكان يقصد اعطاء هوية وطنية – جامعة للاحزاب والابتعاد بها عن الفئوية والمذهبية، بعدما اصبح "حزب الله" و حركة "أمل" للشيعة، و"تيار المستقبل" للسُنّة عموماً، والكتائب و "القوات" و"التيار الوطني الحر" للمسيحيين، والحزب التقدمي الاشتراكي للدروز، وهكذا دواليك رغم نتوءات وانتماءات حزبية من طوائف اخرى في أجسام هذه التيارات والاحزاب. أراد شمعون بمطالبته تقديم حزب الوطنيين الأحرار عابراً للطوائف الامر الذي لم يعد يتوافر كثيرا في أحزاب كانت موصومة بطابع اليمين والانضواء في "الجبهة اللبنانية"، على نقيض الحزب الشيوعي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي العابرين للطوائف فعلاً واللذين يلتزمان العلمانية في مسارهما السياسي. وتشير المادة 13 من الدستور اللبناني بكل وضوح الى حرية الاجتماع وتأليف الجمعيات ضمن دائرة القانون. ما يعني ان لا عوائق امام تشكيل احزاب وجمعيات تضم كل الطوائف كما هي حال القوميين والشيوعيين، بل المشكلة في الأحزاب التي تختار هويتها وفكرها وخطها السياسي والطائفي على قاعدة الولاءات الطائفية والمذهبية والحاجة الى شد عصب الطائفة المجتمعي في مواجهة المشاريع الأخرى.
ويذكّر وزير الداخلية السابق زياد بارود بأن قانون الجمعيات الصادر العام 1909 عن السلطات العثمانية التي كانت تحتل بلادنا، والمستنسخ عن القانون الفرنسي الشهير 1901 لا يزال ساري المفعول في التعامل مع الأحزاب والجمعيات اللبنانية من دون استثناء. ويشرح ان هذا القانون بنسخه الفرنسية والعثمانية واللبنانية لا يتحدث عن العنصر واللون والطائفة والمذهب والمنطقة لا من قريب ولا من بعيد، وكل ما يجري بعد الاستحصال على العلم والخبر من وزارة الداخلية هو من مسؤولية الأحزاب والقائمين عليها، علماً ان محاولات جرت لادخال تعديلات على هذا القانون خلال العامين 1974 و 1983 بهدف اعتماد مبدأ التنوع الطائفي، لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق.
وقد يكون الأسوأ من تطييف الاحزاب والجمعيات والتيارات وجعلها حكراً على اكثريات طائفية ومذهبية معينة، هو تسليم هذه الاحزاب والتيارات والجمعيات الى سلالات عائلية تتوارث رئاستها من جيل الى جيل في "نيو إقطاعية" مقنّعة لا سابق لها في تاريخ العمل الحزبي الحديث، حيث تستمر العائلات السياسية اللبنانية في تجديد إرثها السياسي تحت عناوين وطنية وشعارات سياسية جديدة.
واستطراداً في ملف الاحزاب والمنتسبين اليها وما اذا كانوا من طائفة واحدة وخط مذهبي واحد، لا يظهر عدد واضح للجمعيات الحاصلة على علم وخبر، وإن كان الوزير بارود يتحدث عرضاً وبالعامية عن 5000 جمعية واكثر ربما. والأكيد كذلك ان أي حزب لا يقدم كشفاً واضحاً بعدد المحازبين المنتسبين رسمياً الى صفوفه، والامر لا يخلو من مبالغات ودفع الى تضخيم الأعداد بهدف اظهار القوة واستقطاب الشعبية من دون دليل حسي او ملموس. "التيار الوطني الحر" مثلاً يتحدث عن 40 الف منتسب على كل الاراضي اللبنانية، أما "القوات" فتتحدث عن اكثر من 30 الفاً والكتائب تشير الى آلاف المنتسبين، والأرجح ان يكون العدد في حدود 15 الفاً من دون الأنصار والمؤيدين ومَن لم يجددوا بطاقات انتسابهم. لكن هذه الأعداد المبهمة والتي تتحمل التأويل وترشح عن الاحزاب ذات الغالبية المسيحية، تبقى سراً غامضاً في جهة "حزب الله" او الحزب التقدمي الاشتراكي او حركة "أمل" و "تيار المستقبل".
اما على جهة وزارة الداخلية فلا معلومات ولا أعداد واضحة عن اعداد المنتسبين الى الاحزاب والجمعيات، وغالبية الاحزاب لا تكترث لتقديم لوائح بأسماء محازبيها، والاستثناء البسيط هو قيام بعض الاحزاب بتقديم لوائح بأسماء أعضاء هيئاتها القيادية والمسؤولين تجاه الداخلية. ويقول العارفون أن دوائر وزارة الداخلية تتلقى احياناً بعض الكشوف المالية بموازنات بعض الأحزاب، والارجح انها موازنات وهمية يضاف اليها بعض لوائح الهيئات القيادية التي يرجح انها وهمية ايضاً، وذلك لحاجة بعض الجمعيات السياسية او الاحزاب الى الاستدانة من المصارف لتمويل نشاط معين او ما شابه. وهذا ما لا ينطبق على غالبية الاحزاب التي تملك مصادر تمويلها وحركتها المالية اللاشرعية، بعيداً عن اي ضوابط او قوانين مصرفية وغيرها. فهل قلت قانون ولوائح منتسبين؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم