السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الخلافات الكبيرة بين واشنطن وموسكو

عبد الكريم أبو النصر
الخلافات الكبيرة بين واشنطن وموسكو
الخلافات الكبيرة بين واشنطن وموسكو
A+ A-

مسؤول أوروبي معني بالملف السوري اعترف خلال لقاء معه في باريس بأن "وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان يكرر باستمرار أمام حلفائه وطوال أكثر من ثلاثة أعوام أن التعاون الأميركي – الروسي هو الخيار الأفضل لإنهاء الحرب وحل النزاع في سوريا. وموقف كيري هذا صحيح اذ أن روسيا عاجزة وحدها أو مع حلفائها عن انهاء الحرب وحل النزاع وأميركا أيضاً عاجزة وحدها أو مع حلفائها عن تحقيق هذا الهدف. لكن القيادة الروسية استغلت هذا التعاون من أجل تعزيز قبضتها على سوريا ودعم خيار الرئيس بشار الأسد مواصلة الحرب ضد المعارضة حتى النهاية فامتنعت عن تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقات مع الأميركيين وتصرفت على أساس أنها القوية في سوريا وأن أميركا ضعيفة لأن الرئيس باراك أوباما يرفض استخدام القوة العسكرية من أجل ضمان تنفيذ التفاهمات مع موسكو. وتحول التعاون عقبة أمام الحل السياسي فقررت الإدارة الأميركية هذا الاسبوع وقف الاتصالات والتعاون مع القيادة الروسية في سوريا محتفظة لذاتها بحق اتخاذ القرارات والاجراءات المناسبة من غير التنسيق مع الروس. وهذا قرار كبير ستكون له تداعيات ومضاعفات عدة".
وقال المسؤول الأوروبي إن "التعاون الأميركي – الروسي تحوّل خلافاً بين الطرفين على طريقة تطبيق الاتفاق الأخير المعقود بينهما. فواشنطن تريد أن يكون هذا الاتفاق مدخلاً الى ايجاد الظروف المناسبة لمواصلة المفاوضات في جنيف بين وفدي النظام والمعارضة بهدف مناقشة قضية انتقال السلطة الى نظام جديد تعددي تطبيقاً للقرارات والتفاهمات الدولية التي شارك الروس في صوغها، وقد تبنت ضمن هذا النطاق موقف المعارضة المطالب بوقف القتال وضمان وصول المساعدات الانسانية الى السوريين المحاصرين قبل عقد جولة جديدة من المفاوضات في جنيف. أما موسكو، فتريد أن يكون هذا الاتفاق وسيلة لتعزيز مواقع نظام الأسد ولإضعاف المعارضة وعلى هذا الأساس أعطت الأولوية لضرورة فصل المعارضة المعتدلة عن التنظيمات الارهابية وهو هدف غير قابل للتنفيذ فعلاً ما دام النظام يواصل عملياته الحربية ويمنع وصول المساعدات الانسانية الى المحاصرين في حلب وسائر المناطق".
وشدد المسؤول الأوروبي على أن الخلافات بين واشنطن وموسكو تتجاوز معركة حلب وطريقة تطبيق الاتفاق الاميركي – الروسي وتتركز على ثلاث قضايا أساسية هي الآتية:
أولاً، تتمسك الادارة الأميركية بضرورة التفاهم مع موسكو على قيام نظام جديد تعددي لإنهاء الحرب في سوريا وحلّ النزاع إذ ليس ممكناً وواقعياً الحفاظ على النظام الذي فجّر الحرب الكارثية ضد شعبه المحتج والتعاون معه من أجل بناء سوريا جديدة في مرحلة السلام والاستقرار وإعادة البناء.
وتطالب واشنطن بأن يكون مصير الأسد موضع بحث في المفاوضات مع المعارضة المعتدلة وأن يتخذ في شأنه القرار المناسب الذي يلقى دعماً داخلياً واقليمياً ودولياً واسعاً والمنسجم مع الحاجة الى قيام نظام جديد يضمن الحقوق المشروعة لجميع السوريين. وترفض موسكو هذا الطلب.
ثانياً، شددت الادارة الاميركية في مفاوضاتها مع الروس على أن النظام الجديد يجب أن يرتكز على قاعدتين أساسيتين: الأولى ضرورة تقاسم السلطة بين مكونات الشعب على أسس جديدة تضمن في وقت واحد الحقوق المشروعة للغالبية وللأقليات، الثانية ضرورة تحقيق مصالحة وطنية شاملة بين السوريين الأمر الذي يتطلب تسوية المشاكل الهائلة وتداعيات الحرب بطريقة عادلة ومتوازنة. وترفض موسكو حتى الآن هذا الموقف الأميركي.
ثالثاً، تتمسك الإدارة الاميركية بضرورة حماية قوى المعارضة المعتدلة الداعمة للحل السياسي من أجل أن تكون الشريك الأساسي الثاني في مفاوضات السلام مع ممثلي النظام استناداً الى بيان جنيف للعام 2012 والى قرار مجلس الأمن الرقم 2254. في المقابل، تحاول موسكو بوسائل متنوعة اضعاف دور المعارضة المعترف بها اقليمياً ودولياً على نطاق واسع وفرض وجود "معارضين" يخضعون للروس وللأسد على طاولة المفاوضات.
وحذّر المسؤول الأوروبي من أنه "اذا انتهى التعاون الاميركي – الروسي فعلاً وحاولت كل من الدولتين الكبيرتين الانتصار على الأخرى أو فرض شروطها عليها فإن الحرب ستتواصل الى ما لانهاية ولن ينتصر فيها أي طرف وستدفع سوريا ثمناً أكبر بكثير مما دفعته مع شعبها حتى الآن. والدول التي كانت تنتقد التعاون الأميركي – الروسي باتت الآن تتمسك به وتشدد في المقابل على ضرورة تصحيحه بطريقة تضمن تنفيذ القرارات المتخذة من أجل انهاء الحرب وحل النزاع سلمياً".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم