الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"السيّدة القائد" نعمت شفيق أول مديرة لمعهد إدارة الأعمال في لندن

المصدر: الغارديان، فايناشيل تايمز، رويترز، الإندبندت، "اليوم السابع"
روزيت فاضل @rosettefadel
"السيّدة القائد" نعمت شفيق أول مديرة لمعهد إدارة الأعمال في لندن
"السيّدة القائد" نعمت شفيق أول مديرة لمعهد إدارة الأعمال في لندن
A+ A-

إذا قرأت سيرة نعمت شفيق، التي عُيّنت أول إمرأة تدير معهد إدارة الأعمال في لندن منذ تأسيسه، تشعر بحزن كبير لفرص العمل والوصول الى المراكز في لبنان وعالمنا العربي المرتبطة بالولاء للحزب والطائفة والتبعية... أما المرأة في لبنان، التي غيّبت نفسها عن العملين الحزبي والسياسي، لتنجح في قطاعات اقتصادية ومالية وتربوية، فإنها لن تسير على خطى نعمت شفيق إلا إذا آمنت المرأة بالمرأة وتخطّينا العقلية الذكورية والعشائرية السائدة في العقل الباطني لكثيرين.


ويترافق هذا التغيير مع منهجية عمل بعض الجمعيات النسائية التي فاتها قطار الحداثة والتغيير. فالمطلوب منها تصويب عمل بيتها الداخلي والابتعاد عن الشخصنة في البيانات الصحافية الصادرة عنها لتكون على مستوى التحديات التي تعوق التكامل بين المرأة والرجل في لبنان.
لنعد إلى نعمت شفيق. ضجت الصحف المصرية في خبر تعيين نعمت شفيق (54 عاماً) في هذا المنصب والذي تتبوَّؤه أول إمرأة في تاريخ معهد إدارة الأعمال في لندن منذ تأسيسه إلى اليوم. لا يقتصر نجاحها فقط على هذه المسؤولية بل يتعداه ليشمل مسيرة نجاح في مناصب اقتصادية ريادية عدة.
أما الصحف المحلية البريطانية فقد وصفتها بأنها إمرأة قوية وثابتة في خطاها، خصوصاً بعد أن اختارتها مجلة "فوربس" من النساء الأكثر نفوذاً في العالم لعام 2015 ، وذلك ضمن قائمة احتلت المركز الأول فيها المستشارة الأمانية أنجيلا ميركل. ولم تتردّد المجلة ذاتها في اعتبارها للعام الثاني أي في الـ 2016 ضمن قائمة الـ 100 امرأة الأكثر نفوذاً في العالم حيث حلت في المرتبة الـ 59.



تخطّي المستحيل
إن تمايز شفيق في الحياة المهنية يعود إلى إرادتها في تخطّي المستحيل. لا شك أن مناخ بريطانيا، الذي يعكس قصص نجاحات عدة، طوّر لديها حوافز عدة للوصول إلى المستحيل.
شكّل واقعها العائلي المتواضع جداً دافعاً أساسياً لرفض واقع الفقر والعوز والاهتمام بقضايا التنمية الاجتماعية. فقد عانت شفيق الفتاة الإسكندرانية من خسارة والدها الفادحة لأملاكه من خلال تأميمها في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر. إرتأى الوالد أن يتوجه وعائلته إلى الولايات المتحدة لبدء صفحة جديدة. لكنها عادت إلى مصر في سن المراهقة والتحقت بالجامعة الأميركية في القاهرة. لم تكمل سنتها الجامعية الأولى حتى جاءتها فرصة ذهبية للالتحاق بجامعة "ماساتشوستس أمهرست" في الولايات المتحدة لتكمل دراستها في الاقتصاد والسياسة.
تحدثت عن شغفها بقضايا التنمية الاقتصادية في لقاء جمعها مع طلاب جامعة كاليفورنيا في بيركلي في العام 2001. وذكرت أنها خصّصت اهتماماً خاصاً في هذا الجانب لأنها واكبت مع عائلتها حقيقة ما جرى خلال تأميم ممتلكاتها. وشرحت بإسهاب صراع التجربة الذي كان له أثر خاص في حياتها، معتبرة أن الفقر الذي كان يحيط ببلدها الأم مصر شكل لها دافعاً رئيسياً للعمل في ملفات عدة منها تنمية القضايا الاجتماعية.
وقد ترجمت هذا الميل الشغوف في قضايا التنمية من خلال عملها في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مكتبها في القاهرة، لمدة عامين كاملين. لكن توقها للدراسة دفعها لتحصيل شهادة ماستر في الاقتصاد في معهد إدارة الأعمال في لندن تلاه دكتوراه في الاقتصاد من كلية "سانت أنتوني" في جامعة أوكسفورد.



السيدة القائد
في عام 2015 منحتها الملكة إليزابيث لقب "السيدة القائد" تقديراً لكل إنجازتها في اقتصاد العالم. كما خصها رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون بمنصب عضو مجلس أمناء المتحف البريطاني لمدة 4 أعوام.
هي اليوم نائبة محافظ بنك إنكلترا منذ آب 2014 إلى 31 تموز 2019. لن تكمل هذه المسؤولية المصرفية لأنها تتهيأ لتسلمّ منصبها الجديد في معهد إدارة الأعمال في لندن.
أصبحت شفيق، التي تزوجت العام 2002 وأنجبت طفلين، أصغر نائب لرئيس البنك الدولي وذلك عام 2004. كانت مسؤولة وهي في الـ 36 من عمرها عن تحسين أداء القطاع الخاص المصرفي واستثمارات بقيمة 50 مليار دولار. وما لبثت أن تسلمت إدارة المجموعات الدولية، لتقديم المشورة بشأن السياسات العامة، والديون والاستثمارات في الأسهم. تعاونت في هذا المجال مع مؤسسة التمويل الدولية في مجالات النفط والغاز والتعدين والاتصالات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتمويل المشاريع وضماناتها.



من بريطانيا إلى... صندوق النقد الدولي
كان لشفيق، التي يفضل الغربيون مناداتها بـ "مينوشي"، حصة وافرة من المناصب الرئيسية في بريطانيا. إذ عُيّنت في آذار 2008 سكرتيرًا دائمًا لوزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة. وتمكنت هناك من خلال مهامها كرئيسة تنفيذية لقسم برنامج المساعدات الثنائية في أكثر من 100 دولة، من إقرار سياسات متعددة الأطراف وتطوير السياسات العامة والبحوث ومد التعاون وتطويره مع جمعيات دولية. وإختصر وزير التنمية الدولية كفاياتها في هذا المجال في خلال فترة ولايتها من آذار 2008 إلى آذار 2011 بالقول انها "قائد دولي في التنمية".
من المحطات اللافتة في حياتها، عملها كنائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي من العام 2011 إلى العام 2014. وقد أثبتت نفسها عندما باتت مسؤولة عن عمل صندوق النقد الدولي في أوروبا والشرق الأوسط. وتوسعت دائرة عملها لتشمل إدارتها لموازنة تصل إلى مليار دولار لصندوق النقد الدولي وصولاً إلى إدارتها لسياسات الموارد البشرية لـ 3000 موظف.
كان لها دور ريادي في توفير الدعم الفنّي، والعمل على تدريب الكوادر البشرية في الصندوق، على النظم السليمة العلمية والنظرية مع مسائل اقتصادية فضلاً عن شرحها المسهب لأهمية الاستقرار المالي.



هذه المرأة الحديدية رأست مجلس إدارة صندوق النقد الدولي ونجحت في تمثيله في المنتديات العالمية. ومن المفارقات المهمة في مسيرتها أنها نجحت في الحلول مكان رئيس صندوق النقد الدولي السابق "دومينيك ستراوس-كان" في اجتماع مهم لمنطقة الأورو، بعد توقيفه بتهمة التحرّش الجنسي. وقد تزامن حضورها في هذا الاجتماع مع أزمتين، الأولى اقتصادية ومالية تضرب منطقة الأورو، والثانية في ذروة المحادثات عن مصير السندات اليونانية. ولم تتردد مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لا غارد من القول إنها "قائدة رائعة تتمتع بالإخلاص والنزاهة. "





 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم