الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الفلسطينيون متهمون بالتطهير العرقي ! يا لسخرية القدر

أمين عاطف صليبا
A+ A-

فعلاً نحن في الزمن الرديء، حيث يرضى القتيل ولا يرضى القاتل، شريعة الغاب هي السائدة، والنظام الدولي والعربي كلاهما في سبات قاتل ومشكوك بخلفياته.ما هي قصة هذا الاتهام؟ القضية بدأت مع نشر تقرير المنسق الدولي لعملية السلام في الشرق الأوسط السيد "ملادينوف" الذي قدّمه الى مجلس الأمن وتطرق فيه الى ما يأتي: "إنّ البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهرين الماضيين، وكذلك ارتفاع ملحوظ في عمليات هدم منازل الفلسطينيين التي تنفذها اسرائيل"، ليخلص التقرير الى التحذير الآتي: "إنّ ما تقوم به اسرائيل من استيطان وهدم لمنازل الفلسطينيين يشكّل عقبة حقيقية أمام عملية السلام". إزاء هذا المضمون، سارع مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي الى انتقاد هذا التقرير، ووصّفه بأنه "سخيف وعبثي".
ولم يقتصر الأمر على مثل هذا الوصف الصادر في وجه مضمون تقرير أُممي، بل تجاوز ذلك، وبكل صلافة الى القول: "إنّ الحديث عن الاستيطان في الضفة الغربية والقدس غير قانوني ويشكّل عقبة أمام عملية السلام، وهو استمرار للمحاولات المتواصلة لإنكار الارتباط التاريخي لليهود بأرضهم وبلادهم، والرفض العنيد للاعتراف بأنهم ليسوا أجانب في بلدهم".وطالب مكتب رئيس الحكومة بـ"إدانة الموقف الفلسطيني الذي يدعو الى التطهير العرقي لليهود من الدولة الفلسطينية المستقبلية...".
إنّ مثل هذا الموقف يؤكد صلافة الفكر الاسرائيلي، وعدم إعتباره لأي موقع أممي، حتى من هو في قمة المراتب، عنيت به مجلس الأمن، لأنّه من الواضح أنّ اسرائيل لا تقيم أي وزن لموقع الأمة العربية، جامعةً ودولاً، لأنّ غالبية هؤلاء قد نسوا أو تناسوا القضية الفلسطينية وشعبها المُشرّد، والمغلوب على أمره داخل فلسطين. إنّ هذا الاعلان ينسف قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة المُتخذ في تاريخ 29\\12\\2012، والذي اعترف بدولة فلسطين بحدود 1967 وعاصمتها القدس، تاركاً إياه قابعاً في أرشيف الجمعية العمومية، في موت سريري. بكل صراحة وواقعية، هذا التغييب لا يشكُل لنا أي تعجب، لأنّ الكثير من القرارات المتعلقة بفلسطين، بقيت حبراً على ورق، بدءاً بقرار تقسيم فلسطين عام 1948 لغاية اليوم.
إنني لا أعوّل على قرارات الهيئات الدولية، لأنها في النهاية لا تنفَّذ طالما هي تتعارض والأهداف والخطط الاسرائيلية، لكنني ومن باب التحذير، ألفت المتابعين والمحللين، الى وجوب التوقف عند ما ورد في بيان مكتب نتنياهو، حول [المحاولات المتواصلة لإنكار الارتباط التاريخي لليهود بأرضهم وبلدهم] لأنّ مثل هذا التوصيف يُحرّك فيَّ نقزة مُحقّة، مفادها أنه من يضمن لي مستقبلاً بأن لا تتوسل اسرائيل كلمة "إنكار" أسوة بإنكار المحرقة اليهودية، لكي تتزاحم التشريعات الدولية، التي تدين وتجرّم إنكار حق الشعب اليهودي في بلده وأرضه، وذلك إرضاءً لاسرائيل. نعم هنا تكمن الخطورة، ويتبلور خطر هذا التوصيف الذي سيمر في أروقة مجلس الأمن والهيئة العامة، بشكل طبيعي، لكي يؤسس عليه لاحقاً لإصدار تشريعات دولية تُلحق الأذى والضرر بالشعب الفلسطيني وبحقوقه التي ينتهكها يومياُ الاسرائيليون دون حسيب أو رقيب، وهل منكم من يُقنعني بأنّ هدم البيوت، ليس سوى وجه بغيض من شريعة الغاب التي تنتهجها اسرائيل حيال الشعب الفلسطيني.
بربكم لا تقولوا لي أنتظر قد يستفيق يوماً المارد العربي، ويعمل على تقويض كل ما بنته اسرائيل. أجيب هذا الوعد قد يصلح للمؤمنين، ولأيام المعجزات! لكنه قطعاً لا يصلح لمن يعيش هذا الواقع المؤلم، غير المسبوق على الصعيد الدولي، لأنّ الواقع العربي، وقبل هذا التشرذم المشبوه، كان في خبر كان.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم