السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

اشجار الأرز الدهرية في غابة القلة أعالي جرد بلدة حرار - عكار.. تعاني

المصدر: "النهار"
ميشال حلاق
اشجار الأرز الدهرية في غابة القلة أعالي جرد بلدة حرار - عكار.. تعاني
اشجار الأرز الدهرية في غابة القلة أعالي جرد بلدة حرار - عكار.. تعاني
A+ A-

عكار/ميشال حلاق
القسم الأكبر من المسؤولين اللبنانيين لا يعرفون القلّة والعوز ولم يختبروهما يوماً، وهم بالتالي غير معنيين بما قد يسببانه بحسب المثل السائر (القلة بتسبب النقار).
ولكن الحديث هنا ليس عن القلة بمعناها الحقيقي أي عدم الوفرة، إنما غابة القلة أعالي جرد عكار، التي لطالما عرفت بغناها وتنوعها الايكولوجي ووجود شجر الارز فيها منذ أن ولد الارز.
وغابة القلة هي الأخرى لم يعرفها المسؤولون ايضاً وبكل تأكيد لم يختبروا روعتها وجمالها. وتالياً هم ايضاً غير مبالين أو معنيين بما تتعرض له هذه الغابة الجبلية منذ أكثر من 25 سنة لاعتداءات منظمة حيث انها وعلى مدى هذه السنوات قد خسرت اكثر من 45 في المئة من غطائها الحرجي، وفي مقدمها اشجار الارز الدهرية فيها ذلك أن طن حطب الارز يباع في السوق اللبنانية ما بين الـ 700 الف والمليون ليرة لبنانية. ومناشير الحطابين مسترسلة بفعلها الجهنمي حيث لا من يحاسب ولا من يراقب، وآخرها اجتثاث اكثر من 12 شجرة أرز من جذوعها وتركت اغصانها في حرم الغابة فقط كعلامة أن الحطابين قد مروا من هنا تماماً على نسق العلامات التي كان يتركها المقاتلون زمن الحرب البشعة.
وذنب غابة القلة موقعها الجغرافي أنها بعيدة من الاعين عند تخوم منطقتي عكار والهرمل، وان كانت مصنفة عقارياً من ضمن النطاق الجغرافي لبلدة حرار العكارية.
فريق من الناشطين البيئين العامل على رسم الدروب الجبلية في اطار جهود تبذل لتنشيط السياحة البيئية في اعالي جبال عكار، كان قد عاين المجازر المرتكبة بحق اشجار غابة القلة (ارز، شوح، لزاب بشكل اساسي ) وابدى الفريق دهشته لمدى الظلم اللاحق بهذه الغابة التي تعتبر اشجارها من أمّات أشجار لبنان. وهي كانت الاكثر كثافة، ولكن، ويا للاسف، ومع مرور الزمن أصبحت القلة اسماً على مسمى وتعيش واقعاً لا تحسد عليه ورقعتها الخضراء الى تقلص مستمر والتشوهات فيها مقلقة للغاية.
ويرى الناشطون ضرورة قصوى بأن تعلن حالة طوارىء بيئية لحماية هذه الغابة ومثيلاتها في محافظة عكار. فالأمور اذا ما استمرت على ما هي عليه، فإن السنوات العشر القادمة كفيلة بانهاء غابة القلة خصوصاً عن خارطة المناطق الحرجية في لبنان، ولا سيما غابة الارز فيها، وهذه بحد ذاتها لعنة ستلاحق كل مقصر في سبيل حمايتها.


ويروي الناشطون مشاهداتهم على النحو التالي: في الطريق الى غابة القلة وعلى مدخلها الشرقي من ناحية جرد حرار، اشجار الارز المعمرة منتشرة إلى جانبي الطريق. وعند الوصول الى عمق الغابة المنطقة الاكثر كثافة بأشجار الارز وعلى مساحة تزيد على 5 كيلومترات مربعة تتكشف بشاعة المنظر حيث إنه، ومن الجهات الاربع، لهذا الموقع قد تبخر الغطاء الحرجي والنباتي تماماً وتنتشر في حرم غابة الارز جذوع الاشجار التي اجتثت واغصانها مرمية الى جوارها والتي لا تزال خير شاهد على مجازر تلك المنطقة الرائعة .
وفي الطريق صعوداً الى اعلى قمة جبل القلة للتمتع بمناظره الخلابة نعبر منطقة صخرية وعرة جداً ليتبين بأن مئات الاشجار قد اختفت، وما بقي من جذوعها ملاصقاً بالارض بات اشبه بالصخور الناتئة.
ومن الملاحظ أن عملية القطع تتم بشكل مدروس للغاية حيث إن طرقات قد شقت الى عمق هذه الغابة كي يتثنى للحطابين ومشغليهم نقل هذه الكمية الكبيرة من الحطب جراء عمليات القطع المتواصلة.
فعلى من تقع مسؤولية هذه التعديات، ومن هي الجهة المسؤولة عن قمع هذه المخالفات الفاضحة والتي تتم في وضح النهار؟ ولماذا لا تُتابع هذه الجريمة الموصوفة بأوجهها البيئية والقانونية ومعاقبة كل مخطط ومنفذ وشريك ومستفيد؟


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم