الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رأي - الموسم الفني المميت

لور غريّب
A+ A-

لم يمر على المدينة موسم فني قاحل كالذي تشكو منه صالات العرض البيروتية منذ مدة. موسمٌ يشبه موسم الصمت والخراب والسكون المريب. إنه يشبه الموت! لقد اصبحنا شبه عاطلين عن العمل، نحن الفنانين واصحاب الصالات العتيقة في المدينة. هذه الصالات الشجاعة والنبيلة تعاند القدر وتتحداه، وتستمر في مساندة الفنون التشكيلية اللبنانية، ولا سيما الجدية منها، وتتشرّف باستقبال الفنون الأجنبية والعربية، التي تزورنا وتفرحنا وتقاسمنا لقمة العيش المتواضعة.


طبعا لا احد بين المسؤولين والطبقة السياسية يهتم بهذه المشاكل الثقافية لانها تعتبر عندهم من "الكماليات". لا احد من بين هؤلاء يجد نفسه معنياً بمثل هذه القضية، أو ينشغل باله على الفنانين وعلى الحركة الفنية ومستقبلها.
ثمة مشكلة مع بعض مقتني الأعمال الفنية. يزورون المعارض، يشاهدون اللوحات والمنحوتات، وينظرون إلى التواقيع، فإذا كانت لبنانية، انصرفوا عنها، باعتبار أن "الفرنجي برنجي". ما أسوأ هؤلاء المقتنين!
موظفو الصالات الفنية والعاملون فيها، يمضون النهار بكامله تقريباً، وهم "يكشّون الذباب". هنا نقطة على السطر. لأن الكلام الإضافي لا يفيد في شيء. ليس أفدح من مشهد صالة فنية تشتهي زائراً، أو متفرجاً، أو "ذوّيقاً".
من شرق المدينة الى غربها، ومن شمالها الى جنوبها، أزور صالات العرض، فأعثر على النتيجة ذاتها: الكساد الفني، والوجع، وجع الفنانين وأصحاب الغاليريات على السواء.
فماذا نفعل نحن الذين نتشبث بقيمنا وفنوننا وانجازاتنا وتاريخنا ومستقبلنا؟
لن يجيبنا من يجب أن يملك الجواب الشافي.
نحن واصحاب الصالات الكبيرة والعريقة نحاول الخروج الى آفاق جديدة شرقا وغربا، لكن العالم يبدو "غاشياً"، وغائباً عن الوعي. ليس في حياتنا سوى انتظار مشاهد الفراغ والعدم، مغموسةً بلزوم فراغ الرئاسة، وانهيار الوضع الاقتصادي، وتوقف العمل في الحياة الديموقراطية، مضافةً إلى مشاهد قصف الطيران، و"داعش" والشهداء، و"القاعدة"، وجيش من هنا، وجيش من هناك، وشبّيحة، ولصوص وانتهازيي فرص.
لقد استطعنا أن نحتال على الموت والعفن والمراوحة قدر الإمكان. نجح منّا مَن نجح، وسقط مَن سقط في وسط الطريق. لكننا لم نرفع الايادي. ولم نستسلم.
الفنانون والصالات يتهيأون للموسم الآتي، في بيروت التي كانت عاصمة الفنون في الستينات وكان يقصدها كل من حمل القلم والريشة والفرشاة وصعد على خشبة ونقل ثقافته وعلمه وقيمه ونجاحاته لينال التكريس من هنا، من مدينتا. فأين نحن من هذا الموقع اليوم؟ هل نستجدي اعترافا مهزوزا من بعض العواصم اتي تلعب بالمال و"تفشخ" فوق كل شيء؟
لن نستسلم!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم