الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

البندقية ٧٣ - "حيوانات ليلية": رواية الانتقام تطيح بموهبة فورد

المصدر: "النهار"
البندقية ٧٣ - "حيوانات ليلية": رواية الانتقام تطيح بموهبة فورد
البندقية ٧٣ - "حيوانات ليلية": رواية الانتقام تطيح بموهبة فورد
A+ A-

توم فورد يحلّ في البندقية (٣١ آب - ١٠ أيلول) بفيلم هشّ، على صورة بطليه وخياله. والأسوأ أننا بعد ساعتين لا نعرف ماذا يريد. سبع سنوات بعد "رجل أعذب"، يتمخّض بجسم غريب. "حيوانات ليلية" (مسابقة) مقتبس من رواية "توني وسوزان" لأوستن رايت. أجهل ما قيمة الرواية، ولكن مصمم الأزياء الأميركي وجدها أهلاً للشاشة الكبيرة. باختصار، الفيلم عن العلاقة التي نشأت ذات زمن بين ادوارد وسوزان (آيمي آدامز وجاك غيلنهل)، ولكنهما انفصلا بسبب الضغوط والفوارق الاجتماعية. بعد سنوات (٢٠ تحديداً لم يلتقيا خلالها أبداً) يبعث ادوارد إلى سوزان بنسخة عن رواية كتبها. هي التي أصبحت في غضون ذلك كلّ ما كانت تكرهه في أمها، أيّ بورجوازية تعيش حياة ليست سوى كتلة أكاذيب مع زوج عبارة عن وجه جميل لا أكثر، تتفاعل مع تفاصيل الرواية - رواية من نوع الانتقام - ما يجعلها تسترجع بذاكرتها بعض الفصول من العلاقة القديمة التي يتبيّن أنّ الرواية صدى لها.



 


ثمة ثلاثة أفلام في "حيوانات ليلية": فيلم الحاضر نكتشف عبره واقع سوزان، محيطها ومعرضها الذي يفتتح به المَشاهد، وكلّ ما يتشكل منه تفاصيلها الاجتماعية؛ وفيلم الماضي زمن لقائها بادوارد واصرار أمها على التخلي عنه؛ وأخيراً، ثمة فيلم منفصل عنهما تماماً لجهة الأحداث، يتجلّى في الترجمة البصرية للرواية التي بين يديّ سوزان، تفتحها بغرض التيه بين سطورها، فنرى ما تقرأه، وعندما تغلق الكتاب مستهجنة مصدومة، نعود معها إلى عالمها.


هذا الأسلوب في تداخل ثلاثة أفلام يُضعضع الفيلم كثيراً، والقفزات بين هنا وهناك تستهتر بأهمية استمرار الانفعال والإمساك به زمنياً. نصّ فورد متقطع جداً، بالإضافة إلى جماليته المفتعلة، فكلّ شيء مطروح بعناية مشهدية متقنة، أحياناً يأتي مقبولاً وأحياناً مصطنعاً. المشكلة الأخرى هي أنّ فيلم - الرواية الذي يصوّر اعتداء تتعرض له عائلة، فيقرّر الزوج (رجل من تكساس) الانتقام لزوجته وابنته، بعد فشل الشرطة بزجّ المجرمين في السجن، ينتمي إلى نوع أفلام الدرجة الثانية.



 


هنا، على القارئ العلم بأنّ ادوارد هو نفسه الذي يضطلع بدور بطل روايته، أيّ الرجل الذي ينتقم، وأنّ زوجته وابنته تشبهان إلى حد كبير سوزان، وهدفه هو التأكيد على قوته والإثبات بأنه ليس هشاًَ، كما تدعيه أم سوزان. إذاً، نحن أمام خلطة سينمائية عجيبة من الانتقام والمشاعر المكبوتة وصراع الطبقات، تحفل بشخصيات مريبة مستقاة من عمق أميركا الحافلة بالحثالة والوصوليين والسطحيين. يترافق هذا كلّه مع موضوعات تبدو لوهلة مركز الفيلم، ولكن سرعان ما ينسحب هو نفسه منها. يبرع فورد في مَشاهد الحركة، فالصدام بالسيارة بين العائلة وشلّة الزعران أفضل ما في الفيلم لجهتي الإيقاع والتشويق، ولكن يصعب إسناد معنى لهذا كلّه في سياق العمل بأسره. فورد رومنطيقي صريح، ومجرد اختياره هذه الرواية يفضح هذا الميل: فهو يجد مبررات كافية لتصوير حكاية رجل يستعين بالمتخيَّل ليقول حقيقة مشاعره الصامدة أمام الزمن.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم