الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

المصالحة بين دحلان وعباس: ماذا تخبّئ؟

المصدر: "النهار"
امين قمورية
المصالحة بين دحلان وعباس: ماذا تخبّئ؟
المصالحة بين دحلان وعباس: ماذا تخبّئ؟
A+ A-

كثرت التكهنات بقرب عودة القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان الى اراضي السلطة الفلسطينية، واجراء مصالحة بينه وبين رئيس السلطة #محمود_عباس، لإعادة لمّ شمل الحركة التي شهدت عمليات فصل وإقصاء لعدد كبير من قادتها وكوادرها ونواب في المجلس بسبب الخلاف بين الرجلين، خلال السنوات الخمس الماضية...


وكانت إشارة انطلاق هذه الموجة التصالحية ظهرت خلال الحديث الصحافي الذي أدلى به الرئيس المصري عبدالفتاح #السيسي لرؤساء الصحف المصرية في الواحد والعشرين من آب، والذي أطلق فيه الدعوة لإتمام المصالحة داخل حركة #فتح بين الخصمين اللَّدودَين، وإعادة توحيد صفوفها.


وسبق ذلك حديث عن تحرك مصري أردني إماراتي سعودي تجاه حلّ القضايا العالقة في الداخل الفلسطيني وصولاً الى عقد مؤتمر دولي للسلام للضغط على إسرائيل للقبول بمبادرة السلام العربية على ان يجري تعديلها. وأشارت مصادر عدة إلى أنّ اجتماعات مكثقة عُقدت على مستوى الأمن والمخابرات في هذه الدول لتحريك ملف المصالحة. وأكّدت ان القاهرة وعمان شهدت لقاءات مكثفة مع وفد خماسي من أعضاء اللجنة المركزية للحركة ضمّ توفيق الطيراوي وجبريل رجوب ومحمد اشتيه وصخر بسيسو وعزام الأحمد، لبحث كيفية إصلاح "فتح"، واغتنام التحرّك العربي الجديد لإعادة دحلان الى الحضن الفتحاوي.


تعرض عباس لضغوط


وثمّن مجلس وزراء السلطة برئاسة رامي الحمد الله الجهود المصرية والأردنية، للمّ الشمل الفلسطيني واستعادة الوحدة الداخلية لحركة "فتح"، ما عكس وجود تقدّم حقيقي في ملف المصالحة. كما رحّبت أوساط دحلان بالجهود المصرية الاردنية لإتمام المصالحة وإعادة توحيد "فتح".


ومع ذلك فإن عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، اللواء بلال النتشة نفى وجود أي مبادرات عربية من أجل إتمام المصالحة بين عباس ودحلان. واوضح إن الجهود الأردنية والمصرية فقط تركز على وحدة الحركة الداخلية، من دون أيّ تدخّل بملف دحلان وإعادته للحركة مجدداً. وأكّد قيادي آخر في الحركة ان الجهات التي تروّج لعودة وشيكة لدحلان الذي يعمل مستشارًا لوليّ عهد أبوظبي، هي انصار دحلان ومواقعه الإلكترونية وليس هناك أي صدقية لما تروج له بتاتا.


ومع ذلك فإن ثمّة اجماع في الاوساط الفلسطينية على تعرض عباس لضغوط ثلاثية من مصر والاردن والامارات وإسناد سعودي، من اجل التراجع عن قراره بعزل دحلان واجراء مصالحة فتحاوية، لا سيما في ظل التقارير عن المتاعب الصحية للرئيس الفلسطيني والتحضير المبكر لمرحلة ما بعده. ويعتقد بعض المتابعين ان ثلاثة على الأقل، من أضلاع المحور العربي الأربعة (مصر والأردن والإمارات)، ترى في دحلان الأنسب والأقوى لقيادة حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، أو على الأقل أن يكون رمزاً فاعلًا فيهما. ولا تريد هذه الدول أن يُحْدِثَ غياب مفاجئ لعباس فوضى داخل "فتح" وداخل الأراضي الفلسطينية، بما قد يؤدي إلى صراع قيادات فتحاوية وأمنية على الزعامة. كما ان هذه الدول تخشى حدوث فراغ مفاجئ في رأس حركة "فتح" والسلطة كي لا يقود ذلك إلى تعزيز موقع حركة المقاومة الاسلامية "حماس" ودورها في الضفة الغربية وقطاع غزة، خصوصا ان هذه الدول أعلنت حرباً صريحة، تتفاوت درجاتها، على جماعات "الإخوان المسلمين" ومن بينها "حماس". ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن المحور الرباعي لا يريد أن يرى فوزاً لحركة "حماس"، على غرار ما جرى في الانتخابات الاشتراعية العام 2006.


وفي هذا السياق كتب المستشرق الإسرائيلي رؤوبين باركو إن هدف بعض الدول العربية من "المصالحة الفتحاوية الداخلية هو رفع أسهم دحلان ليكون وريثا محتملا للرئاسة الفلسطينية. وذكر بأن دحلان "أسير سابق في السجون الإسرائيلية، ومسؤول أمني فلسطيني بارز، وذو تأثير على حماس، ولديه مقدرات اقتصادية ومالية، وعلاقاته وثيقة مع الدول العربية، حتى إن الإسرائيليين يستطيعون إقامة حوار جاد معه". وربط باركو ايضا بين هذه المصالحة وقرب إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية المقررة في الثامن من تشرين الأول المقبل، وقال "إن الساحة الفلسطينية تعيش أجواء ترقّب حذر، في ظل ما تعانيه السلطة الفلسطينية من أمراض متلاحقة، وفقدان عباس القدرة على السيطرة، الى وجود حالة من الحراك التنظيمي الداخلي التي تعتقد أن التاريخ يجب أن يأخذ دورته من خلال تولّي جيل قيادي جديد بديلا عن القيادة الحالية".


فقدان المرونة


الى ذلك فإن المحور الرباعي العربي لا يزال يحبّذ إحياء المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، ويرى أن عباس فقد المرونة المطلوبة لتحقيق ذلك، لذا فإنهم يهدفون الى منح التسوية فرصة للنجاح، إذ من دون وضع فلسطيني أكثر تماسكا، لن يكون هناك إمكان لنجاح مثل هذه الفرصة. وهذا ما يترافق مع تطبيع سريع، لكن هادئ بين بعض العرب والدولة العبرية، فالتطبيع مع إسرائيل يأتي مقدمة لترجمة محتملة ومعدّلة لبعض البنود في المبادرة العربية، وعوضا عن أن تكون إسرائيل بحاجة وتطلب مثل هذا التطبيع، يصير التطبيع مطلبًا عربيا لاسترضاء إسرائيل كي تدخل في نطاق هذه الاستقطابات الحادّة الجارية في المنطقة، وعبر بوابة المسار الفلسطيني- الإسرائيلي، إلاّ أن ذلك يتطلب أولا وقبل كل شيء سدّ الثغرة التي تعيق هذا التحول، وهي الساحة الفلسطينية وبداية ذلك من خلال إعادة الوحدة للصف الفلسطيني انطلاقا من وحدة حركة "فتح"، بالتوازي مع ضغوط عربية على حركة "حماس" من أجل إنضاج عملية المصالحة مع حركة "فتح"، مع منح الأولى عرضًا لا يمكن رفضه، وما ينتج عن ذلك من إزالة الغطاء عنها من بعض الأنظمة الداعمة لها، أو الولوج في عملية المصالحة مع الحفاظ على العديد من المزايا التي تجعل من الحركة عنصرًا مقرّرًا في مستقبل العملية السياسية.


وفي هذا السياق، يمكن لحظ عودة الحديث عن عملية السلام ان من خلال الدعوة لمؤتمر باريس وتقاطع مبادرة الرئيس المصري مع المبادرة الفرنسية او الدعوة الروسية.


لكن وفي مقابل الحماس الذي يبديه البعض لمصالحة عباس ودحلان، فإن آخرين يرون ان فرض مصالحة بين الرجلين يحمل من المخاطر على القضية الفلسطينية أكثر مما يحمله من ايجابيات على رغم اهمية المصالحة وضرورتها، إن داخل "فتح" وإن بين الحركة والفصائل الاخرى. ويذكّرون بتحالف الرجلين بعد محاصرة اسرائيل الرئيس الراحل ياسر #عرفات في مقر المقاطعة العام 2002، حيث ارغم ابو عمّار، أميركياً وإسرائيلياً وعربياً، على القبول بعباس رئيساً للوزراء العام 2003، وأصر الأخير، بدعم الأطراف الثلاثة، على نزع صلاحيات عرفات الأمنية والمالية لقصقصة أدوات نفوذه وتولّي دحلان وزارة الامن الداخلي، على رغم معارضة عرفات. كما يذكّرون بدور الرجلين في اثارة القلاقل الامنية في قطاع غزة والتي تسبّبت لاحقا في الشرخ الفلسطيني الكبير بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة في حزيران 2007. واخيرا الخلافات بينهما على السلطة واتكاء كل منهما على سند خارجي لإضعاف الآخر والتي كانت نتائجه كارثية على "فتح" ودورها النضالي.


[email protected]


Twiter:@amine_kam


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم