الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تركيا نزلت الى الميدان...هل انتهى شهر العسل بين واشنطن والأكراد؟

المصدر: "النهار"
تركيا نزلت الى الميدان...هل انتهى شهر العسل بين واشنطن والأكراد؟
تركيا نزلت الى الميدان...هل انتهى شهر العسل بين واشنطن والأكراد؟
A+ A-

بعد تردد ومماطلة، دخلت #تركيا بدباباتها الى شمال سوريا، في عملية سمتها "درع الفرات" ترمي الى تطهير المنطقة الحدودية من "داعش" جنباً إلى جنب مع إبعاد المقاتلين الأكراد عن الحدود التركية وتقويض محاولات #الأكراد ربط كانتوني كوباني بعفرين وبالتالي منع إقامة كيان كردي مستقل على حدودها. إلا أن دعم واشنطن تركيا على حساب "وحدات حماية الشعب" قد يخلط أوراق الحرب على "داعش" ويشعر الأكراد بأنهم تعرضوا للخيانة مجدداً بعدما كانوا رأس حربة واشنطن في حملتها ضد "#داعش"، وخصوصاً في سوريا.



في السابق، كانت تركيا تقصف مواقع المقاتلين الاكراد في سوريا عندما يقتربون كثيراً من حدودها أو يتوغلون عميقاً شرق الفرات الذي تعتبره أنقرة "خطاً أحمر" لهم، الا أنها المرة الأولى تدخل تركيا مباشرة الحرب السورية، دافعة دباباتها وقواتها الخاصة لدعم فصائل من "الجيش السوري الحر" في هجومها على جرابلس، المعقل الأخير ل"داعش" على حدودها، بعد تحرير منبج في 12 آب. وحصل التوغل التركي على دعم جوي أميركي، ما أتاح تحرير جرابلس بساعات من دون تسجيل خسائر في صفوف القوات المهاجمة.



بالنسبة الى تركيا، صارت العملية التركية لتحرير جرابلس التي احتلها "داعش" منذ سنتين ونصف سنة، حاجة ملحة بحسب صحيفة "حريت ديلي نيوز"، بعد تقارير استخباراتية تفيد أن وحدات حماية الشعب الكردية تتقدم نحو البلدة. وقد اتخذ القرار في اجتماع طارئ في اسطنبول يوم 20 آب.


وكانت تركيا وافقت على مضض على مشاركة "وحدات حماية الشعب" في معركة تحرير منبج، بعدما حصلت على تعهد من واشنطن لانسحاب القوات التركية إلى غرب الفرات بعد العملية. والاسبوع الماضي ذكرت واشنطن بتعهدها، إلا أن الأخيرة، وبحسب تقارير اعلامية تركية طلبت مزيداً من الوقت.



3 أسباب للعملية
ولكن، يقول رئيس تحرير صحيفة "حريت" مراد يتكين إنه عندما وصلت تقارير إلى وكالة الإستخبارات الوطنية التركية تفيد أن وحدات حماية الشعب تواصل تقدمها إلى جرابلس، قررت الحكومة التركية أخذ المبادرة.
وفي معلومات يتكين أن ثمة ثلاثة أسباب، بعضها يتعلق بالتنظيم الذي صار يشكل تهديداً متزايداً لتركيا، وبعضها الاخر مرتبط بالأكراد، دفعت تركيا الى إطلاق عملية "درع الفرات":
أولاً، صارت جرابلس،لا الموقع الأخير فحسب لتسلل مقاتلي "داعش" من تركيا وإليها، وإنما كانت أيضاً الموقع الأهم الباقي تحت سيطرة التنظيم على طول 910 كيلومترات من الحدود السورية-التركية. وبذلك، يعني إخراج التنظيم من جرابلس قطع كل الطرق الرئيسية إلى شمال سوريا وتركيا وأبعد.
ثانياً، ازداد عدد مقاتلي "داعش" في جرابلس بعدما لجأ اليها الهاربون من منبج، وهو ما زاد بالتالي قوتهم على الحدود التركية إلى مستويات خطيرة. وتشتبه أنقرة في أن التنظيم يقف وراء تفجير حفل الزفاف في غازي عنتاب ليل 20 آب. وفي التحقيقات التي أجرتها أجهزة الامن التركية تبين أن المتفجرات التي استخدمت في الهجوم كانت من نوع "أر دي أكس"، وهو ما يظهر بحسب وزير الداخلية التركي أن التنظيم حصل على "مساعدة مهنية"، الأمر الذي يفاقم التهديد لتركيا.


وثالثاً، إذا حررت وحدات حماية الشعب جرابلس، يمكن عندها أن تواصل تقدمها غرباً على طول الحدود مع تركيا للوصل الى عفرين الواقعة أيضاً تحت سيطرة وحدات حماية الشعب.
ويبدو أن التقارير التي وصلت الى الاستخبارات التركية تفيد أن "وحدات حماية الشعب" كانت تنوي التوجه من منبج الى الباب، آخر معاقل "داعش" في حلب ومقر "الأمن الخارجي" للتنظيم، وهو إدارة يخطط فيها للهجمات الإرهابية في الخارج، ومنها الى عفرين، أي مهاجمة داعش من تل رفعت ومنبج.
من هذا المنطلق، يبدو أن الزخم الذي اكتسبته قوات سوريا الديموقراطية، وفي صلبها وحدات حماية الشعب أقلق أنقرة ودفعها الى التخلي عن ترددها.



منطقة خالية من "داعش"
ويؤكد يتكين أن أنقرة أبلغت قرارها التدخل في جرابلس إلى كل من الأميركيين والروس والإيرانيين وأكراد العراق والأطراف الأخرى المعنية، وأكدت لهم أنها لا تنوي البقاء في سوريا، وإنما مساعدة "الجيش السوري الحر" على إقامة منطقة خالية من داعش على الحدود التركية من جرابلس إلى أعزاز. و في معلوماته أن المنطقة ستمتد على عرض 98 كيلومتراً وعمق 45 كيلومتراً.
ويذكر أن فكرة منطقة خالية من "داعش" لتوفير قاعدة عمليات للمعارضة السورية ومنطقة آمنة للاجئين، اقترحها مسؤولون أتراك ووافقت عليها واشنطن قبل سنة، إلا أن خلافات مع واشنطن على الأرجح ودخول روسيا الحرب في أيلول الماضي 2015 أخر تنفيذ الفكرة. ولا شك في ان الأزمة التركية-الروسية على خلفية إسقاط تركيا المقاتلة الروسية قوض كل العمليات التركية في سوريا. وبعد "التطبيع" مع روسيا، صارت العملية أسهل.



حليف جديد وتداعيات
بهذه العملية، صار لواشنطن حليف جديد في سوريا ضد "داعش". فمع أن الأهداف التي دخلت من أجلها تركيا الحرب لا تنسجم تماماً مع أهداف واشنطن، وهي تتعارض خصوصاً مع أهداف حزب الاتحاد الديموقراطي، الحليف الرئيسي لواشنطن في الحملة على التنظيم، يمكن التعاون الأخير أن يؤذن بحسب الباحث في معهد أتلانتيك كاونسيل فيصل عيتاني بحقبة جديدة من التعاون الأميركي-التركي في سوريا مع تداعيات على التنسيق بين الولايات المتحدة والأكراد.



وفي التداعيات الفورية، يقول عيتاني  ل"النهار" إن واشنطن ستضغط على "وحدات حماية الشعب" الكردية لاحترام القيود الميدانية لتوسعها، وإن تكن هذه الوحدات التي شكلت رأس حربة للتحالف الدولي في حملته ضد "داعش" في سوريا، ستشعر بالخيانة، وستحاول الالتفاف على هذه القيود بقدر ما تستطيع.
وفعلاً، أعلن ناطق باسم التحالف الدولي اليوم إن "العنصر الأساسي" المكون لتحالف "قوات سوريا الديموقراطية " أي "وحدات حماية الشعب" تحرك شرقاً عبر نهر الفرات الذي عبَره للمشاركة في استعادة منبج.



ومع ذلك، يقول عيتاني: "لا أعتقد أن التعاون بين واشنطن ووحدات حماية الشعب ستنتهي تماماً.لا تزال هذه الوحدات مهمة للجهود المناهضة لداعش شرق الفرات، والولايات المتحدة مهمة جداً للأكراد"، و"لكن علاقة الحب انتهت على ما أعتقد". ففي رأيه أن دخول واشنطن الحرب فعلياً ليست تطوراً عسكرياً فحسب، "وإنما هو مؤشر أن تركيا والولايات المتحدة تقتربان من بعضهما في مسألة داعش، وهو تطور إيجابي، وخصوصاً أنه يتزامن مع إشراك مقاتلين عرب في المعركة ضد "داعش" بدل الاعتماد على الأكراد وحدهم.



شكلت معركة جرابلس إذا الانخراط التركي الأقوى حتى الان في المعركة ضد "داعش" ويمكن أن تشكل ركيزة لتعاون أوسع مع واشنطن التي ترددت طويلاً في حشد فصائل تحظى بدعم أنقرة خوفاً من أن تنزلق إلى حرب أوسع ضد النظام. ولكن مع دخول نحو خمسة الاف مقاتل عربي وتركماني سوري الى المعركة، ثمة مخاوف من مواجهات كردية-عربية أو كردية-تركية، وهو ما يمكن أن يصب في مصلحة "داعش".
والفصائل التي شاركت معركة جرابلس هي خصوصاً "كتيبة السلطان مراد" و" فيلق الشام" و"لواء المعتصم" و"حركة نور الدين الزنكي" وغيرها. وكانت تركيا تحرك هذه الفصائل في حربها بالواسطة على جبهات أخرى في غرب في سوريا.
ويقول عيتاني: "أعتقد أن هذه الفصائل يمكن أن تستفيد من دعم محلي ودولي إذا نحجت في توسيع مكاسبها".



أما السؤال الذي يطرح نفسه بعد الديبلوماسية التركية الأخيرة، يتعلق بموقف موسكو من التدخل التركي في سوريا. ففيما التزمت طهران الصمت حيال الخطوة التركية، أعربت موسكو الاربعاء "قلقها العميق" من العملية، مشيرة الى انها تخشى من احتمال تفاقم التوتر بين انقرة والميليشيات الكردية. ومع ذلك، يبدي عيتاني ثقته في أن تركيا وروسيا اتفقتا على هذه الخطوة التركية سلفاً "وأعتقد أننا سنرى مزيداً من التعاون المحدود بين تركيا وروسيا في الايام المقبلة".
وفي ما يمكن أن يكون مؤشراً لهذا التعاون، من المقرر أن يلتقي اليوم رئيسا الأركان التركي الجنرال خلاصي أكار والروسي الجنرال فاليري غيراسيموف في أنقرة اليوم.
[email protected]
Twitter: @monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم