الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

كلام اقتصادي - لويس حبيقة: الأهمّ اليوم الحدّ من الخسائر في القطاعات الاقتصادية

هيثم العجم
A+ A-

"لا نستطيع ان نؤثر في الحوادث الاليمة التي تعصف بسوريا راهنا، كذلك لا يمكننا ان نغير مجرى الازمات الاقتصادية التي لا تزال يعانيها عدد كبير من البلدان الاوروبية والولايات المتحدة من جراء تداعيات الازمة المالية العالمية التي بدأت في 2007، انما من الطبيعي ان نغير المعادلة الاقتصادية الراهنة (الركود الاقتصادي وتراجع النمو) عبر تأليف حكومة ترسخ الاستقرار السياسي كي تتخذ قرارات تاريخية اقلها اقرار الموازنات العامة منذ 2005"، هذا ما اكده الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الذي دعا الى "بناء دولة حديثة ترتكز على المؤسسات وتلاشي تضارب المصالح".


تراجع النمو راهنا مرده عدم الاستقرار؟


يختلف لبنان ما قبل حوادث 1975 عنه ما بعد اتفاق الطائف (مطلع التسعينات)، اذ كان مركزا ماليا، مصرفيا، سياحيا، استشفائيا، جامعيا، صناعيا وزراعيا في منطقة الشرق الاوسط، في سياق اقتصاد متوازن، فاطلق عليه "سويسرا الشرق"، و"لؤلؤة حوض المتوسط"، مضاهيا بذلك اهم العواصم الاوروبية (باريس، لندن وغيرهما). لكن من يحلم ان يستعيد هذا المجد الذي حققه هذا البلد حتى مطلع سبعينات القرن الماضي، فعليه ان يعي حقيقة، ان حلمه سيبقى حلما فقط، اذ ان لبنان لن يستعيد امجاده.


العوامل الاقتصادية المحيطة كانت مساعدة اكثر من الآن؟
طبعا، اذ كانت حدودنا المشتركة مع سوريا (شمالا وشرقا) مفتوحة من دون رقيب او حسيب بسبب غياب الدولة والرقابة الجمركية، مما شجع الازدهار التجاري على انواعه ( الكحول، السيارات، الادوات الكهربائية وغيرها)، فاقيمت مشاريع سياحية هائلة على طول الشاطئ اللبناني، في ظل بحبوحة دول الخليج والمستثمرين الراغبين في توظيف اموالهم في لبنان، مما رفد اقتصاده باستثمارات نوعية في ظل غياب الرقابة واستشراء الفساد، فاستمر لبنان قادرا على جبه التحديات السياسية والامنية في حينه (حرب اهلية) حتى مرحلة اتفاق الطائف.


ماذا تغير ما بعد الطائف؟
حصلت فورة عقارية لافتة، واستعادت الدولة زمام الامور، وزادت الاستثمارات وحقق لبنان نموا كبيرا في اقتصاده، لكن ذلك تحقق في ظل اضطرار الدولة الى الاستدانة مما ادى الى تنامي الدين العام، وبفوائد مرتفعة. علما ان ثمة مقاربتين لموضوع الاستدانة، اذ ان هناك رأيا يقول "لم يكن في الامكان الاستدانة باسعار مخفوضة". اما الرأي الآخر فهو "كان في الامكان التفاوض بغية الاستدانة باسعار مخفوضة". ويأتي كل ذلك في ظل شكوك حيال توافر "تضارب مصالح"، مما ادى الى الاستدانة باسعار مرتفعة. علما ان الموضوع لا يزال حتى تاريخه "ضبابيا" ويجب التحقيق فيه، اذ لا يمكن فصل الشأن الاقتصادي عن المصالح السياسية.


لماذا اهملت الزراعة والصناعة كقطاعين منتجين؟
ساد اعتقاد اخيرا، ويا للاسف، بأن لبنان لا يمكن ان يكون بلدا زراعيا وصناعيا، فاهملت مطالب القطاعين الصناعي والزراعي منذ 1990 حتى تاريخه، وغابت الحوافز المشجعة الاساسية (دعم الكهرباء، المياه، منح التسهيلات وغيرها)، فجرى التركيز على السياحة والخدمات. انما لسوء الحظ اكتشف المسؤولون في وقت متأخر، ان هذا النموذج لا يمكن ان يكتب له الاستمرار في ظل الاضطرابات السياسية والامنية (داخليا واقليميا)، باعتبار انه في فترة الاضطرابات تضمر السياحة وتغيب الخدمات فتبقى الحاجة اساسية الى الزراعة والصناعة التي تعوض ما تخسره الخزينة من مداخيل في زمن الاضطرابات.


هل كان للفساد حصة ما بعد الطائف ايضا؟
طبعا، اذ من المؤسف انه ارتفع حجم الفساد راهنا على نحو يصعب مقاومته بالوسائل السهلة، في ظل غياب رؤية جلية لادارة سليمة ومؤسسات فاعلة، فحصدنا ما زرعه السياسيون منذ الطائف. ولا يمكن ان نُلقي الملامة على الادارة وحدها فحسب بسبب فسادها وسوء تدبيرها، باعتبار انها بُنيت على هذا الاساس منذ اتفاق الطائف وحتى تاريخه. علما انه لا يمكن لاي دولة في العالم ان تكون فاعلة وذي قيمة في المجتمع الدولي من دون ان يكون لديها ادارة فاعلة.


لماذا لا يمكن لبنان ان يستعيد الدور الذي اداه قبل 1975؟
لانه ببساطة، استفاقت الدول العربية على نحو كبير جدا (قبل الحرب كان لبنان يكمل ما ينقص العرب)، اذ ان اهم الجامعات في العالم باتت موجودة في الدول الخليجية (البحرين، الامارات وقطر)، مما يؤكد ان الوقت داهمنا في لبنان، وتاليا كي نستعيد قدرتنا على المنافسة، فانه بات يتطلب الامر جهودا اضافية، وذلك غير متوافر راهنا في ظل الظروف المحلية والاقليمية.


ما هو دور لبنان حاليا؟


يكمن دوره في الحدّ من الخسائر والفوضى التي دبت في قطاعاته الاقتصادية، بغية بناء اقتصاد متوازن، وتحديث الادارة تدريجا على نحو فاعل. واذا نجح في تحقيق ذلك، فانه سيتمكن من اداء دور مكمل في المنطقة وليس بديلا كما كان في الماضي، وذلك يعني ان عافية لبنان ترتبط جذريا بمناعة الدول العربية وقدرتها. فهو بات غير قادر اليوم على ان يفيد اقتصاديا من ازمات الدول المحيطة به كما كان حاصلا في ستينات القرن الماضي، اذ ان العالم تغير (عولمة، اتصالات، انظمة تكنولوجية فائقة التطور).



كيف نستعيد النمو الاقتصادي
يعاني لبنان راهنا ضعفا في النمو، وتختلف وجهات النظر الاقتصادية في تقديره لهذه السنة (بين 1.5% و2,5%)، وذلك مرده بعض المداخيل من الاستثمارات العقارية، الصناعة، الزراعة وغيرها، في ظل ظروف مالية صعبة في بلدان الاتحاد الاوروبي (اسبانيا، اليونان، قبرص) والولايات المتحدة، من جراء تداعيات الازمة المالية العالمية، فضلا عن التداعيات الدراماتيكية للحوادث السورية. علما ان اموال القروض التي ضخها مصرف لبنان مطلع السنة الجارية انعشت القطاعات الاقتصادية.


اقتراحاتكم المباشرة لانقاذ الاقتصاد؟
يجب ان نبذل جهودا لولوج منظمة التجارة العالمية (ان ينقل لبنان من عضو مراقب في المنظمة الى عضو فاعل)، اضافة الى ضرورة تفعيل الارشاد الزراعي والصناعي، وضبط التضخم الجامعي (60 جامعة في لبنان)، وتفعيل دور المؤسسة الوطنية للاستخدام وربطها برئاسة مجلس الوزراء، وتنشيط الاحصاءات المركزية وفك ارتباطها بالمصالح السياسية.


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم