الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

بعلبك تستغيث... "انا عطشى والتصحر يهددني"!

المصدر: بعلبك- "النهار"
وسام اسماعيل
بعلبك تستغيث... "انا عطشى والتصحر يهددني"!
بعلبك تستغيث... "انا عطشى والتصحر يهددني"!
A+ A-

حزيران العام 2014 استغاثت بعلبك "انا عطشى والتصحر يهددني!" لعل أحداً يسمعها ويروي ظمأها دون جدوى ولم تنقطع أصوات الاستغاثة وبصرخات مكتومة اعادتها في تموز 2015 دون جدوى. غداً ستطلق استغاثتها مرة اخرى، فالكل يريد ان يعرف الحقيقة ولا احد من المعنيين يريد أن يسمعها، نحن نتكلم عن الكارثة البيئية التي طاولت بحيرة راس العين "البياضة" في مدينة بعلبك.


تعنّت وتقاعس المعنيين بإدارة ملف أزمة شح مياه بحيرة "البياضة" من السلطات المحلية والاحزاب، وعدم ايجاد حل مناسب لهذا الملف منذ ثلاث سنوات وتهديد المنظومة الأيكولوجية والتوازن البيئي في بعلبك استدعى شباب المدينة الى الدعوة لاعتصام يوم الغد عند العاشرة صباحاً أمام ما تبقى من "بركة البياضة" لعل من يأخذ بحركتهم التي بدأت منذ اسابيع في وسائل التواصل الاجتماعي وايجاد حل ورفع مسببات جفاف النبع خصوصاً التي أكدتها لجنة مختصة كانت البلدية عينتها في العام الفائت لمعرفة اسباب جفاف النبع وايجاد الحلول.
قرار اللجنة أكد حينها ان الآبار الارتوازية في تلال رأس العين وجوارها ادت الى ضعف العروق التي تغذي نبع البحيرة خصوصاً البئر الارتوازي التابع لمؤسسة مياه البقاع المسمى بئر الـ 17 في إشارة إلى قوة ضخه البالغة 17 إنشاً، والذي يشكل أحد مصادر مصلحة المياه للاستفادة منه بتأمين مياه الشرب للمدينة يحرم "البياضة" من أهم موارد التغذية لها لأنه يشكل المصدر الرئيسي للنبع تالياً تم الطلب من مصلحة المياه بوقف الضخ من البئر لإعادة الحياة إلى النبع والتركيز في الضخ على سائر الآبار في المدينة لتعويض النقص بمياه الشفة، التي تبين انها تؤثر في ضعف العروق التي تغذي البركة نتيجة الشح التي طالها بسبب عدم وفرة الامطار خلال فصل الشتاء ما تسبب بانخفاض كمية المياه في شرايينها التي تغذي البركة وجفاف بعضها. وكانت مديرية العمل البلدي في " حزب الله " وضعت ايضاً امام المعنيين دراسة عن إمكان حفر آبار بديلة في مناطق قريبة لا تؤثر في نبع " البياضة".


منظمو الاعتصام ناشدوا كل من يعنيهم الأمر وكافة الوزارات المختصة وخصوصاً وزارات البيئة والزراعة والطاقة والداخلية والأشغال العامة، لكي تتضافر الجهود لإنقاذ مدينة بعلبك وآثارها وأهلها من الكارثة البيئية رافضين قطعاً حضور نواب المنطقة الى الاعتصام للمشاركة حيث نشر خلال مواقع التواصل الاجتماعي "ممنوع حضور نواب المنطقة حرصاً عليكن يا تاج راسنا .. رغم انو ما رح تجو من اصلو .. بلدية بعلبك انتي ام الصبي ... ناطرين منكن موقف فوري وحاسم... شركة مياه البقاع اللصوص شكراً" معلنين ان "الاعتصام موجه ضد كل من يُظِهره التحقيق مطنشاً او متأمراً او مستهتراً باهالي المدينة".


" بحيرة البياضة" التي ذكرها المؤرخ شهاب الدين بن فضل الله العمري في كتابه "مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" حيث قال: "وبعلبك في ظاهرها عين ماء سارحة متسعة الدائرة مشهورة بالزينة، ماءوها في غاية الصفاء، عليها بهجة الحسن بين مسرح أخضر وبستان مونق، وعليها مسجد، واستجد إلى جانبها مسجد جامع كمل به طرازها المذهب، وجمالها المبدع، يمد منها نهر ينكسر على الحصباء في خلاف تلك المروج كنصل سيف يسن فوق مسن إلى أن يدخل المدينة، وينقم منه في بيوتها وجهاتها، ويسمى ماء رأس العين" هي المتنفس الوحيد لكل بعلبكي وذكرياته التي تربطه بأسماكها وطيورها من البط والوز فلا يوجد طفل بعلبكي منذ سنوات طويلة في المدينة الا وكان أطعم تلك الطيور كما ان البركة تضم معلماً رئيسيّاً من المعالم الأثرية في المدينة والذي يعود إلى العهد الروماني والطواف اليومي لاهالي المدينة وجوارها حول بحيرة " البياضة " ومرجة راس العين منسك يومي من مناسك الحياة في بعلبك.


التغير الأيكولوجي له تداعياته على الصعيد البيئي والصحي والاجتماعي والاقتصادي في المدينة، وجفاف مياه البحيرة ادى الى كارثة بيئية في الثروة السمكية حيث ادت الى انقراض السمكة الذهبية وأنواع أخرى نادرة يعود بعضها إلى الحقبة الرومانية قبل ألفي سنة. بالاضافة الى ان مياه البحيرة التي تغذي مجرى نهر رأس العين الذي جف بدوره، واقتصرت موارده على مخلفات المياه المبتذلة، ممّا حول النهر إلى بؤرة آسنة تهدد الصحة العامة، وتهدد بقطع أرزاق المقاهي والمطاعم والمتنزهات الممتدة على طرفي محلة رأس العين، ويهدد بساتين المدينة التي يرويها مياه رأس العين وتشكل الحزام الأخضر للمدينة، والتي تؤمن مصدر عيش للمزارعين ولقمة عيش القاطنين في بعلبك حيث يستخدا هؤلاء المزارعون المياه الاثمة لري مزروعاتهم من دون الاخذ في الاعتبار الضرر الذي يمكن أن يتسبب به، وهو تاليا خير دليل على ما تواجهه المدينة من كارثة بيئية.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم