الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

استدعاء في "التيار" على خلفية "واتسآب"...لا ديموقراطية بلا ضحايا وممنوع قول "حزب الصهر"

المصدر: "النهار"
ديانا سكيني
ديانا سكيني
استدعاء في "التيار" على خلفية "واتسآب"...لا ديموقراطية بلا ضحايا وممنوع قول "حزب الصهر"
استدعاء في "التيار" على خلفية "واتسآب"...لا ديموقراطية بلا ضحايا وممنوع قول "حزب الصهر"
A+ A-

يحلو للبعض وصف الناشطين المعارضين في "#التيار_الوطني_الحر" بـ "الحالمين البعيدين من الواقع الذين لا يزالون يعيشون في عهد النضال أيام الوصاية السورية متجاهلين ان زمن دخول لعبة السلطة مختلف عما سبقه". هذا التوصيف هو محط رفضٍ من هؤلاء الناشطين الذين يشهرون وعود الحزب الديموقراطي الحديث التي أطلقها مؤسس "التيار" الجنرال ميشال عون، مصرّين على تمييز تجربة "التيار" عن غيرها من التجارب الحزبية الحالية في الفلسفة المضمون. ويستند الناشطون الى هذا التمييز في معرض دفاعهم عن حقهم في ابداء آرائهم بحرية ونقد الأداء القيادي الحالي في الحزب، ولو على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بعدما لم تسفر الأصوات العالية ضمن أروقة الاجتماعات الحزبية عن نتيجة، أو لانعدام أطر الحوار حالياً، كما يقولون.


"حالات فردية"
وفي المقابل، تنظر القيادة اليهم كحالات فردية متمردة وغير ملتزمة القانون الداخلي الذي أقرته الأكثرية، وفق القيادة، وبالتالي وجُب على الجميع الالتزام به ومن لم يعجبه الأمر، فلينسحب. الا ان فكرة الانسحاب والاستقالة تستحيل لدى هؤلاء الناشطين الذين يصرّون على البقاء واسماع أصواتهم، مدركين أنهم يشكلون حالة احراج لمن يريد اقصاءهم، وان كان تجاوزُ هذا الاحراج ممكن في أي لحظة كما جرى مع القياديين زياد عبس وطوني نصر الله ونعيم عون.
المفارقة ان حديثاً كان قد سرى عن التحضير لمشروع استقالات جماعية كرد على قرارات الفصل المذكورة، وتحدثَ البعض عن مئات الاستقالات، الأمر الذي لم يحصل بفعل إرادي من المجموعة المعارضة التي قررت البقاء والدفاع عن رؤيتها من الداخل، وذلك رغم ان أسلحتها لا تتعدى، كما يبدو، استخدام الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتخطيط لعمليات اسئتناف لقرارات صادرة عن المجلس التحكيمي او الطعن في القانون الداخلي، بوسائل يجري الاجتهاد لايجادها.


صراع سلطة؟


الاجواء المقربة من القيادة تشي بأن الرئيس الجديد جبران باسيل يريد تثبيت سلطته، وفرض النظام لتأمين انتظام العمل الحزبي، كما يعتبر باسيل انه مدّ يدَه كثيراً ولم يقابلْ بالمثل. وفي رأي باسيل أيضاً، يجب ان لا تكون هناك معارضة شاملة ثابتة بل معارضة على الملفات. وعليه، "لا بد من الاقرار ان الكلام في الاعلام مضرٌ وكذلك التهجمات الشخصية واطلاق السهام في مواقع التواصل الاجتماعي"، أضف الى التأكيد بأن "زمن النضال يختلفُ عن زمن المشاركة في السلطة".


وفي خلفية ما يسمى بـ "صراع السلطة الحاصل"، ما يعود الى الفترة التي تلت عودة الجنرال من باريس حين حصل جدلٌ كبيرٌ حول المشاركة في السلطة من عدمها، ومن ثم حول النظام الداخلي، فمن وجهة نظر باسيل يبقى النظام الرئاسي الأضمن، اما المعارضون فأيّدوا صلاحيات أوسع للمجلس السياسي، وقد أرخى سقوط القيادي المفصول زياد عبس في المجلس السياسي تشنجاً اضافياً حين اعتبر ان ثمة ايحاءات لاسقاطه، وصولاً الى محطة الانتخابات البلدية وما اعتبر تجاوزاً للنظام الداخلي.
ويبقى جوهر القضية، انه بعد العام 2005، أصبح بعض الناشطين المحركين والمؤثرين على الأرض خارج دائرة القرار، وباتوا يعبّرون عن امتعاضهم بطرق عدة منها الاعلام ومواقع التواصل.


استدعاء جديد


الأسبوع الماضي، استدعِيَ إسبر مخايل، أمين السر المنتخب لهيئة بيروت الثالثة، للمثول أمام المجلس التحكيمي اليوم (الأربعاء 17 آب) على خلفية ابداء الرأي في صفحته بفايسبوك. مخايل الذي يجيبك بأنه "لا يذكر انه كان يوماً خارج التيار في كل حياته" حين تسأله عن عمر تجربته الحزبية، يقول لـ"النهار": " أصبح ممنوعاً أن يكون هناك رأي حالياً في التيار، إذا لم يكن رأياً داعماً للقيادة، فاستدعاء المجلس التحكيمي للمحازبين يتم لأصغر الأسباب مثل إبداء رأي في صفحات "فايسبوك" أو حتى "واتسآب".
وفي رأي مخايل ان الأمر "منافٍ لميثاق التيار، وتحديداً البندين الأولين من مبادىء التيّار اللذين يقولان بأنّ الناس يعيشون متمتّعين بالحقوق والحرّيّة والكرامة، ولهم أن يتباينوا في الآراء والتوجّهات والمعتقدات، وتتمسك المبادىء كذلك بالإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والمواثيق والاتّفاقات الدوليّة ذات الصلة".
ويحاجج مخايل بأن "كيل الشتائم والتعرض للكرامات يأخذ مجراه وعلى مرأى النظر من  الفريق الآخر من دون أي استدعاء".


اسبر الذي يعتبر قرار الاستقالة من الحزب غير وارد، يشعر "اننا في هيئة قضاء بيروت الثالثة نستهدف لأننا سمعنا للقاعدة الشعبية وحافظنا عليها. يريدون الإستئثار بقرار التيار في بيروت وقد حلوا هيئة بيروت الأولى بلا أسباب والآن يريدون أي سبب لحل هيئة بيروت الثالثة". ويحرص على التأكيد بأن "سعينا كان دائماً للمحافظة على الحزب وعلى مبادئ العماد عون، وليس صحيحاً أن أحداً منا أصبح ضد ميشال عون. فميشال عون هو الرمز وأقواله هي القضية. بسبب هذه القضية نسعى لإستعادة الحزب ونظام الحزب الذي تم تعديله في الظلام".
ويخلص مخايل الى الآتي "قد أفصل أو قد لا أفصل، لكن ليعلم الجميع، أنني كنت ولا أزال لا أبتغي أي شيء لنفسي. أحلم باليوم الذي يصل فيه العماد عون إلى سدة الرئاسة، ولكن لا أحتمل أن أرى التيار الهادر يصبح فريسة أطماع المراكز"، داعياً الى "طاولة حوار ونقاش تسعى الى مصالحة وتأسيس لاصلاح الخلل والعودة عن قرارات الفصل غير المبررة، والا أعتقد إننا نطلق رصاصة على رجلنا وأقصد التيار ككل وليس أنا أو رفاقي".


ماذا كتبت على "واتسآب"؟


ميشال حداد منتمٍ الى التيار منذ 28 عاماً، وهو عضو منتخب في مجلس قضاء بيروت تلقى اتصالاً من مركزية "التيار" لم يتمكن من الرد عليه الأربعاء الماضي، كما يقول، "بعدها علمتُ من الاعلام ان اسمي موجود من ضمن مجموعة استدعاءات، ولاحقاً وصلني بريدٌ الكترونيٌ يفيد يأنني مستدعىً الى المجلس التحكيمي للمثول امامه الاربعاء المقبل (17 آب)".
بشيء من الانفعال، يقول حداد إن "ميثاق التيار يضمن حرية ابداء الرأي، ولم أتوقع بعد السنوات التي قضيتها في التيار انه سيأتي من يحاكمني لأني تكلمت، ففي عهد الوصاية لم نعامل بهذا الشكل".
جرى استدعاء حداد على خلفية محادثة "واتسآب" وهو أمر نادر، ويقول لـ"النهار": "لا أعلم أي محادثة قصدوا فلم يتم إبلاغي"، مشيراً الى إبدائه رأيه حول ضرورة الحوار في الحزب في إحدى مجموعات "الواتسآب" الخاصة بالتيار وتزامن الأمر مع رفضه اجتماع مجلس القضاء الأعلى".
لكن هل يسمح لاشتراكي ان يسيء الى رئيس الحزب وليد جنبلاط من دون ردة فعل؟ يجيب "صحيح ان ظاهرة الاعتراض والانتقاد الداخلي غير موجودة في الاحزاب اللبنانية الأخرى، لكن نحن طرحنا أنفسنا في إطار مختلف وطمحنا الى تجربة حزبية حديثة ورائدة".
حداد الذي رفض المثول امام المجلس التحكيمي، يقول إن "مقربين من باسيل ذكروا لي ان اتهام المحكمة سخيف فكيف أثق بها؟... هذه المحكمة ساقطة حكماً". ويدعو الى "العودة إلى النظام المتفق عليه والمرسل إلى وزارة الداخلية وارساء قيم الديمقراطية كما نصّ عليها ميثاق الحزب عبر حماية كل محازب يتقدم بأفكار مخالفة للقيادة، وترسيخ روح النقاش والنقد البنّاء داخل أروقة الحزب كما كنا دائماً، والمحافظة على روحية التيار الحاملة لهموم الناس لا العاملة على تأمين مصالح رجال الأعمال أي بعيدا ًمن الزبائنية السياسية كما غالبية الأحزاب والشخصيات التقليدية".
ويتوجه الى الجنرال قائلاً "نريد ما وعدتنا به، أي حزباً ديموقراطياً حديثاً"، محملاً مسؤولية ما يجري لرئيس الحزب فقط.


معايير قانونية
العضو في "التيار" المحامي ايلي بيطار يعتبر أن "ليس ثمة أدنى معايير قانونية في عمل المجلس التحكيمي، فهناك تشكيك في القانون الداخلي، كما ان التبليغات ترسل عبر البريد الإلكتروني وهذا غير قانوني".
ويقول لـ"النهار" انه لا يمكن التعويل على "محكمة تأديبية أو تنظيمية لا تراعي العلنية والشفافية، فلا يخبر المستدعى مسبقاً عن مخالفاته، ولا تقدَم مطالعة الى المحكمة ولا شيء خطياً بل يخبر المستدعى انه أوهن صورة الحزب وأضرّ به، بدل ان يعرض عليه تبليغ مفصل بالأمر وتقدَم له الأدلة والاثباتات". ويشير الى ان "المعارضين لم يقدموا استئنافات ضد قرارات الفصل لكن يجري تدارس الأمر".


وإذ يتوقف عند ما يسميه "الانتقائية في الاستدعاء"، يشير الى ان "القانون الداخلي مشرب بأخطاء خطرة جداً، وهو معرض للطعن متى تقرر الطعن فيه".


الرد...


يتصدى مسؤول الاعلام السياسي في "التيار الوطني" حبيب يونس لكل حديث عن وجود تيار معارض داخل التيار، ويقول:
"هذا غير واقعي على الاطلاق، بل يمكن الحديث عن حالات فردية لم تلتزم القانون الداخلي فقط لا غير... حالات قد يصل عددها الى مئات مقابل 50 ألف منتسب يسعى التيار في المرحلة المقبلة الى ان يشكلوا جسمه العريض".


ويوضح في اتصال مع "النهار" أن "ثمة شكلاً لنظام الحزب قائماً على أعراف وترتيبات، وقد أقرَت في النظام الداخلي، وهناك مجلس تحكيمي يطبّق الشرعة المناقبية التي تتضمن بنوداً يمكن وضعُها في إطار تنظيم العلاقات الانسانية بين الأشخاص".
ويذكّر يونس بالقرار الذي صدرَ في 16 حزيران الماضي ويمنع إثارة الأمور الحزبية الداخلية في الاعلام، متحدثاً عن وجود تدرجات قبل ان يجري الاستدعاء، "نتصلُ بالناشط ونخبره انه يخرق القانون الداخلي ويجري لفت نظره واذا لم يلتزم أكثر من مرة يُستدعى".


اما الاعتراضات على القانون الداخلي، فـ"ليس لها مفعول عملي طالما ان الأكثرية أقرّته... فُصل 4 أشخاص، أمامهم الاستئناف او الالتزام... لسنا في مسرح يقدم عروضات ننتقي ما يعجبنا ونرفض الأخرى، هناك قانون يجب الالتزام به".
ويرفض الحديث عن انتقائية في الاستدعاءات، مشيراً رداً على سؤال الى انه لُفِتَ نظر النائب زياد أسود أخيراً حول حديث صحافي أدلى به حول ذكرى 7 آب وقد أصدر الأخير توضيحاً بعدها".


ولا يرى يونس في الاستدعاءات المتكررة سلبية على مسار التجربة الحزبية، ففي رأيه "لا توجد ديموقراطية من دون ضحايا، وهذا الأمر غير محصور في التيار الوطني الحر".
كما يرفض الطرح الذي يقول ان الحزب يتجه صوب الشمولية، فـ"في كل اجتماعاتنا هناك نقد وأصوات عالية، وهناك جمعية عمومية، واي مساءلة او محاسبة لرئيس الحزب تتم من ضمنها".


ويعتبر ان "الحوار الداخلي موجود وعمر الحالات الفردية المذكورة يعود الى عشر سنوات خلت ولا أحد يمنعهم من إبداء آرائهم لكن جلّ ما نطلب منهم الابتعاد عن الإعلام والادلاء بها داخل أروقة التيار، فلا أحد يحاكم الحرية والفكر، لكن ممنوع القول "حزب الصهر"، فهذا ليس مساراً ديموقراطياً... نحن لسنا حزباً Menu à la carte بل حزب لديه نظام واضح".


الحوار المفقود
في مقابل الأصوات العالية التي يتحدث عنها يونس، يشير ناشطون معارضون الى ان مساحات الحوار مفقودة، كما ان باب الرابية مقفل في وجههم. هؤلاء سيكملون معاركهم بما توافر وسيجري الرد عليهم عبر المجلس التحكيمي كما يبدو. والخلاصة تشير الى مخاضٍ آخر للتجربة الحزبية اللبنانية التي تغرق في متاهات تبدأ بالوراثة السياسية، ولا تنتهي بالصراع بين المثاليات وواقع المشاركة في السلطة، ولا الصراع بين رئيس هو صهر المؤسس، يريد اثبات تجربته ورؤيته وبين ناشطين من جيله يعتبرون ان حصتهم في النضال تخوّلهم المشاركة في القرار. الأكيد ان التجربة الحزبية الحديثة الديموقراطية في لبنان لا تزال بعيدة المنال.


 


[email protected]


@dianaskaini

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم