الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"يا مال الشام" في مهرجانات بيت الدين: رسالة سلام من روحانا وشمّة وشاماميان

هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
"يا مال الشام" في مهرجانات بيت الدين: رسالة سلام من روحانا وشمّة وشاماميان
"يا مال الشام" في مهرجانات بيت الدين: رسالة سلام من روحانا وشمّة وشاماميان
A+ A-

ارتبكَ جمهور مهرجانات بيت الدين الدوليّة أمام هذا الكمّ الهائل من الإبداع بصياغَتِهِ "الشاهقة" حتى الجنون. كان حائراً ما بين الذوبان في الأنغام المُسيّجة بعَزفٍ وأداء صوتيّ يَليق بهما الصمت، وبين التَعلّق بما تبقّى من ذكريات لم يبقَ منها سوى ابتسامة صغيرة "تَبدّدَ" طيفها مع الأيام.


تحيّة راقية إلى تُراث موسيقى الشعوب العربيّة قدّمها أول من أمس المؤلّف الموسيقي وعازف العود اللبناني شربل روحانا، والمُغنيّة الأرمنيّة الأصل السوريّة لينا شاماميان، والعراقي نصير شمّة، الذي يُعتَبَر أحد أبرز مؤدّي العود المُعاصرين. أعطوا الحَفلة التي حَمَلَت كل عَناصر الدالّة على الامتياز والتَفوّق، عنوان "يا مال الشام". واحتفل الثلاثة لما يُقارب الساعتين من الوقت بثقافتنا الموسيقيّة في أحاسيس استثنائية حتى الثورة.
رافَقَتهُم فرقة أوكتو إيكو الكنديّة والأوركسترا الشرقيّة اللبنانيّة بقيادة كاتيا مَقدسي وارن. وكان واضحاً منذ إطلالة روحانا في بداية الحفلة، مُنفَرداً، أن أنغام هذه الأمسية التي كانت سماء بيت الدين شاهدة على "انفِعال أوتارها"، لن تكون "عَرَضيّة". بل ستَفيض بالأحاسيس التي رافَقتها ودَعمَت إيقاعها حتى الّلحظة الأخيرة التي أتت "عَ غفلة" وكأن الجمهور لم يتوقّعها لشدّة سَلطَنته وتَفاعله مع "القيل والقال" النغميّ، والذي أخَذ أكثر من اتجاه خلال الأُمسية التي "رَسَمتها" رقائق الذهب!.
توزّعت الحفلة على فَقرات قبل أن يجتمع الثلاثة في الشقّ الأخير لتتلاحَم أنغامهم ولينصهر جنونهم الإبداعيّ بتصفيق الجمهور وهتافاته التي نادراً ما عَرفت سكينة. مع روحانا كانت المقطوعات الموسيقيّة التي يُعرف عن المؤلّف قدرته على تطويعها، وإن كانت "صعبة المنال"، من دون أن تُفارِق وجهه تلك الابتسامة المُرتاحة التي تُميّز إطلالاته على الخَشَبة منذ أكثر من 20 عاماً. ومعه أيضاً كانت بعض الأعمال الغنائيّة التي تروي كلماتها عن يوميّات تُصبح أقل مُخيّبة للآمال عندما نكتبها أنغاماً تبقى عالقة في البال وإن "لَطّخت" الأيام، سطرها الأخير. مع الإشارة إلى أن روحانا ألّف منهجاً بتدريب آلة العود كما شغَلَ منصب عميد آلة العود في المعهد الوطني العالي للموسيقى.
إلى لينا شاماميان التي قدّمت أولى حفلاتها وهي في سنّ الخامسة، والتي تضيف إلى كل أعمالها فُسحة خياليّة تتجسّد بدمغة خاصّة مُطرّزة بالأناقة. معها كانت عشرات الأغاني المُتنوّعة، مع الإشارة إلى أنها تعمل حاليّاً على مشروعين، أحدهما شرقيّ وثانيهما غربيّ مع كل من المؤلّف غوكسيل باكتاغير وعازف البيانو الفرنسي أندره مانوكيان وبأكثر من لغّة، العربيّة والأرمنيّة والسريانيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة. ومعها أيضاً كانت تحيّة إلى سوريا، تلك الخليلة الغريقة والنَبيلة بحزنها.
وصولاً إلى العراقيّ المُبدِع نصير شمّة ولمسته الخاصّة التي يضيفها على المقامات التقليديّة. ومعه كانت تلك القدرة على العَزف بيد واحدة خلال وَصلات طويلة. ومعه أيضاً كان هذا الـ "عَجز" الّلذيذ عن تحويل النَظر عنه وعن انخطافه "الجامح" حتى السكون! ومعه أيضاً تحيّة إجلال لضحايا التفجير الأخير في الكرادة. مع الإشارة إلى أنه أنشأ عام 1999 "بيت العود العربي" في القاهرة وتولّى مهمّة إدارته. وكانت له أخيراً حفلة ناجحة جداً في الأولمبيا في العاصمة الفرنسيّة.
وتبقى الّلحظات الأكثر انفِعالاً، الإطلالة المُشتركة بين هؤلاء "المجانين"- الرائعين الثلاثة الذين أعطوا أبعاداً جديدة للنغمة. وأقل ما يُمكن أن يُقال عنهم أنهم جدّدوا الذكريات بابتسامتها التي تَبوح بأحلام لم تُكتَب بعد!


[email protected]
Twitter: @Hanadieldiri

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم