الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هاربة من الرقة تروي مشاهدات تؤكّد الصدمة

فاطمة عبدالله
هاربة من الرقة تروي مشاهدات تؤكّد الصدمة
هاربة من الرقة تروي مشاهدات تؤكّد الصدمة
A+ A-

باسم مستعار، تروي رلى كيف تتحوّل المدن آلاماً يومية. العلم الأسود في المكان، ظلاله مخيفة وحرّاسه وحوش. عن يوميات الرقة، تقدّم "الميادين" وثائقياً بعنوان "الرقة سبيّة الفرات"، بطلته سيدة هاربة من جحيم المأساة السورية.


ملثّمٌ على الحاجز، له عينان زجاجيتان ونبرة قاسية، يسأل: "أتحترمين نفسكِ وتخرجين بهذا الشكل؟". علامَ الاعتراض يا رجل؟ تُكمل سيرها، هروبها، خوفها؛ نحو حدود العراق، مُتنكّرة بشخصية راعية غنم. العمل (إعداد علي مرتضى وإخراجه) توثيق إنساني آخر لاستحالة العيش في الظلمة. لسنا في وارد التأويل السياسي للكيفية التي التُقطت عبرها الصور والوضعية الأمنية المُساعِدة. الإنسانية أعمق من الزاروب. وأمام الأهوال البشرية، لا يليق التلهّي بالمحاسبة على النيات.
ترتجف رلى وتخشى العودة يوماً إلى الرقة. ذاكرتها كاميرا توثّق الزمن الصعب والبقاء الأصعب ورعب التحمّل. العمل (20 دقيقة) استعادة بانورامية لجرائم عناصر "الدولة الإسلامية"، كشيء من تأكيد المؤكّد المتعلّق بوحشية التنظيم، لنكون أمام إثبات الصدمة لا خلقها، وتوثيق الموت لا الإشارة إليه. الموت واحد، بجزئيته وكلّيته، وقاسٍ جداً.
رفعت النقاب عن عينيها، ففرك "أبو خيزران" (لقب بَشريّ!) أصابعه: هيّا إلى العمل! ضربها. تُكمل رلى التذكّر: "لا يشبعون من الإعدامات. يفعلون ذلك كلّ يوم. "أنتَ كافر، تفضّل إلى موتك"، وإن حاول الاعتراض، أصبح العقاب عقابين". حدث ذات مرّة أن رأوا سيدة بعباءة مزخرفة. "كيف لها أن تتزيّن؟ كيف تخالف شرع الله؟". جرّوها في السيارة وجلدوا أخاها. "يدرك الباقون في الرقة أنّ مصيرهم الموت"، تتنهّد رلى، ثم تخبر عن سيدة قصّت شَعر صغيرتها كالصبيان لتُجنّبها الكأس المرّة.
كنيسة الأرمن تحوّلت مبنى للولاية، والملعب البلدي مقراً للشرطة الإسلامية. وحين يؤذّن "الله أكبر"، تجول في الشوارع "دوريات الحسبة"، تعاقب تارك الصلاة وتطالبه بغرامة مالية. الأخطر دروس الرياضيات: "احسب السرعة بين مكان إطلاق القناص طلقته، والهدف". جريمة صناعة أجيال تنمو مع المجزرة.


[email protected]
Twitter:@abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم