الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لم يكن ليحصل هذا الكابوس لو امضت رنين شهر العسل في لبنان

يارا عرجة
لم يكن ليحصل هذا الكابوس لو امضت رنين شهر العسل في لبنان
لم يكن ليحصل هذا الكابوس لو امضت رنين شهر العسل في لبنان
A+ A-

بعدما أجهض الانقلاب الذي حصل ليل الجمعة وأدّى إلى مقتل نحو 290 شخصاً في أنقرة واسطنبول، وإلى توقيف عدد كبير من الجنرالات والقضاة في كل أنحاء تركيا بتهمة التواطؤ، أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حملة "التطهير" للقضاء على "الفيروس" الذي بحسب تعبيره هو "مثل السرطان، انتشر في الدولة برمتها". إلاّ أنّ تداعيات الانقلاب لم تقف عند هذا الحد، إذ إنها لم تقتصر على الأتراك فحسب، لا بل شملت اللبنانيين أيضاً في تركيا ولبنان. فقد فتح الانقلاب جبهة المعارك بين اللبنانيين في وسائل التواصل الاجتماعي، فيما عمّت الاحتفالات بعض المناطق اللبنانية. أمّا في تركيا، فقد عاش اللبنانيون تجربة مرعبة نغّصت عليهم رحلتهم وأفسدت لحظات فرحهم. في هذا السياق، تواصلت "النهار" مع عدد من الجالية اللبنانية والسياح اللبنانيين الموجودين حالياً في تركيا للاطمئنان على سلامتهم والاستعلام عما عانوه.


"شهر عسل لا عالبال ولا على الخاطر"
البداية مع "العرسان" الذين قصدوا تركيا بغاية إمضاء لحظات شهر عسل رومنسية مشبعة بالمشاعر الدافئة. لم تكن تتوقع رنين عتال أنّ شهر عسلها سيتحوّل في ليلة إلى كابوس. فحصل ما لم يكن بالحسبان: في حين كانت تسهر برفقة حبيبها يتاملان النجوم، حصل الانقلاب، مما سيجعل هذه الرحلة لا تنتسى، ممزوجة بالرومنسية والحب والخطر والحرب والمعارك. تروي عتّال في حديث لـ "النهار" ما حصل معها ليلة وقوع الانقلاب قائلة " كنت وزوجي في مطعم في فندق الـ Golden Horn على ضفاف جسر البوسفور الذي كان يعرف حركة سير طبيعية، حين تلقيت فجأة اتصالاً من أهلي للاطمئنان عليّ بعدما علموا بالانقلاب في وسائل الإعلام. فتوجهنا إلى الجسر حيث توقفت السيارات عن المرور وأقفلت الطرقات. فما كان علينا سوى العودة إلى فندق السلطان أحمد سيراً على الأقدام. عند منتصف الليل، سمعنا تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي كما لو كنّا في حال حرب. وعند الثانية صباحاً سمعنا دويّ انفجار أيقظنا من نومنا، إضافة إلى هدير محرّكات الطائرات الذي جعلنا نشعر بالخوف والقلق. فليلة الجمعة كانت كابوساً لنا". على الرغم من الليلة الظلماء، تحلّى العشاق بالشجاعة وقررا المضي برحلتهما فتجوّلا يوم السبت في أنحاء المدينة حيث لاحظا التحرّك الخجول للأتراك "كانت الحركة خفيفة جداً في اسطنبول، إلاّ أننا لاحظنا حال استنفار في صفوف المواطنين والعسكر. ما لفتنا هو شعور الأتراك بالانتماء والمواطنة لبلدهم، إذ اجتاح اللون الأحمر الشوارع التركية ورفع المواطنين للأعلام التركية، وتردد الأغاني الشعبية والوطنية في أرجاء المدينة. حضّنا فضولنا على التوجه إلى ساحة تقسيم لمراقبة تظاهرات المواطنين، وما لفتنا أنهم جميعهم مؤيدون للنظام التركي ورافضون للانقلاب، حماستهم جعلتنا نشعر بوفائهم لبلدهم".



 


يوم إضافي في تركيا
كانت رنيم طبولة إحدى اللبنانيات المحتجزات في تركيا نتيجة إقفال المطار وتوقف شركات الطيران عن العمل، إذ كان من المقرر أن تعود إلى لبنان يوم السبت لا الأحد عندما وطئت قدماها أرض الوطن بعد ليلة مرعبة. تروي طبولة لـ "النهار" ما حصل معها قائلة "كنا يوم الجمعة في الليل نتناول العشاء في احد المطاعم المكتظة بالسياح بالقرب من فندق السلطان أحمد. عند الساعة الحادية عشرة والنصف يسارع النادل في إعطائنا فاتورة العشاء لنا ولكل الطاولات دون أن نطلبها منه، فدفعنا المبلغ المترتب علينا وغادرنا المكان. ونحن في طريقنا إلى الفندق، لم نرَ أحداً في الطريق إلاّ أننا كنا نسمع تحليق طائرات حربية، لم يخطر في بالنا أن ثمة شيئاً ما يحصل. ما إن وصلنا إلى الفندق ورأينا كل العاملين في الفندق خارجه ينظرون إلى شيء ما، حتى انهالت عليّ الرسائل من كل أصدقائي وأهلي، فتحت فايسبوك فعلمت بحصول الانقلاب. كانت رحلتنا مقررة يوم السبت، إلاّ أنها ألغيت في ظل عدم القدرة على التواصل مع خطوط طيران الشرق الأوسط نتيجة الضغط. أمضينا اليوم كله في الفندق خوفاً من أن يقع أيّ مكروه. وأخيراً أعلمتنا شركة الطيران أننا سنعود إلى بيروت يوم الأحد. وقد لاحظت أنّ الشعب مؤيد للنظام، فقد عمت المدينة الاحتفالات بالنصر". وكذلك، شملت حال التأهب في تركيا المناطق السالمة من الأحداث كمرمريس مثلاً، حيث أمضى رامي رحلته هناك. ففي حديث لـ "النهار"، يشرح أنه عندما كان عليه العودة إلى بيروت صباح يوم الاثنين عن طريق مطار دالامايا، كان التيار مقطوعاً في المطار نتيجة التدابير الاحترازية الناجمة عن الانقلاب.






 


حال من الذعر والتأهب
قد لا تكون محاولة الانقلاب هذه الأولى في تركيا، إلاّ أنّها كانت كفيلة بنشر الذعر والهلع في صفوف المواطنين الأتراك والسياح. ففي حديث لـ "النهار" مع إحدى الطالبات اللبنانيات في أنقرة التركية، تبيّن أنه تمّ إعلان نوع من حال الطوارئ في البلاد، بعدما دخل المسؤولون عن بيت الطلبة غرفة الطالبات لإعلامهنّ بخطورة ما يحصل "انتابنا الخوف وصديقاتي عندما سمعنا إطلاق رصاص وتحليق طائرات حربية في سماء أنقرة. فجأة دخل علينا المسؤولون في المبنى وأعلمونا في خطورة الوضع في الخارج، وطلبوا منا ارتداء ملابسنا تحسباً لتأزّم الوضع، مما قد يستدعي نقلنا إلى مكان آخر". ويذكر الطالب اللبناني فادي الساكن في منطقة أوسكودار الآسيوية أنّ "الناس كانت تبتاع الخبز والماء وتسحب المال من الصراف الآلي تحسباً من تأزم الوضع".
ويبقى للبناني حصته من كلّ فرحة أو أزمة قد تطاول منطقة معينة في وطنه أو في بلاد العالم. فهو السندباد الذي يجول بقاع الأرض منهمكاً في حلّ أزماتها وتحليلها كما لو كان جزءاً منها. إلا أن لتركيا مكانة خاصة في قلبه، لأنها منفذه الوحيد للتنزّه والتسوّق لكونها أحد البلدان على مقربة جغرافية منه، مما يفسّر ربّما سبب انشغاله في شؤونها.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم