الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

غداً يبدأ التصويت لانتخاب خلف لبان...هل تشهد الأمم المتحدة سابقة في 70 سنة؟

المصدر: "النهار"
نيويورك - علي بردى
غداً يبدأ التصويت لانتخاب خلف لبان...هل تشهد الأمم المتحدة سابقة في 70 سنة؟
غداً يبدأ التصويت لانتخاب خلف لبان...هل تشهد الأمم المتحدة سابقة في 70 سنة؟
A+ A-

تأخذ عملية اختيار أمين عام جديد - أو أمينة عامة جديدة - لـ #الأمم_المتحدة منعطفاً حاسماً في 21 تموز الجاري. يجري الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن - صاحب القرار الأول في هذا الشأن - اقتراعاً أولياً سرياً وغير رسمي لتحديد الشخصية الأمثل بين 12 مرشحاً حتى الآن لخلافة بان كي - مون الذي تنتهي ولايته الثانية الأخيرة مع نهاية السنة الجارية.


غير أن شروع مجلس الأمن في هذه المهمة يأتي بعدما باشرت الجمعية العمومية، المؤلفة من 193 دولة منذ أشهر، خطوات وإجراءات لا سابق لها على الإطلاق لإضفاء بعض الشفافية على عملية لطالما اتسمت بالغموض. لطالما استأثرت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين، بقرار تعيين الأمناء العامين الثمانية السابقين. ومن نافل القول أن الدول الأخرى غير الدائمة العضوية كانت تكتفي بـ"بصمة" على قرار الكبار. وكذلك كانت "تبصم" بقية الدول الأعضاء في الجمعية العمومية.


تغير هذا الزمن. ثمة من يحاول التكيف مع موجبات القرن الحادي والعشرين وشروطه. هناك الآن آلية جديدة بدأت برسالة مشتركة لا سابق من رئيس الجمعية العمومية موينز ليكوتوفت ورئيس مجلس الأمن لشهر كانون الأول 2015 المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية سامانتا باور الى كل الدول الأعضاء من أجل تقديم ترشيحاتها الى منصب الأمين العام باعتباره"واحداً من أهم المناصب التي تتطلب من المتقدم لها أعلى معايير الإستقامة والقدرة والفعالية فضلا عن التزام كامل بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة"، على أن يتحلى المرشحون بـ"الصفات القيادية وأن يتمتعوا بالمهارات الإدارية فضلاً عن خبرة كبيرة في العلاقات الدولية ومهارات لغوية قوية وقدرة عالية على التواصل الديبلوماسي".


فتحت هذه الرسالة الباب لجدالات متعددة الوجه. بالإضافة الى المزايا الواردة في متن الرسالة، تجلى ظاهر الجدالات في تجاذبين رئيسيين آخرين. الأول عالي النبرة قادته بريطانيا علناً بدعم واضح من فرنسا وأقل وضوحاً من الولايات المتحدة ودول أخرى سعياً لكي تكون امرأة هي الأمينة العامة التاسعة للأمم المتحدة بعد ثمانية أمناء عامين جميعهم رجال طوال السنوات الـ٧٠ وبالعدالة الجندرية من عمر المنظمة التي ما برحت تنادي بالمساواة بين الجنسين. يا لها من مفارقة. وجد هذا الجدال دعماً قوياً من الأمين العام بان كي - مون ومن بعض صناع القرار الكبار، فضلاً عن المنظمات الأهلية وغير الحكومية. أما الثاني فتولت ريادته بهدوء روسيا التي تمسكت بعرف المدوارة غير المكتوب بحسب المناطق الجغرافية وفق تقسيمات الأمم المتحدة. لم يأت بعد أي أمين عام من أوروبا الشرقية، ولا يمكن الإفتئات على حقوق هذه المنطقة. استقطب هذا الجدال دعماً لا بأس به من أهل ذلك النطاق الجغرافي. كثيرون يعرفون أن الصفة الأهم في الأمين(ة) العام(ة) المقبل(ة) تتمثل في القدرة على نظام دولي جديد متعدد القطب لا يزال قيد التبلور. يدفع في اتجاه إصلاح فعلي كي تعكس المنظمة الدولية كل المتغيرات الهائلة بعد عقود من هيمنة القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. على رغم ذلك، لا يبدو أن الخمسة الكبار باتوا مستعدين الآن لتقاسم "مكتسباتهم" مع دول أخرى ناشئة. بل إنه من غير الواضح الى أي مدى سيقبلون بشخصية لديها هوامش واسعة من الإستقلالية عندما تحين ساعة اختيار الأمين(ة) العام(ة) الجديد(ة) للأمم المتحدة.


بناء على هذه المعطيات، ترشح للمنصب حتى الآن 12 شخصاً، ستة منهم نساء، وثمانية بينهم من دول #أوروبا الشرقية، كالآتي: كان وزير الخارجية سابقاً لجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية رئيس الدورة الثانية والستين للجمعية العمومية للأمم المتحدة سرجان كريم أول المرشحين للمنصب في 30 كانون الأول 2015، تلته النائبة الأولى لرئيس الوزراء وزيرة الشؤون الخارجية والأوروبية في كرواتيا فيسنا بوسيتش في 14 كانون الثاني 2016. وتبعها في اليوم التالي نائب رئيس الـوزراء وزير الخارجية والإندماج الأوروبي في مونتينيغرو ايغور لوكسيتش، تلاها الرئيس السابق لجمهورية سلوفينيا دانيلو تورك في 9 شباط 2016. وبعد يومين قدمت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، الأونيسكو ايرينا بوكوفا ترشيحها بإسم بلغاريا. وترشحت النائبة الأولى لرئيس الوزراء وزيرة الخارجية والإندماج الأوروبي في مولدافيا ناتاليا غيرمان في 19 شباط 2016، وبعد عشرة أيام تحديداً تبعها رئيس الوزراء سابقاً في البرتغال أنطونيو غوتيريس الذي تولى أيضاً منصب المفوض السامي للأمم المتحدة للاجئين. وأعلنت نيوزيلندا ترشيح رئيسة الوزارء سابقاً مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هيلين كلارك في 4 نيسان الماضي، وتلاها اعلان صربيا ترشيح وزير الخارجية سابقاً رئيس الدورة السنوية الـ67 للجمعية العمومية للأمم المتحدة فوك جيريميتش في 12 نيسان. وترشحت بإسم الأرجنتين وزيرة الخارجية سوزانا مالكورا في 23 أيار الماضي، علماً أنها عملت سابقاً في مناصب إدارية رفيعة في المنظمة الدولية، وتلاها في 29 أيار ترشيح الجمهورية السلوفاكية لوزير الخارجية والشؤون الأوروبية ميروسلاف لاتشاك. وقدمت كوستاريكا في 7 تموز الجاري ترشيح الديبلوماسية كريستيانا فويغيريس التي خدمت سابقاً كمديرة تنفيذية لمعاهدة اطار عمل الأمم المتحدة لتغير المناخ. وأخيراً طلب رئيس الوزارء السابق في أوستراليا كيفن رود من حكومة بلاده أن يكون المرشح الـ13 للمنصب، ومن غير الواضح ما إذا كان آخرون يستعدون لهذا السباق.


على وجود هؤلاء المرشحين، لا أحد يعرف الآن كيف سينتهي هذا المطاف،وما إذا كان الأمين العام المقبل أو الأمينة العامة المقبلة من أوروبا الشرقية، وذلك لأن الخطوات المقبلة لمجلس الأمن لا تزال مبهمة. وليست هناك أدلة كافية على أن الدول الخمس الدائمة العضوية، التي تتمتع بحق النقض "الفيتو"، بريطانيا والصين وفرنسا و #روسيا والولايات المتحدة، مستعدة للتخلي عن نفوذها لمصلحة عملية أكثر ديموقراطية في الجمعية العمومية المؤلفة من 193 دولة. السؤال لا يزال: متى ستبدأ المساومات وراء الكواليس؟


التساؤلات كثيرة حيال مدى قدرة الدول الفاعلة على التزام عرف التناوب غير الرسمي جغرافياً لدى الأمم المتحدة، علماً أن الأمناء العامين الثمانية السابقين كانوا من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا الغربية. أما أوروبا الشرقية، وهي المجموعة الإقليمية التي تشكلت بعد نهاية الحرب الباردة، لم تحظ بعد بأمين عام. وعلى المنوال ذاته، كان جميع الثمانية من الرجال.


ومن المفيد التذكير أن الديبلوماسي الغاني كوفي أنان الذي شغل المنصب بين عامي 1997 و2006 حظي بتأييد إدارة الرئيس الأميركي سابقاً بيل كلينتون. وكذلك تلقى الأمين العام الحالي الكوري الجنوبي بان كي – مون دعماً قوياً من إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش. وتعزز ترشيحه بدعم بيجينغ، التي فضلت بشدة مرشحاً من آسيا، وهددت باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد المرشحين غير الآسيويين أثناء عملية الاختيار عام 2006.


بعد العديد من المناظرات العامة والجلسات غير الرسمية للجمعية العمومية مع المرشحين، يشير البعض الى ارتفاع حظوظ أنطونيو غوتيريس وهيلين كلارك، لكن ثمة من يعتقد أنهما مفضلان لدى الولايات المتحدة والدول الغربية. بينما يفيد آخرون أن ايرينا بوكوفا وناتاليا غيرمان مفضلتان لدى روسيا. ثمة من يتساءل عما إذا كانت بريطانيا يمكن أن تقبل بسوزانا مالكورا بسبب مسألة جزر الفوكلاند مع الأرجنتين، التي تدعي ملكية "المالفيناس". لا يعني هذا أي تقليل من شأن المرشحين الآخرين: فيسنا بوسيتش وفوك جيريميتش وسرجان كريم وميروسلاف لاتشاك وايغور لوكسيتش ودانيلو تورك وكريستيانا فويغيريس، أو كيفن رود إذا ترشح. ثم ماذا إذا ترشحت شخصية بحجم المستشارة الألمانية أنجيلا #ميركل أو المفوضة الأوروبية للميزانية والموارد البشرية البلغارية كريتالينا جيورجييفا؟


عندما يبدأ أعضاء مجلس الأمن غداً الخميس الاقتراع السري غير الرسمي لاختيار مرشح، والتوصية به للجمعية العمومية طبقاً للمادة 97 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن نتائج هذا الاقتراع المغلق لن تتاح علناً. وسيحصل أعضاء المجلس على بطاقة اقتراع لكل مرشح، مع اختيارات هي: التشجيع، عدم التشجيع أو لا رأي. وسيجمع المجلس البطاقات، وسيبلغ الدول المرشحة بنتائج مرشحيها، لكن النتائج المجملة لن تعلن على الرأي العام. وفي نهاية الأمر، يتعين أن توافق الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، على مرشح، ولا يوجد ما يلزمها بالالتفات إلى شعبية المرشحين لدى الجمعية العمومية للأمم المتحدة.


نافذة الترشيحات تضيق. ولم تكشف واشنطن وموسكو أوراقهما بعد. ولكن نهاية اللعبة ستكون على الأرجح تجاذباً بينهما هذه المرة. والنتيجة لن تظهر قبل تشرين الأول المقبل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم