الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"أضواء عراقيّة" على السيد مقتدى الصدر!

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

السيد مقتصى الصدر رجل الدين الشيعي العراقي صاحب الكاريزما والشعبيّة شغل الناس مرّات عدّة منذ إطاحة أميركا نظام صدام حسين في ربيع عام 2003. فهو مرّة مقاوم عسكريّاً للاحتلال الأميركي بواسطة "جيش المهدي". وهو مرّة مؤيّد للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية ومنفّذ لسياستها العراقيّة. وهو مرّة شيعي يتصدّى للمحاولات السنّية العراقيّة الهادفة إلى "استعادة السلطة" والسيطرة في العراق. وهو مرّة وطني عابر للطوائف والمذاهب ومستعد للتعاون مع المحيط العربي للعراق لإعادة بناء الدولة الوطنيّة. وهو مرّة مع رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، ومرّة ضدّه في المسجد وفي الشارع لاتّهامه بالفساد والإفساد. وهو مرّة مع خلفه رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، ومؤيّد لخطواته الإصلاحيّة ودافع أنصاره إلى الشارع لدفعه إلى تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها. وهو مرّة ضدّه وفي الشارع أيضاً ولكن رافعاً يافطة الإصلاح نفسها. وهو مرّة موالٍ لمرجعيّة النجف العليا، ومرّة في موقع بعيد منها.
بسبب ذلك كلّه حيّر السيد مقتدى الصدر العراقيّين والعرب المهتمين بالعراق وربما دولاً كبرى أيضاً، ودفعهم إلى التساؤل عن شخصيّته وأهدافه ومشروعه وطموحاته وارتباطاته. لكنّهم رغم ذلك تعايشوا معه إلى أن قام بتحرّك شعبي وميليشياوي في الشارع قبل أشهر قليلة اقتحم في أثنائه "المنطقة الخضراء" في بغداد مطالباً مرّة جديدة بالإصلاح ومحاربة الفساد. فتساءلوا عن دوافعه وأهدافه، وخصوصاً بعدما بدأت المحافل السياسيّة العراقيّة تتداول معلومات تشير إلى أن تحرّكه منسّق في الداخل مع الجيش ومع الرئيس أياد علاوي، وفي الخارج مع المملكة العربيّة السعوديّة من أجل القيام بانقلاب يطيح الوضع القائم ويؤسّس لعراق جديد. طبعاً لم يحصل الانقلاب لكن السيد الصدر الذي خرج وأنصاره من الشارع عادوا إليه أخيراً وتحت اليافطة نفسها الأمر الذي جعل غير العراقيّين يتساءلون عن دوافعه وعن "الأخبار – الشائعات" الإنقلابيّة.
عن هذه التساؤلات أجاب عراقيّون مطّلعون جداً على ما يجري في بلادهم، فقالوا أولاً أن "الانقلابيات" لا أساس لها من الصحة رغم تداولها وعلى أعلى المستويات. فهي أساساً مستحيلة لأن تركيبة الحكم في العراق والوضع المحلي – الإقليمي والحساسيّات المذهبيّة لا يشجّعون على أمر من هذا النوع. وقالوا ثانياً أن القيادات والزعامات التي تداولته مفلسة بغالبيّتها أو راغبة في التستّر على الفساد. وقالوا ثالثاً أن السيد الصدر زئبقي الشخصيّة. فقبل تهديده باجتياح "المنطقة الخضراء" كان في زيارة لبيروت لم يعلم بها "حزب الله" كالعادة. وعندما علم أنه في لبنان بحث عنه كي ينصحه بعدم الاجتياح لكنه كان ركب الطائرة وغادر. وقالوا رابعاً أنه يوم تداول العراقيّون أخبار الانقلاب السعودي الهوى كان الصدر في طائرة متّجهة إلى طهران. وقالوا خامساً أن الاتصال بينه وبين المرجعيّة الدينيّة في النجف مستمر من دون أن يعني ذلك أنها تسيّره أو تقدر على تسييره وأنها مسؤولة عن أعماله ومواقفه. وقالوا سادساً أن عنده شعبيّة مهمّة وأنه يمتلك قدرة عالية على تنظيمها وعلى تحريكها ساعة يريد. وقالوا سابعاً أن الصدر ينتقد الفساد ويقول أنه يحاربه في حين أنه جزء منه. إذ أن له في الحكومة التي يريد إسقاطها بسبب الفساد ستة وزراء وله في مجلس النواب 35 عضواً.
أما سبب نزوله إلى الشارع قبل أشهر قليلة فكان في نظر العراقيّين المطّلعين أنفسهم مساعدة رئيس الحكومة العبادي لتنفيذ إصلاحياته. إذ صوّت مجلس النواب بالموافقة على نصف حكومة التكنوقراط التي ألّفها وأرجأ إلى اليوم التالي الموافقة على النصف الآخر، لكن ذلك لم يحصل. وبدلاً منه انقسم المجلس وأُقيل رئيسه ونشبت أزمة لم تنته تماماً حتى الآن. ولا يزال الصدر يدعو إلى التظاهر باليافطة نفسها.
في اختصار يقول هؤلاء أن "السيد" عادة ما يصغي ويوافق على مواقف آخر زواره. ويقولون في الوقت نفسه أن العبادي ضعيف ومتردّد. وينفون أن تكون المرجعيّة العليا في النجف وضعته في موقعه الحكومي. و"حزب الدعوة" الذي ينتمي إليه رشّحه له ومشت به المرجعيّة لأنها لم تكن تريد عودة المالكي إلى السلطة. واليوم تؤيّد إيران العبادي بعدما كانت تمسّكت بالمالكي طويلاً. ويقولون أخيراً أن شائعة قرار إيران تحويل "ميليشياتها" في العراق "حرساً ثورياً" مضحكة لأنها هي التي أسّستها ودرّبتها وسلّحتها وموّلتها وتقودها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم