الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

خيبة "عثملية " !!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
خيبة "عثملية " !!
خيبة "عثملية " !!
A+ A-

تفسح التفاعلات اللبنانية التي اتسمت بحرارة فائقة مع حدث الانقلاب الفاشل في تركيا امام جانب ساخر في بعض مكامنه من دون التخلي طبعا عن إيلاء الجانب الجدي أهميته . بداية لا بد من التوقف عند بلد اسمه لبنان لا يزال يختزن هذه القابلية المذهلة على التفاعل الحاد مع تطورات اقليمية مثل الحدث التركي كأنها تعنيه مباشرة . المتعقب لمواقع التواصل الاجتماعي في يومي الحدث المنصرمين يخال ان الأتراك انفسهم لم ينشغلوا كاللبنانيين بتطور وضع تركيا امام أخطر ما واجهته منذ احتل زعامتها رجب طيب اردوغان . بطبيعة الحال ثمة طبائع لبنانية متأصلة غذتها طبائع سياسية متراكمة باتت معها الانقسامات اللبنانية لا تقف عند حدود المسائل الخلافية التاريخية الداخلية بل تتسع لكل " حدث ضيف " خارجي تراه يسقط اللبنانيين تلقائيا في مواسم الحوربة بين " المع والضد " . رأينا هذا النموذج المفارقة في الحدث التركي بأبهى تجلياته الى حدود هزلية مع الانجراف المتهور نحو استباق الحدث ونتائجه وتهافت أولئك الذين راهنوا على اسقاط اردوغان ومسارعتهم الى نعيه اسوة بما حصل تماما في الشارع الدمشقي الموالي للنظام الأسدي ، ولا حاجة الى استكمال الصورة في مشهد الخيبة الذي أعقب سقوط الانقلاب .


اما ما يفترض ان يعنينا جديا من خلال هذه الظاهرة فهو الواقع الذي يعري بلدا يستسلم بالكامل للتعايش الطويل والمكلف مع أزمة فراغ مؤسساتي ودستوري ثم تراه يشتعل بفورة ردود فعل غير معقولة وتتجاوز كل منطق مع حدث لا صلة مباشرة له به ولا بمصيره .هي مفارقة يصعب هضمها وتبريرها ولو ان سببها الواضح لا يخفى على احد . اذ ان الانقسامات اللبنانية غير القابلة للترميم اقله في أفق منظور حول الحرب السورية جعلت رجب طيب اردوغان يسقط على الواقع اللبناني في موقع الاصطفاف حيال بشار الأسد بمعنى اشعال الفرز اللبناني بين مؤيدي الانقلاب في تركيا ومعارضيه قياسا بانقسام لبناني من الحرب السورية . هذه " اللعنة " تطاردنا وستمعن في مطاردتنا اكثر مما تفعل أزمات الداخل نفسها . بل انها العلامة المخزية على الانكشاف اللبناني امام كل خارج مستعار يمكنه ان يلهب حماسة شعبية واصطفافات سياسية بإزاء تطورات لا صلة سيادية للبنان بها فيما تخمد في اللبنانيين النزعة المباشرة الى التحرر من اشرس الأزمات الداخلية التي تحاصرهم وتحكم الطوق على خناقهم . وليس قليلا ان ينفد من معجم المصطلحات الساخرة كل ما يصور اللبنانيين اهل رقص على أنغام الأخرين " تغيم عند غيرنا وتمطر عندنا " منذ الأبد الى الازل . مع ذلك لا ضير ببعض الشماتة ببعض من استفاقوا على خيبة "عثملية " ما دام الواقع الحالي يضع لبنان تحت رحمة السباق على مثل هذه الرهانات المريضة !


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم