الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

عشرون كتاباً في كتاب لمهى ياسمين نعمة "ماذا فعلتم بلبنان؟": بعض ما لا يعرف!

جوزف باسيل
A+ A-

ماذا فعلتم بلبنان؟ ماذا فعلتم باللبنانيين؟ لمهى ياسمين نعمة، كتاب يلخّص عشرين كتاباً فيورد أهم المعلومات وأبرز الأحداث وخلفياتها خلال خمسة عقود، بل خلال قرن كامل. ينتقي الكتاب أحداثاً مهمّة في لحظات حرجة من تاريخ لبنان وحياة اللبنانيين والتجاذبات التي رافقتها، خصوصاً أنّ كلاً من العشرين كتاباً كان صاحبه مؤثراً في الأحداث ومشاركاً في صنعها، أو كان ديبلوماسياً أو صحافياً في موقع المطّلع على الوقائع والأسرار.


يسلّط الكتاب الضوء على دهاليز السياسة ويكشف عن التجارب في الحكم سواء لصانعي القرار أو منفّذيه، ويظهر الأدوار المحلية والاقليمية والدولية عابراً ممن كتب هو أو نقل عنه. مجموعة من اللاعبين كان لهم دور مباشر في الحوادث التي عايشوها والمسؤوليّات التي تولّوها، وشخصيات أدلت بشهادتها وكشفت بعض أوراقها وامتلكت أدواراً في القرارات وتحكّمت بتنفيذها.
لا يحيط الكتاب بكل ما كتب عن الأحداث أو عمّن شارك فيها، إلا من زاوية الآتية أسماؤهم: أمين الجميل، الياس الهراوي، سامي الصلح، هنري إده، ألبر منصور، نجاح واكيم، فريد الخازن، عادل اسماعيل، عبدالله بوحبيب، جورج حاوي، كريم بقرادوني، إيلي حبيقة.وستة كتّاب صحافيّين أجانب، هم: ديفيد هيرست وباتريك سيل، ايغور تيموفييف، آلان مينارغ، كريستين شولتزه، لورا ايزنبرغ. اضافة الى الصحافي الكتائبي جوزف أبو خليل وكميل نوفل المترجم الخاص لرؤساء أميركا.
تقول نعمة: "اكتفينا بما نعتبره معلماً على هذا الطريق طريق المآسي التي حلّت باللبنانيّين بسبب الطبقة السياسية الغارقة في عالمها الجاهل والفاسد وغير المدركة ماهية لبنان المطلقة، الحضارية والانسانية".
وتضيف إنها ذاكرة وطن لما يقرب من خمسة عقود مضت، تشخيص دقيق لما حصل في لبنان يظهر، كما يقول البروفسور فيليب سالم، أنّ المدرسة السياسية هي صنع المستقبل، وفي لبنان لم يصل قادة سياسيون يقودون لبنان الى المستقبل، بل هي طبقة سياسية فاسدة تعاونت مداورة مع العدو التاريخي للبنان غافلة عن أطماعه ومخطّطاته، امتصّت مقدّرات البلاد وأنهكت الشعب باستغلالها وسرقاتها ورمت عليه ديناً تجاوز السبعين مليار دولار ولم تجد من يحاسبها ويضع حداً لجبروتها وتسلّطها".
انها مقتطفات من 638 صفحة، قد تكون الأهم، أو أنّ ثمة ما هو أهم منها، لكنها معبّرة.


المخطّطات الاسرائيلية
المخطّطات الاسرائيلية منذ مطلع القرن العشرين تغيّرت وتبدّلت، لكن ثمّة ثوابت مستمرة، يمكن تلخيصها بتفجير لبنان من الداخل وهدم الصيغة اللبنانيّة تمهيداً للهيمنة الاسرائيلية على الشرق الأوسط بأكمله، وكل الوسائل مباحة بما فيها شراء من في لبنان، ولو كان الثمن مرتفعاً. والتركيز على مشاركة الدروز في العملية. كما عملت الوكالة اليهودية ومن ثم دولة اسرائيل على خطّين: تحالف الأقليّات و"تحالف الأطراف" مثل تركيا وإيران وأثيوبيا.
كان لبنان دائماً ساحة المعركة السياسية والديبلوماسية للآخرين والنزاع لا يتناول مستقبل لبنان فحسب، بل الشرق الأوسط كلّه.
إنسحاب اسرائيل عام 2000 أنهى مفهوم القوة العسكرية لتحقيق أهداف سياسية. خسرت اسرائيل الحرب عام 2006 ونجح "حزب الله" في مواجهة اسرائيل وشكّل تهديداً للاستراتيجيا التي اتبعها "النظام العربي" في مواجهة العدو التاريخي.
ويكشف كميل نوفل حقائق مذهلة في أروقة البيت الأبيض، منها أنّ الادارة الأميركية لا ترى مناسباً لمصلحتها فرض موقف على اسرائيل. ولو أجمع القادة العرب على تعبئة طاقات بلدانهم الهائلة لخدمة القضية الفلسطينية لتمكّنوا من حمل واشنطن على تلبية المطالب العربية... وأصبحت الأنظمة العربية بعد اغتيال الملك فيصل رهينة "بائسة" للإدارة الأميركية. ويروي أنّ الأميركيين والعالم سمعوا من نيكسون بعد وفاته أكثر ممّا عرفوا، وهو على قيد الحياة، إذ قال: "إنّ اليهود مكروا بي وهم في واشنطن وفي كل مكان(...) لعنة الله على تقارير كيسنجر". وكشف أنه كان يراد للبنان أن تفقد الأجهزة الأمنية سيطرتها على البلاد لتسهيل الأمر أمام الفلسطينيّين، كما شاءت سياسة هنري كيسنجر.


النظام السياسي اللبناني
جمع القادة المسلمون صفوفهم ليشنّوا حملة لاعادة تركيب النظام وكان الجامع المشترك بينهم "إنهاء الحكم الماروني". وكتب فريد الخازن نقلاً عن جنبلاط أنّ صائب سلام مارس ضغطاً على بعض رجال الدين السنّة ليعلنوا أنّ الدروز ليسوا مسلمين. وروى ايغور تيموفييف أن حافظ الأسد اتخذ القرار بمنع اسقاط الرئيس اللبناني بالقوة، تدخُّل السوريين كسر الهجوم على بعبدا، فردّ جنبلاط بغضب: "لأول مرة من الممكن اعتماد حل عسكري للمشاكل السياسية للبنان إلاّ أنهم سارعوا الى قطع الطريق علينا".
ولفت باتريك سيل الى أن الأسد سأل كمال جنبلاط: "لماذا تصعّدون القتال؟ إنّ الاصلاحات الواردة في الوثيقة الدستورية تعطيكم 95 في المئة مما تريدون، فما الذي تسعون اليه بعد؟". فأجاب بأنّه يريد التخلص من المسيحيين "الذين لا يزالون جاثمين على صدورنا منذ مئة وأربعين عاماً".
ونقل عبدالله بوحبيب عن المصادر الأميركية أنّ الأسد شدّد على أنه مصرّ على المحافظة على الوضعية الدستورية للمسيحيين في لبنان، وعلى المناصفة في الحقوق والمراكز بين المسيحيين والمسلمين على رغم التفوق العددي للمسلمين".
وجد جوزف أبو خليل أنّ الضمانات التي اعطيت للمسيحيين في النظام السياسي القائم فقدت جدواها، فضلاً عن تزايد اعتراض المسلمين عليها، اعتراضات بلغت غير مرّة حدّ التمرّد المسلّح. واعترف بأن عبثنا بمصيرنا كان أعظم من عبث الآخرين. وأنّ اتفاق الطائف كان ينبغي أن يتم ويبدأ تنفيذه عام 1976، فالحقائق التي فرضتها هي نفسها مذذاك.
وقال نجاح واكيم أنّ رفيق الحريري "لضمان استمراريته واستمرار مشروعه عرف كيف يستغل بدعة "ترويكا" الحكم الى أقصى الحدود، فنجح مع شريكيه الياس الهراوي ونبيه بري في اختصار مؤسّسات السلطة بأشخاصهم وبذلك شلّ دور المجلس النيابي وعمل مجلس الوزراء".
وروى الخازن أنّ المفتي حسن خالد قال لتقي الدين الصلح الذي جاء بطلب من سليمان فرنجية يتوسّط للإفراج عن الجنود اللبنانيين المختطفين لدى الفلسطينيين: إن المقاومة الفلسطينية هي جيش المسلمين.


في الانقسامات المارونيّة
يشرح بوحبيب كيف تنشأ عند الديبلوماسي الاميركي حساسية ضد الموارنة، ويقول: "لواشنطن سياسة مزدوجة في لبنان"، الذي تبدو مأساته "في الاستعداد الدائم لفئات لبنانية مختلفة لمحالفة قوى خارجية من أجل المحافظة على ما تعتقد أنه مصالح طائفتها".
وينقل كريم بقرادوني عن جعجع قوله: "رئاسة الجمهورية لم تعد تنفعنا في شيء، أصبحت شبيهة ببكركي اسماً من دون مسمّى. يُطلقون على البطريرك الماروني لقب "بطريرك أنطاكية وسائر المشرق"، وهو لا يمون حتى على لبنان، وبالكاد على كسروان وجبيل، وما زلنا نتمسك بالتسمية، كذلك رئاسة الجمهورية لم تعد تدير لا الحكومة ولا الجيش ولا الادارات العامة وما زلنا متمسّكين بها".
ويضيف جعجع "أكبر مجرم في حق لبنان هو أمين الجميل، وأسوأ وقت في حياتي هو الذي قضيته معه".
وفي كتاب ريما فرح عن ايلي حبيقة تقول: "أقسم ايلي حبيقة وسمير جعجع في حضور المدبر الرسولي المطران ابرهيم حلو على أن الشرخ لن يحصل والدم لن يسيل مهما بلغ الخلاف". بعد القسم يلتفت حبيقة الى الآباتي نعمان ويقول له: "أقسمنا، لكن أؤكّد لك إنّو بدو يصير شرخ وبدو يصير دم".
ويعتبر البر منصور أنّ فوز الحلف الثلاثي: كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده، فرز اللبنانيين على أساس طائفي، وأفسح أمام اعداء النظام للقضاء على تجربة العيش المشترك وتصديع الوحدة الوطنية. وأنّ سليمان فرنجية أطاح إنجازين للشهابية: سياستها الخارجية وجهازها الأمني.
كانت رسالة رفيق الحريري الى الأميركيين أن يساعدوه على حمل الرئيس أمين الجميل على الاستقالة، لأنه "لا يمكن أن يكون هناك اتفاق بوجوده". وقال: "إنتو جيبوا استقالة الجميل وأنا عليّ أن أجيب فهد بن عبد العزيز الى الشام ليقنع حافظ الأسد بجوني عبده (لرئاسة الجمهورية) وسيكلفني اخراج السوريين من لبنان 500 مليون دولار".
ويعتبر هنري إدّه أنّ وجه لبنان الطبيعي تشوّه تشوّهاً خطيراً خلال الأربعين عاماً الماضية "بعد أن أصبح المال المحرّك الرئيسي، لئلا نقول الوحيد للحياة السياسية تطلّع الأقوياء للحصول على حصّتهم منه (...) وكم من المشاريع ذات التبعية المالية الضخمة حملت الى مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال وأحياناً من دون معرفة الوزير المختص. وتتخذ القرارات المتعلّقة بالأعمال الكبيرة في دوائر خاصة ضيّقة جداً أحاط رئيس الحكومة نفسه بها". وتساءل: "ألا تكفي الثروات الطالعة لا أحد يعرف من أين، والقصور الباذخة ونمط الحياة المذهل والعدواني لتبرير كل الشكوك؟".


القوات وسمير جعجع
يقول الرئيس الهراوي: "رفضت المشاركة في الاحتفال بعودة المقاتلين من "القوات اللبنانية" من زحلة، إذ كنت أبحث عبثاً عن الانتصار الذي يتحدّثون عنه، وقلت اني عائد الى زحلة لأواسي أهالي 87 عائلة فقدت أبناءها بسبب وجود عناصر "القوات" فيها".
ويروي "كان الاتفاق أن تبث اذاعة "صوت لبنان" وتلفزيون الـ "أل. بي. سي" بيانات بأسماء مستعارة لجمعيات وتجمّعات وهمية تناشد الشرعية العمل للقضاء على تمرّد ميشال عون. وعلى أن تطلق عناصر "القوات" مدافع بين فترة وأخرى يتهم عون باطلاقها، الأمر الذي يعطي الحكم ذريعة لمطالبة السوريين بالتدخّل".
ويقول نجاح واكيم "إن "القوات اللبنانية" هي التي بادرت الى قصف بيروت الغربية عشوائياً، والى قصف القوات السورية في مناطق جبل لبنان. وانها كانت على علاقة وثيقة بالمخابرات الأميركية وتتلقّى توجيهاتها من السفارة الأميركية".
ويضيف: "حكاية النفايات السامة بدأت عام 1987 عندما كانت "القوات اللبنانية" لا تزال مسيطرة على المرفأ، وكان أحد أبطال هذه الحكاية هو سمير مقبل الذي مهّد لعملية دخول النفايات السامة الى لبنان بتغطية من قائد القوات آنذاك سمير جعجع".
قادت التحقيقات في ملف كنيسة زوق مكايل عام 1994 الى جريمة اغتيال داني شمعون وعائلته عام 1990 والى علاقة القوات. وروى عدد من الموقوفين أحداثاً تشير الى توريط جعجع شخصيّاً في العملية. أصدر المحقق العدلي القاضي منير حنين القرار الاتهامي طالباً انزال عقوبة الاعدام بجعجع. وصدر الحكم باجماع أعضاء المجلس العدلي في الرابع والعشرين من حزيران عام 1995.
صاح اوري لوبراني في قادة القوات: "بيتكم يحترق ولا تنسَّقون في ما بينكم؟!". وأشار الى الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها "القوات" وعدم ادراكها أن الاسرائيليين قاموا بعملية استدارة شبه كاملة.


متفرّقات
يروي الخازن أنّ المتفجرة التي ألقيت على صحيفة "النهار"، والمتفجرتين على الكنيستين المارونيتين، تعود الى عمليات ثأرية بين الأردنيين والفلسطينيين التي كانت بيروت مسرحاً لها. يروي مينارغ نقلاً عن المدعي العام العسكري أسعد جرمانوس أن أمين الجميل أرسل يطلب تسليمه بطاقات سفر بقيمة 15 مليون دولار. وأن الشيخ بيار قال لديفيد كيمحي الأمين العام للخارجية الاسرائيلية: "إذا واجهتك مشكلة أرسل إليّ SOS.
ينقل السفير عادل اسماعيل عن الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز قوله إنّ نظام الكونفيديرالية كان في الأساس مطلباً إسلامياً عام 1936.
يقول عبدالله بو حبيب إن مشكلة لبنان منذ البداية تختصر بقضيتين: الوفاق والتحرير، وسمحت الخلافات اللبنانية لغير اللبنانيين أن ينشئوا القضية الأخرى: الوجود الخارجي الذي بدأ بالفلسطينيين، ثم جرّ السوري والاسرائيلي والقوة المتعدّدة الجنسيات والليبي وأخيراً الايراني. وصار الخلاف الداخلي تدريجاً مبرِّراً وأسيراً للوجود العسكري الخارجي واستمراره في لبنان.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم