السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

زائر طال انتظاره وصل آخيرا الى لبنان

المصدر: "النهار"
سلوى ابو شقرا
زائر طال انتظاره وصل آخيرا الى لبنان
زائر طال انتظاره وصل آخيرا الى لبنان
A+ A-

بات سكان الكرة الأرضية أسرى العالم الإفتراضي بعد إطلاق لعبة Pokémon Go. لا حروب طاحنة أو مدافع ولا ضحايا وآثار دماءٍ هنا، لا اشتباكات عرقية بين أصحاب البشرة البيضاء أو السمراء، لا خلافات ولا أحقاد، هدف واحد وحَّد أبناء الكرة الأرضية متفوقاً على كل القضايا المعيشية وهو "البحث عن بوكيمون". وكأنَّنا نعيش في رخاءٍ وأمان وما من مآسٍ تشغل بالنا سوى لعبة أدخلت الواقع في عالم الافتراض.


من العزلة إلى الاختلاط


Pokémon Go لعبة عبر الهاتف الخليوي، وضعتها شركة Niantic وأفرجت عنها في كل أنحاء العالم في تموز 2016 للأجهزة العاملة بنظامي "iOS" و"آندرويد". ماهية هذه اللعبة أنها تنظم نشاطات تقوم على البحث عن الشخصيات الافتراضية لهذه السلسلة الكرتونية الشهيرة في الشوارع والمتنزهات والساحات العامة. وباتت أكثر الألعاب درّاً للأرباح بعد مرور ما يقرب من أسبوع على طرحها ضمن التطبيقات الإلكترونية في كلٍ من App store وPlaystore ما ساهم في زيادة قيمة أسهم "Nintendo" بنسبة 25 في المئة منذ طرح اللعبة. حمَّى هذه اللعبة وصلت إلى لبنان، جاذبةً اهتمام المئات من الشباب ومبعدةً إياهم عن تطبيقات التواصل الاجتماعي. جاد بات يتجول بالقرب من فروع شركة الكهرباء بحسب ما يخبر "النهار" إذ إنَّ "بوكيمون" بالنسبة إليه يوجد بالقرب من أماكن الطاقة"، في حين أنَّ يحيى تأخر في الوصول إلى مكتبه لأنه كان يبحث عن البوكيمون في محيط عمله، إذ يقول لـ"النهار" أيضاً إنه "ينتظر هذه اللعبة منذ عامين بعد الحديث عن إطلاقها عام 2014، إنها مرتبطة بطفولتي إذ كنت ألعب هذه اللعبة في التسعينات على الـ"نينتندو". يعتبر يحيى أنَّ للعبة على الهاتف الذكي ميزة فريدة إذ من المعروف أنَّ هذه الأنواع من الألعاب مرتبطة بالبقاء داخل المنزل أو ما يعرف بالـ (indoor game)، ولكن Pokémon Go تجعل اللاعب يتخطَّى الجدران ليختلط بالناس ويتجول في الطرق متعرفاً إلى عالم جديد ومناطق جديدة".


هذه اللعبة التي شغلت الملايين من حول العالم وصل صداها إلى الفضاء ما دفع بوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" إلى الإعلان عن عدم توافر هذه اللعبة لرواد محطة الفضاء الدولية لصعوبات تقنية بحسب ما أكَّد الحساب الرسمي في "تويتر" لمحطة الفضاء الدولية أن "الهواتف الذكية التي بحوزة طاقم المحطة مخصصة لأغراض الأبحاث العلمية فقط"، موضحاً "عدم وجود اتصال بشبكة الإنترنت على متن محطة الفضاء الدولية". فيما أشار تقرير لموقع "The Verge" إلى أن "ناسا تحظر على روادها استخدام أي من الهواتف الذكية في المحطة لاستعمالات شخصية".


الإثارة هي العنوان
نسأل الخبير في وسائل التواصل الاجتماعي فيليب أبو زيد عن الضجَّة التي أحدثتها هذه اللعبة وأسبابها، فيجيب في حديث لـ"النهار" بأنَّ "هذه الألعاب تثير مادة الدوبامين عند الإنسان وهي المسؤولة عن الإدمان وغالباً ما تكون السبب في إدمان المستخدم على مواقع الألعاب الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فايسبوك" وقد أضيف إليها عنصر الواقع المعزز لتصبح مسألة الإدمان مضاعفة". يقسِّم أبو زيد وسائل التواصل الاجتماعي علمياً إلى 6 فئات أساسية منها: أولاً، مواقع العمل الجماعي التي تعتمد على المجموعة لنشر وتدقيق المحتوى مثل موقع "ويكيبيديا" الموسوعة الحرة. ثانياً، مواقع التعبير الحرّ والمدونات المصغرة التي تمكِّن الناشر من مشاركة آرائه سواءً عبر تويتر أو من خلال المدونات مثل "بلوغر".ثالثاً، مواقع مشاركة المضمون التي يندرج ضمنها موقعا YouTube الشهير لتداول الفيديو و"دايلي موشين" للفيديو (Daily Motion) المشهور أكثر في أوروبا. رابعاً، مواقع التواصل الاجتماعي: فايسبوك الأكثر شهرة والذي بعكس ما يُعتقد لا يختصر وحده وسائل التواصل الاجتماعي بل هو جزء منها بحسب هذا التصنيف. خامساً، مواقع الألعاب الإلكترونية التي تسمح للمستخدمين بالدخول واللعب إلكترونياً وخوض المعارك المرئية معاً وشراء الأسلحة والغوص في نزاعات وحروب تأخذ المستخدم إلى عالم آخر ومنها مثلاً لعبة world of warcraft. وسادساً، العالم الافتراضي الذي يخوٍّل المستخدمين خلق حياة رديفة ولكن مرئية لهم واختيار الشخصية المناسبة لهم مع شراء وبيع المنتجات مرئياً إلى ما هنالك من تواصل مع المستخدمين ونذكر من هذه المواقع secondlife.com"، ويضيف: "أما إذا اردنا تصنيف لعبة Pokémon Go فيمكن أن تندرج من ضمن الفئتين الخامسة والسادسة أي إنها تجمع بين العالم الافتراضي والألعاب الالكترونية مضاف إليها عنصر العالم الواقعي ما يعرف بالـ Virtual Reality أو"الواقع المعزَّز" (augmented reality). وهذا النوع من الألعاب ثبت أنه يستقطب جماهير واسعة خصوصاً من فئة المراهقين. كما تعتمد هذه اللعبة على المكان الجغرافي للاعب بحيث يصبح المرء بحاجة إلى الولوج إلى أماكن غالباً ما يعرفها ومرَّ عليها ولكن من دون أن تعني له شيئاً من قبل. أما اليوم فأضافت اللعبة عنصر المفاجأة أو التشويق لأنَّ اللاعب يبحث عن البوكيمون بهدف القضاء عليه في تلك الأماكن التي يعرفها".


إختراق أمني وتقديم إحداثيات!
من جهته، يلفت أستاذ مادة التواصل الاجتماعي في الجامعة اللبنانية الدولية داود ابراهيم في حديث لـ"النهار" إلى أنَّه "مثلما جرت العادة، كلما أُطلقت فكرة في الغرب تحصل محاولات محلية عربية للوصول إليها، انطلقت هذه اللعبة في أميركا وأوروبا ولم تكن موجودة في المتاجر المخصصة للأجهزة الموجودة في المنطقة العربية ما دفع بكثيرين إلى ابتكار طرق للحصول على هذه اللعبة في لبنان ما يضعهم أمام مشاكل عدَّة أبرزها تحميلها من مصادر غير موثوق بها تعرض هواتفهم لمخاطر وثغرات أمنية. وهذه اللعبة بحد ذاتها تستهلك البطارية والانترنت بشكل كبير، وتتطلب إذناً لاستخدام الحساب أو الداتا الخاصة بالهاتف. الأساس فيها يكمن باستخدام الـ GPS أي مشاركة الموقع الجغرافي ما يعرض الخصوصية للخطر، ويكشف الموقع وينقل إحداثيات من منطلق الواقع المعزز. المسألة غير متعلقة بتصوير موقع ما في هذه اللحظة بل بإمكان أن تكون هذه الشبكات مخترقة من إرهابيين أو جماعات تكفيرية ما يمكنهم من رصد مناطق معينة ويقدِّم إليهم معلومات متطورة جداً عن حي أو شارعٍ ما يُشاهد مباشرة".
يؤكد ابراهيم أنَّ "اللعبة بدأت بشكل بريء ولكن قد تكون قابلة للتحول إلى ما هو ضد مصلحتنا، أو أن توضع هذه الكائنات في موقع حكومي أو على الأوتوستراد أو خلف سياج شائك، ما يجعل اللحاق بهذه اللعبة خطراً خصوصاً في ظل غياب المحاذير والتعامل بخفَّة مع هذه المسألة على عكس تلك التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية".


البحث عن Pokémon في بيروت
جاد نعماني المالك لشركة تدير مواقع للتواصل الاجتماعي أطلق في موقع "فايسبوك" صفحة تحمل اسم Pokémon Go in Lebanon لدعوة محبي هذه اللعبة إلى حدث Pokémon Go Lebanon – First meet يجمع أكبر عدد من اللاعبين للتجول يوم الأحد القادم في شوارع العاصمة بدءاً من أسواق بيروت وصولاً إلى مدينة الملاهي في منطقة عين المريسة حيث يوجد أكبر عدد ممكن من PokeStops. يشير نعماني في حديث لـ"النهار" إلى أنَّ "هذه اللعبة مرتبطة بطفولتنا، وهي جزء من ذكرياتنا، من المتوقع أن يجمع الحدث في الساعة السادسة عصراً مئات المشاركين سيرافقهم متخصصون لإطلاعهم على تفاصيل هذه اللعبة أكثر، وسيتوزع المشاركون على ثلاثة فرق تنطوي تحت الألوان التالية الأصفر والأحمر والأزرق. نسعى من هذا الحدث إلى الاستمتاع بوقتنا والتعارف، إضافةً إلى ممارسة الرياضة من دون الشعور بالوقت. شخصياً لم أمشِ لمسافة طويلة منذ زمن ولكنَّ اللعبة أعطتنا إندفاعاً أكبر للخروج من المنزل وتمضية وقت جيد، آملين بألاَّ يكون هناك ضغط كبير على شبكة الانترنت".


لا حراك مدنياً أو تظاهرات شعبية كفيلة بجمع اللبنانيين وحضّهم على التكتُّل للمطالبة بأبسط حقوقهم الاجتماعية، أو شعوب العالم لرفض التطرف والإرهاب والحروب إلاَّ أنَّ لعبة افتراضية كانت كافية لتستحوذ على اهتماماتهم. ويبقى السؤال الأساس: كيف نحمي أنفسنا من إرهابيين قد يستغلون ألعاب كهذه ليصلوا إلى أهدافهم؟


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم