الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

قصة جوانا عقيقي من رحم المعاناة... إلى الشفاء؟

المصدر: "النهار"
نيكول طعمة
قصة جوانا عقيقي من رحم المعاناة... إلى الشفاء؟
قصة جوانا عقيقي من رحم المعاناة... إلى الشفاء؟
A+ A-

"قدمّتُ أوجاعي على نيّة الأنفس المطهرية التي تحتاج إلى صلاة... وما كان فيّي إلا ما فكّر دايماً بالأطفال المصابين بذات المرض يللي أصابني...". بهذه الكلمات عاشت الشابة جوانا عقيقي من عجلتون، أربعة أعوام بالمرارة والإرهاق الجسدي والنفسي. وتخطت أخيراً مرضها العضال بإيمانها القوي وبإصرارها على مواجهة محنتها بصبر وأمل كبيرين. ماذا حصل معها؟


حين تتحدّث إليها وتخبرك عن الفترة العصيبة الذي عاشتها خلال مرحلة المرض الذي اقتحم حياتها من حيث لا تدري، تكتشف كم هي عصامية وجبّارة، ذلك أنها استطاعت رغم ضعفها وأوجاعها أن تنال من المرض وتقوى عليه بعدما أنهكها جسدياً ونفسياً.


تروي جوانا، الصحافية التي تخرجت أمس من الجامعة اللبنانية، قصتها عبر "النهار"، تقول: "كنت في الـ18 من عمري حين التحقت بالجامعة اللبنانية لأتخصص في الحقوق. ولما كانت مواد السنة الأولى تتطلب حفظاً وسهراً، بدأت أشعر بآلام شديدة في رقبتي، ظننت للوهلة الأولى أن سبب ذلك جلوسي الطويل أمام الكومبيوتر، فرحت أتناول الكثير من الأدوية المسكِّنة علّها تخفف من أوجاعي، إلى أن لاحظَتْ عائلتي وزملائي في الجامعة أن انتفاخاً غير طبيعي أصاب وجهي يزداد تدريجاً يوماً بعد يوم". بعد ذلك بدأت جوانا تبحث عن سرّ ألمها الغامض، فخضعت لفحوص مخبرية عديدة، وأدركت أن سبب انتفاخ وجهها ناجم عن حساسية بفعل الأدوية التي أكثرت من تناولها. تقول: "لم يتبيّن في نتائج الفحوص الأسباب التي أدت إلى انتفاخ الوجه، وبعدما خضعت لصور مخبرية جديدة "PET Scan" للصدر تبين أن تضخماً في الغدد اللمفاوية تسبب ضغطاً على شرايين القلب مما يصعب وصول الأوكسيجين إلى الرأس". هذا المرض الذي سقط كالصاعقة على جوانا، دفع الأطباء الى عدم إبلاغها خطورة مصابها ولا نوع مرضها. "علمتُ أن إجراء عملية لاستئصال الغدد مستحيل نظراً إلى موقعها القريب جداً من شرايين القلب"، تقول، "وارتأى طبيبي المعالج في مستشفى "أوتيل ديو" أن لا مفر من العلاج الكيميائي الذي رافقني ثلاث سنوات".


مرحلة من العذاب... ولكن؟
عن هذه المرحلة الصعبة من حياتها التي اضطرت فيها جوانا الى ترك جامعتها وملازمة المستشفى أكثر من المنزل، تروي: "في السنة الأولى من العلاج، كنت أمكث في المستشفى بين 15 و20 يوماً في الشهر، وباقي الأيام في المنزل حيث أكون بحاجة إلى راحة وعناية دقيقة تجنباً لانتكاسة قد تؤخر تقدم شفائي". لا تُخف الشابة المناضلة صدمتها لما حصل معها صحياً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عائلتها وأقاربها وأصدقائها. تارة تختلي بذاتها وتبكي، وطوراً تصلّي وتسأل الله أن يمنحها الشفاء السريع كي تستعيد حياتها من جديد. تعلّق في هذا السياق: "رفضت الاستسلام وآمنتُ أن شيئاً ما فُرض عليّ من الله، وربما أتلقى رسالة من السيدة العذراء تطلب مني تحمّل محنتي وصليبي بكل فرح ورجاء".


لا شك في أن الأدوية الكيميائية التي استخدمت لعلاج جوانا تسبّبت في تساقط شعرها الكثيف والطويل، "كنت أعاني التقيؤ والانزعاج المتواصلين، إلى الانحطاط والتعب الشديد نتيجة نقص قوي في المناعة، الدم الأحمر، الحديد والفيتامينات وغير ذلك". وتشير الى أن الأمر كان يتطلب وقتاً طويلاً "لاستعادة نشاطي وتحسين وضعي الصحي".


تكيّفت جوانا مع واقعها وتقبّلت ما خلّفه هذا المرض من آثار سلبية عليها، وقد أوقفها أكثر من سنة عن إكمال دراستها الجامعية وممارسة حياتها الإجتماعية والترفيهية.


من المعاناة... إلى الصلاة
حوّلت جوانا معاناتها وأوجاعها الى صلاة وتأمل، "وهذا بفضل وقوف عائلتي وشقيقتي لينا وشقيقي إيلي إلى جانبي، ودعمي بشكل متواصل لتجاوز هذه المحنة الصعبة التي اخترقت حياتي"، تقول، "ولم يتوانَ أحد عن توفير ما يلزم لي وصولاً الى شفائي".


بعكس كثيرين، لم تنزعج من قص شعرها ووضع "بيروك" على رأسها. في رأي جوانا الأهم من ذلك إصرارها على الخضوع للعلاج، وخلال ذلك الوقت عادت الى الجامعة والتقت بأصدقائها، ثم انتقلت من اختصاص الحقوق إلى الإعلام".


أنهت جوانا علاجها قبل نحو خمسة أشهر بعدما طمأنها الأطباء بأنها تعافت كلياً من المرض. واللافت أنها استوحت مشروع تخرجها الذي قدمته قبل أيام إلى الجامعة من قصتها الموجعة، إذ عالجت في مجلة الجامعة موضوع المَظاهر التي تسيطر على مجتمعنا، وما لمسته من خلال تجربتها في التعاطي مع الناس. وتختم بملاحظتها أن "غالبية الناس تجذبها القشور"، مسلطةً الضوء على الأمور التي لا يعتقدون بأنها مظاهر لكنها في الحقيقة عكس ذلك، "وفي الخلاصة توصلت الى نتيجة أن الناس الذين يعيشون بالمظاهر هم ضعفاء من الداخل".


[email protected]


Twitter: @NicoleTohme

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم