الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

اللامركزية الإدارية في مهب التوافق السياسي مشروعها ينام في أدراج الحكومة فهل يطلقه المشنوق؟

مي عبود ابي عقل
اللامركزية الإدارية في مهب التوافق السياسي مشروعها ينام في أدراج الحكومة فهل يطلقه المشنوق؟
اللامركزية الإدارية في مهب التوافق السياسي مشروعها ينام في أدراج الحكومة فهل يطلقه المشنوق؟
A+ A-

بين وقت وآخر، يفيق بعض الأفرقاء السياسيين على اللامركزية الإدارية، ويطالبون بوضع قانون لها وإقراره، وهو موجود ونائم منذ اكثر من سنتين في أدراج رئاسة الحكومة، وينتظر ان يدرج في جدول اعمال مجلس الوزراء.


في 7/11/2012 أصدر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي القرار 166/2012 شكل بموجبه لجنة لإعداد مشروع قانون لتطبيق اللامركزية الإدارية تلبية لرغبة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، برئاسة الوزير السابق زياد بارود وعضوية 10 متخصصين، وعقدت اللجنة 47 جلسة عمل في قصر بعبدا، وأنجزت مهمتها في عهد حكومة الرئيس تمام سلام. وأطلق المشروع في احتفال كبير أقيم في قصر بعبدا في 2 نيسان 2014، وأودع لدى رئيس الحكومة، لكنه لا يزال قابعا في أدراج رئاسة الحكومة، ولم يطلب وزير الداخلية نهاد المشنوق إدراجه في جدول الاعمال حتى اليوم. وهناك مشاريع أخرى للامركزية الإدارية في مجلس النواب، أحدها مشروع قانون تقدم به النائب روبير غانم موجود في "لجنة الدفاع والبلديات"، ولم تصل في مناقشته الى اتفاق. لكن المشروع الرسمي الذي وضعته الحكومة لم يصل الى مجلس النواب بعد.
اللامركزية الادارية هي بند من البنود الاصلاحية الواردة في اتفاق الطائف والتي لم تنفذ بعد، وهدفها الأساسي هو تأمين الانماء المتوازن الذي نص عليه الاتفاق، وهي تراعي خصوصية المناطق، وتوفر الخدمات التي لا تؤمنها الدولة اليوم مثل الماء والكهرباء والطرق والأمور البيئية وغيرها، وأزمة النفايات التي عاناها لبنان ويعانيها والتي أذلّت الناس، هي أكبر دليل على أهمية اللامركزية الإدارية، فجبيل مثلا لم تعان هذه الأزمة لأن البلدية سبق ان أنشأت مكبا ومعملاً للمعالجة.
ما الذي يمنع تطبيقها اليوم؟
ورغم إيجابيات اللامركزية الإدارية وفوائدها واعتمادها في معظم دول العالم المتطور، لا يزال في لبنان من يرفض هذا القانون ويتمسك ببقاء السلطة المركزية بين يديه. ففي حال إقرار قانون اللامركزية سيذهب جزء من الصلاحيات التنفيذية والإدارية الى اللجان المحلية، وبالتالي لن تعود هذه السلطة المركزية قائمة، والأطراف التي لديها حضور وصلاحيات وامتيازات في السلطة المركزية لن تقبل بالتخلي عنها، وتفضل طبعا البقاء عليها.
في مؤتمر الطائف اتفق المجتمعون على ادراج اللامركزية الادارية بندا اساسيا في البنود الإصلاحية، فما الذي يمنع تطبيقها اليوم؟ تجيب المستشارة القانونية السابقة في القصر الجمهوري وعضو اللجنة التي وضعت مشروع القانون الدكتورة رايان عساف " ليست عندنا ارادة سياسية فعلية لتطبيق اللامركزية، هناك إرادة عبر عنها الأفرقاء في الطائف بالشكل، لكنها غير موجودة فعليا. من زمان يحكى عنها، منذ عهد الرئيس الياس سركيس ورئاسة الرئيس سليم الحص لمجلس الوزراء، فلماذا لا تقر؟ لأن لا اتفاق سياسياً على اقرار اللامركزية الادارية. لماذا كان هذا الاتفاق السياسي موجودا في الطائف وليس موجودا الآن؟ ما الذي يمنع اعتمادها اليوم ما دامت واردة في اتفاق الطائف؟ اللامركزية الإدارية هي من البنود الإصلاحية الواردة في اتفاق الطائف ونحن لا ننفذها، فمن يتكلم على تطبيق اتفاق الطائف يتوجب عليه السير باللامركزية".
وتضيف عساف اسبابا اخرى لعدم تنفيذ اقرار اللامركزية من أيام وضع الطائف حتى اليوم أبرزها اثنان:
1- هناك أفرقاء سياسيون يعتبرون ان دورهم كبير في قرار السلطة المركزية، فلماذا يتخلون عن جزء من هذه السلطة؟ يتذرعون بتأجيل الموضوع، ولا يعترفون بأنهم ضد اللامركزية. لكن المشكلة انه في كل مرة يضعف فريق، ويقوى فريق آخر، وتعود القصة ذاتها. متى سنصل الى مرحلة يشعر فيها الجميع بأن هذا النظام المركزي يشكل مشكلة حقيقية؟
2- أما المطالبة بها من بعض الأفرقاء الآن فترجع إلى اعتبار انه من خلال اللامركزية يتجزأ القرار المركزي الذي يرون ان لا دور لهم فيه.
وتتدارك من ناحية أخرى بأن "هناك أفرقاء آخرين يطالبون بها لأنهم يرون فيها فعلا فائدة للمواطن، وهذا ما يمكن استخلاصه بعد تجربة الانتخابات البلدية الاخيرة التي أظهرت نتائجها أن الناس صاروا يعرفون قيمة العمل المحلي، والبلديات هي مستوى أول في اللامركزية، ويطالبون بالعنصر الإنمائي أيضا، لذلك لم يلتزم الكثيرون لوائح احزابهم بل انتخبوا المرشحين الذين أظهروا أداء جيدا في بلدياتهم. كذلك وضع المرشحون الجدد خصوصا برامج على أسس انمائية، لانهم شعروا بأن الناس بحاجة الى انماء وخدمات. وهذه خطوة نحو اللامركزية، وتعني أن الناس بحاجة اليها".
ويشار إلى أن المشروع الذي وضعته اللجنة المكلفة من الحكومة اعتمد القضاء وحدة ادارية لتطبيق اللامركزية، بحيث تراعى خصوصية كل وحدة في الإدارة والإنماء، ويمكن الأخذ بهذه التقسيمات، مرحليا على الأقل، واعتمادها مرجعية لتقسيم الدوائر الانتخابية، ومدخلا إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات، يبدو انه بعيد المنال في ظل تناتش السلطة واعتماد الاستئثار بالأكثرية معيارا. ولذا قد يشكل طرح اللامركزية الادارية المدخل الى الحل انمائيا وسياسيا، اذا أراد الاطراف السياسيون ذلك فعلا.


[email protected]
Twitter: @mayabiakl

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم