الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"داعش" وسوسة التكفير في السعودية: استقرار سوريا والعراق أولاً

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
"داعش" وسوسة التكفير في السعودية: استقرار سوريا والعراق أولاً
"داعش" وسوسة التكفير في السعودية: استقرار سوريا والعراق أولاً
A+ A-

مجدداً يد الارهاب ضربت في #المملكة_العربية_السعودية. من القطيف الى جدة فالمدينة المنورة، المشهد واحد والضحايا متعددة، أرواح تزهق وسلم بلد مهدّد من خلايا متطرّفة، تختبئ في جحور الظلم وتظهر فجأة لترتكب "حماقاتها". تفجيرات انتحارية لم تستثنِ المساجد، ولم تحترم شهر رمضان ولا الآذان.


فورة "داعشية" حاولت هزّ عرش المملكة، وإن لم تنجح حتى الآن في الوصول إلى أهدافها، الا انها تضع البلد في حالة مواجهة مباشرة مع التنظيم الارهابي. ولذلك فالمملكة "عاقدة العزم على الضرب بيد من حديد كل من يستهدف عقول وأفكار وتوجهات شبابها". بحسب ما أكده العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مع طمأنة ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، المواطنين إلى أن "أمن الوطن بخير، وهو في أعلى درجاته، وكل يوم ولله الحمد يزداد قوة"، مؤكداً على "حرص الحكومة، ورجال الأمن وإصرارهم على تطهير الوطن من كل من تسوّل له نفسه المساس بمقدساته ومكتسباته وسلامة مواطنيه والمقيمين فيه".
وزارة الداخلية أعلنت في بيان اعتقال 19 شخصاً منهم 7 سعوديين و12 باكستانياً لهم علاقة بالتفجيرات، لا بل من استهدف المسجد النبوي في المدينة المنورة سعودي، فأشباح "#داعش" لم تأت فقط من خارج المملكة، بل منها من ولد وترعرع فيها، لكنه للأسف كان ابناً "عاقًّا"، جحد بما قدمته بلاده له فانقلب عليها، ووضع نفسه في مواجهة معها، ومنهم من أتى من خارج الحدود، لكي يعيث في الأرض فساداً. وبين هذا وذاك تأهبت المملكة ووضعت استراتيجية المواجهة، فالأمر ليس طارئًا وقد سبق للتنظيم أن نفذَ عمليات فيها مهدداً بالمزيد، لكن تفاجأ الجميع بسلسلة العمليات التي استطاع القيام بها وإن لم تصبْ أهدافها. ما يطرحُ السؤال عن مدى نجاح استراتيجية المملكة في مواجهة الارهاب على أراضيها، وهل تم تعديلها بعد ظهور ثغرات فيها، وما هي استراتيجية مواجهتها لـ"داعش" في سوريا والعراق بعد التفجيرات ؟


 


"لحظة فارقة"
تفجيرات السعودية أتت بعد تفجيرات تركيا والعراق وبنغلادش لتكشف النقاب عن الاستراتيجية القديمة المتجددة لـ"داعش" بنشر المواجهة داخل عدة خرائط، لكن تفجير المدينة "لحظة فارقة" بحسب الكاتب السعودي جمال خاشقجي الذي لفت في اتصال مع "النهار" إلى أن "الحرب على الإرهاب بعد جريمة المدينة يجب ان تختلف عما قبلها، فإلى سوء فعل داعش في جدة والقطيف، ودكا وبغداد وإسطنبول، فإن جريمته في المدينة اضعاف اضعاف غيرها في القبح، بعد المدينة لم يبقَ محرم أكبر يمكن ان يتمرغ فيه، فمن يقدم على جريمة تفجير وقتل بجوار المقام النبوي الشريف، يسهل عليه كل شيء آخر". وأضاف "مع ذلك وإلى الآن لم تعلن المملكة استراتيجية جديدة أو متغيرة لمحاربة داعش على الرغم من ضرورتها، بل ابقت على ما اعلنته مسبقاً من استعدادها لارسال قوات إلى سوريا لمحاربة التنظيم، مع تجديد وزير الخارجية عادل الجبير بعد حادثة المدينة العرض على اميركا التي تدرسه بجدية، ومن ضمن الاستراتيجية السعودية كذلك تغيير نظام بشار الاسد لبناء دولة سورية مستقلة ومساعدة الحكومة العراقية للخلاص من الطائفية وإقامة دولة تعددية".
تحقيق هذه الاستراتيجية ليس سهلاً بحسب خاشقجي، فـ"ـمن دون الدور الأميركي الذي هو في وضع مرتبك، هناك انسحابية أميركية، جعلت أيادي السعودية مغلولة في العراق، كما ان التدخل الروسي في سوريا يجعل من التحرك السعودي في ذلك البلد خطراً جداً. لا بل تعدّى الأمر ذلك بعد ما ذكرته الـ"واشنطن بوست" من ان كيري بدأ يتوافق اكثر فأكثر مع الرؤية الروسية حيال الجماعات المعارضة في سوريا. ومع ذلك فالحرب على داعش يجب أن تأخذ صورة الحرب الحقيقية، رغم كل الظروف الصعبة التي تمنع خوضها".



"داعش" بين الفكريّ والعنفيّ
ومن ضمن الاستراتيجية السعودية بحسب خاشقجي "مشروع قانون لمحاربة التطرف والتكفير ومحاسبة من يدعو الى ذلك، اذ يجب ان يكون من الصعب على دعاة داعش الغير عنفيين ان يمارسوا دعوتهم، فداعش في السعودية نوعان، النوع العنفي وهو الذي يتعرض الى الملاحقة الأمنية والقضائية، وهناك نوع آخر يحمل الأفكار ولا يحمل السلاح وهو الذي تحتار فيه الدولة، فهو ليس مجرمًا لأنه لم يحمل السلاح ولم يصرح بتأييد داعش لكنه يطرح أفكارَ كراهية ضد الاقليات وغير المسلمين والتعددية، وهذه الأرضية التي يحتاجها الداعشي الجديد لكي يقتنع بآرائه الغبية".
وعن دلالات تمدّد الفكر الداعشي في المملكة، أجاب "هذا الفكر موجود داخل المملكة وخارجها، بأعداد معتبرة، اذ ما يزيد عن الثلاثة الآف معتقل في السجون السعودية ينتمي الي التنظيم، لكن داعش ليس حركة شعبية، ويمكن تشبيهه باليمين المتطرف الموجود في اي بيئة، وهو ينتشر مع الفوضى، عند انهيار نظام الدولة السياسي والاجتماعي. ومع حالة انهيار الدولة في المنطقة حولنا ازدهر، لذلك يجب ان يكون احد اهدافنا محاربة الفوضى واعادة الاستقرار الى سوريا والعراق، ما سيؤدي الى انحساره، لكن سيبقى معنا لأن سوسة التكفير ضربت العقل المسلم ونحتاج الى جيل او جيلين كي تختفي، وذلك بعد إشاعة ثقافة جيدة وحريات تعيد اليمين المتطرف الى حجمه الطبيعي اي ان يكون مجموعة تحت الضغط وليس مجموعة مزدهرة كما هو اليوم".
تعديل استراتيجية "الارهاب"
من جانبه اعتبر الكاتب السعودي الدكتور خالد باطرفي في اتصال مع "النهار" أنه "لم تكن هناك ثغرات في الاستراتيجية السعودية بقدر ما كان هناك تغيير في استراتيجية داعش ان كان هو الفاعل، فهناك من يوجه اصابع الاتهام الى ايران انها وراء التفجيرات وبغض النظر عن الذين قاموا بها فإنهم لم يعودوا يستهدفون منشآت عسكرية أو مدنية أو مصارف أو حتى مساجد الشيعة بل اتجهوا نحو أماكن لا يمكن توفير الحماية لها مئة في المئة من دون مضايقة المصلين، فعندما نتكلم عن المسجد النبوي وفيه مئات الألوف أو المسجد الحرام وفيه أكثر من مليوني مصلي، فمهما كان عدد القوات فلن تستطيع تفتيش جميع من يأتي أو تراقب كل من يدخل".


بين الخفاء والهجوم
الاستراتيجية السعودية تعتمد بحسب باطرفي "على الأمن الخفي، الأمن الذي لا يشعر به المواطن ولا يضايقه لأنه يحدث في الخفاء، من خلال المعلومات الاستخباراتية الجيدة داخل المملكة وخارجها، وضبط الحدود لمنع دخول السلاح والانتحاريين والمشبوهين، ومن خلال السيطرة على مواقع الانترنت التي تبث لغة التحريض والاثارة او التجنيد من خلال تفعيل القوانين التي تمنع خطاب الكراهية والتحريض وتجرم أصحابه حتى لو كان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال الضربات الاستباقية للمواقع الداعشية والارهابية، والتأكيد أن المواطن هو رجل الأمن الأول، وتوعية المواطنين والتعاون معهم والتفاعل مع المجموعات والمنظمات والجميعات المدنية والاسر للتبليغ عن اي شبهات او اشخاص قد تبدو عليهم مظاهر غريبة قد تكون اسبابها انهم على تواصل مع جهات ارهابية او في مرحلة التجنيد المبكر، هذه الأنشطة قد لا تكون ظاهرة للناس، لكنها بالتأكيد أكثر فعالية من انتظار ان تصل الكرة الى المرمى ولا يقف أمامها الا حارس المرمى اي الجندي الأخير، فأفضل طريقة في هذه الحالة هي الهجوم وضرب خلايا الارهاب".


 


تجفيف منابع الارهاب
اما الاستراتيجية الخارجية للمملكة لمحاربة الارهاب فتقوم بحسب باطرفي "على التعامل مع مصدر الارهاب كإيران ومحاصرتها دبلوماسياً وسياسياً وكشفها امام الأمم، وفيما يتعلق بسوريا والعراق لا تزال المملكة على موقفها في هذين البلدين، وهي تحارب داعش مع قوات التحالف الدولي من خلال الضربات الجوية وقد استعدت لإرسال قوات خاصة برية في سوريا وهي مستعدة لذلك في العراق اذا طلب منها ذلك". وختم بأن "اليد لا تصفّق وحدها، والسعودية حذرت من خطر الارهاب منذ سنوات، وقدمت مبادرة دولية تبنّتها الامم المتحدة، وأنشأت مركزا دوليا في الرياض والتحالف الاسلامي ضد الارهاب لأنها استشعرت مبكراً خطورة الارهاب وضرورة التعاون الدولي في تجفيف منابعه، لكنه أصبح الآن عابرًا للقارات والجنسيات ولم يعد من السهل بوجود التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي السيطرة عليه في بلد واحد او مجموعة بلدان بل يجب ان يتعاون كل العالم في ذلك، وان يكون ملف الارهاب حاضراً على كل طاولة اجتماع وفي كل المستويات الفكرية والمالية والامنية والاستخباراتية، يجب ان يكون التعاون جماعيًّا شاملًا وكاملًا حتى لا نترك اي ثغرة ينفذ من خلالها الارهاب".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم