الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

قياس مستوى إتقان الفرنسيين لقواعد لغتهم في تراجع مقلق...

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل
قياس مستوى إتقان الفرنسيين لقواعد لغتهم في تراجع مقلق...
قياس مستوى إتقان الفرنسيين لقواعد لغتهم في تراجع مقلق...
A+ A-

لم يتعاطَ الألسنيون العرب مع لغتهم الأم بمسؤولية كما الحال عند الفرنسيين. إن أبناء أمتنا لا يقيسون مستوى تملكهم للغتهم الأم لأنهم لا يتذوقونها، لا بل يميلون، كما المثال عند اللبنانيين، عن سابق تصور وتصميم إلى التحدث مع أولادهم بالفرنسية أو بالإنكليزية تاركين للمدرسة واجب تعليم اللغة الأم لأبنائهم.


إزاء هذا الواقع، ينتسب التلميذ إلى مقاعد المدرسة وهو على يقين تام أن لغته الأم تندرج في أسفل الأولويات والدليل اعتماد لغة أجنبية في المنزل العائلي بدلاً من التعبير باللغة الأم أي اللغة العربية. أضف إلى ميل الجيل الناشىء إلى كتابة العربية بحروف لاتينية في وسائل التواصل الاجتماعي ساهم في إسقاط اللغة عن صهوتها وانحدرت بها إلى منزلة لغة عادية.
لنعُد إلى الفرنسيين. كبريات الصحف الفرنسية "في منأى" عن ثغرات القواعد التي يقع فيها سياسيو الصف الأول. ولم يسلم الرئيس فرنسوا هولاند من انتقادات لاذعة في شأن بيان اصدره قصر الإليزيه.



 


 



لم ترحم أقلام الصحافة والإعلام الفرنسي الهفوات اللغوية وسوء استخدام قواعد اللغة الفرنسية التي وردت في بيان صدر عن قصر الإليزيه تنعى فيه السيدة دانييل ميتيران، زوجة الرئيس الأسبق فرنسوا ميتيران، وتشيد بخصائلها. عمدت بعض الجرائد الفرنسية على وضع إشارات حمراء على الأخطاء التي كانت أكثر من أن تحصى وتُعد (2). 


 



 


أما وزيرة التربية نجاة بلقاسيم فقد كتبت تغريدة لا تتلاءم مع المسؤولية التي تسلمتها بعد تعيينها وزيرة للتربية.


أما وزيرة البيئة سيغولين رويال فغرقت "في مستنقع" من الأخطاء اللغوية، وهذا كله يطرح الدور الذي يضطلع به فريق العمل الإعلامي المتابع للتصاريح او التغريدات أو المواقف الصادرة عن هذه الشخصيات.



واقع الفرنسيين المقلق
صارحت كبريات الصحف قراءها "الأعزاء" أن "84 في المئة من الفرنسيين يعبّرون عن انزعاجهم الشديد عند سوء استخدامهم لقاعدة من قواعد لغتهم معتبرين أن هذا ينعكس سلباً على صورتهم الإجتماعية".
هذا الإنطباع هو قسم من دراسة أعدتها شركة "إيبسوس" العالمية لصالح منشورات دار "لو روبير" الشهيرة، والتي اعلنت انها تعمل على إطلاق قاموس خاص لتصويب هذه الأخطاء.
إستعاد القيمون على الدراسة الشغف اللامتناهي الذي يربط الفرنسيين بقواعد لغتهم الأم. لكن الوقائع، وفقاً لنتائج الدراسة، أشارت إلى أن 9 فرنسيين من أصل 10 عبروا عن صدمتهم الكبرى لتفاقم الأخطاء في قواعد لغتهم الأم والتي تُرصد بشكل دوري في المراسلات الإدارية الرسمية أو الخاصة المرسلة لهم.



حرف أو أكثر سقط سهواً
كشفت الدراسة ان بعض الفرنسيين يعمد إلى كتابة الكلمة كما تلفظ. توقفت الدراسة عند كلمة "doigt" -ومعناه الإصبع – حيث يميل البعض إلى اعتماد الحروف الثلاثة فقط كما تلفظ متناسين ما تبقى منها! ويتعدى الكثيرون على اللغة على غرارComme même» " بدلاً من
«quand même او حتى استخدام الفعل في اي صيغة من دون احترام الوقت المرتبط به الحدث اي لا يعتمد فعل أكل في الماضي القريب أي «j'ai J'ai manger»ou «mangez», «mangeais متبنياً صيغة عشوائية لا تراعي توقيت الفعل.
وقد نقلت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية عن مدير مشروع فوليتير بسكال أوستاسي "أننا أعددنا ورشاً تدريبية عن قواعد اللغة الفرنسية، وهذا جاء بناء لطلب 300 مؤسسة في فرنسا تحتاج إلى هذه الورش لتحسين مستوى استخدام القواعد اللغوية لدى موظفيها".



تحديد المسؤولية
سجل القيّمون على اللغة الفرنسية أن اللغة المعتمدة في الكتابة تتسم بالبساطة وتبعد كلياً عن البلاغة. لكنهم سجلوا ملاحظة في غاية الأهمية أن تراجع قياس مستوى استخدام الفرنسيين لقواعد لغتهم الأم هو سابقة لم تسجل في السابق. استعادوا في الذاكرة بعض المحطات التاريخية في عهد الملك لويس الرابع عشر التي أتاحت لبعض المدن الريفية الفرنسية فرصة استخدام بعض المفردات او القواعد الخاصة بها. لكنهم لفتوا إلى ان هذا المنحى لم يلقَ أي ترحيب في العاصمة الفرنسية حيث دأب الفرنسيون المقيمون في باريس على التهكم على ما تعتمده هذه القرى النائية في التعبير الشفهي والكتابي.



أما اليوم، فالوضع وفقاً للباحثين في علم الألسنة، مختلف لأن المجتمع لا يرحم من يسيء استخدام قواعد اللغة او يعمد الى كسر نظمها دون أي مبرر. وقد ربطت وزارة التربية الفرنسية هذا الواقع المتردي بطرق تعبير الجيل الناشىء في وسائل التواصل الإجتماعي والذي يحاول تبنيها في مراسلاته.
رأى بعض التربويين أن التنوع في البرامج التربوية في المدرسة لم يلحظ حصصاً لتعليم اللغة الأم. وأملوا أن يعتمد التربويون المسار السليم الذي يفرض توجيه التلامذة على التعبير السليم للغة وقواعدها قبل تمرسهم بأسس الكتابة النصية الصحيحة بالفرنسية.
وتوقفوا عند الصعوبات الإقتصادية والمالية التي غيّبت دور أولياء التلامذة في مؤازرة تعليم أولادهم في المنزل، معتبرين أن انشغال الوالدين في توفير متطلبات العائلة يفرض على المؤسسات التربوية إعداد التلامذة على الاعتماد على ذواتهم في الدراسة وحضّهم على القراءة التي هي دافع أساسي للتمرس في اللغة وقواعدها.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم