الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

البحث عن سوريا في تركيا

امين قمورية
A+ A-

سرقت تركيا الاسبوع الماضي الاضواء الاعلامية بامتياز. عودتها الى الاحضان الاسرائيلية شكلت حدثاً كبيراً لكنه كان أقل وقعاً من انعطافها السريع والمفاجئ تجاه موسكو. وبات متوقعا ان يستكمل بن علي يلديريم في طهران ما كان بدأه قبل أشهر سلفه احمد داود أوغلو من اعادة الوصل مع الايرانيين بوساطة روسية هذه المرة.
الانفتاح التركي على الروس والاسرائيليين دفعة واحدة ، تحول سياسي يلبي حاجات تركية داخلية وخارجية ولايمكن قراءته بمعزل عن حسابات المصالح والمنافع أو محاولة لتقليل الخسائر في منطقة يعمها الاضطراب والفوضى التي ينوء تحت وطأة اعاصيرها حتى العمالقة.
حتماً سوريا، في قلب المحركات السياسية التركية وكل الخيوط تنطلق منها أو تقود اليها. وهنا لا يمكن فصل التفجير الارهابي الاخطر في مطار اتاتورك عن المسار نفسه. فالذي يربي الثعابين في منزله قد يلسع بسمها، ذلك ان للارهاب اجندته الخاصة ووظائفه المتعددة الوجه والمهمة والتكليف. وقد يكون هذا التفجير "حرباً وقائية" أرادها الموجه رسالة مرعبة تحدد الخطوط الحمر للتحولات السياسية التركية، والتراخي في مسألة رحيل الاسد ومستقبل سوريا، واعادة النظر في التعامل مع الاحزاب الكردية السورية. ولعل أولى نتائج هذا الفعل، اتهام انقرة الصريح لتنظيم "داعش" بالوقوف خلفه، وما قد يترتب عن ذلك من ضرورة اعلان تركيا الحرب على هذا التنظيم وابدال الأولويات الاستراتيجة للأمن القومي التركي من "حزب العمال الكردستاني" وحلفائه إلى تنظيم الدولة وشركائه، وهي رؤية طالما شددت عليها واشنطن. وهذا ان حصل يصب في صلب العمليات السياسية والعسكرية الجارية على الارضين السورية أولاً والعراقية ثانيا.
من الصعب اليوم التكهن بانعكاسات التحولات التركية على المسارات الميدانية والسياسية للازمة السورية. لكن الافق الذي رسمه مجلس الامن لخريطة الطريق السورية بدأ يضيق. الاطراف السوريون المشاركون في جنيف غارقون في الجدل البيزنطي، والحسم العسكري يبدو ممنوعاً والمعارك بين كر وفر والمنتصر اليوم سيكون مهزوماً غداً. مسألة الفيديرالية التي يتحمس لها الاكراد تثير ريبة "المالكين القدامى" وقد تدفع المتضررين الى التخلي عن اصطفافاتهم السياسية والتلاقي مجددا ضد الخطر الاتي من كانتونات الحكم الذاتي.
أوراق روزنامة خريطة الطريق تتساقط بسرعة، فهل هذه الانعطافات الكبرى ناجمة عن استشعار الاطراف المعنيين لضرورة اعادة التموضع قبل التئام طاولة الحل النهائي من منطلق ان الادارة الاميركية الحالية تريد انتصاراً ديبلوماسياً في سوريا باي ثمن لاهدائه الى المرشحة الديموقراطية للرئاسة؟ ام ان ما يجري هو تغيير لقواعد اللعبة قبل بدء الجولة الثانية من الحرب السورية المعلقة في انتظار رئيس جديد في البيت الابيض؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم