السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

هذه مسلسلاتنا المفضّلة في رمضان 2016!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
هذه مسلسلاتنا المفضّلة في رمضان 2016!
هذه مسلسلاتنا المفضّلة في رمضان 2016!
A+ A-

انتهى الشهر قبل أن ننتهي نحن الذين تحمّلنا مسلسلات الوقت الضائع. موسم رمضاني آخر نطويه معاً، بحماسته وخيبته ولحظات التعب، وفي القلب رجاء بأنّنا لم نقصّر. رمضان هذه السنة، جوٌّ عام باهت مع استثناءات لامعة تجمّل روح المُشاهدة. ككلّ سنة، تترهّل معظم المسلسلات بعد نحو عشرين حلقة من انطلاقها، علماً أنّ بعضها يترهّل منذ الحلقة 10 أو 11 أو 12. المفضّلون لدينا في رمضان 2016 عددهم أصابع اليد الواحدة وإصبع من اليد الأخرى: "مش أنا"، "الندم"، "أفراح القبة"، "غراند أوتيل"، "ونوس" و"فوق مستوى الشبهات". هذه أعمالنا المفضّلة، تابعناها بمتعة لا يمنحها سوى الجوّ الفريد المتكامل.


البداية من "مش أنا" (كتابة كارين رزق الله، إخراج جوليان معلوف- "أل بي سي آي") الذي شكّل بالنسبة إلينا الاستثناء الجميل المفاجئ. يستمرّ المسلسل إلى ما بعد رمضان، طارحاً إشكاليات اجتماعية تُستخلص منها العِبر بسياق خالٍ من الوعظ. رزق الله بدور هنا ممثلة خرجت من الرهان رابحة. قبل الكاتبة التي استطاع نصّها هزيمة نصوص كثيرة أخرى، أثبتت رزق الله أنّها ليست فحسب امرأة الصراخ الزوجي في يومياتها مع فادي (زوجها فادي شربل في "عيلة عفرد ميلة")، بل ممثلة درامية حقيقية تجيد الإقناع والإثبات بأنّها موهبة قادرة أن تُصقل وتُبدع. مسلسلها إيقاع مشدود، يهبط قليلاً، ثم يفجّر قنبلة فيتفوّق. الجميع تقريباً قدّم أداء متقناً، أوّلهم بديع أبو شقرا، كما رودريغ سليمان واندره ناكوزي ولمى مرعشلي وسواهم، إلى طوني مهنا بعد أدوار لم يبقَ منها أثر.



(باسم ياخور والرائع سلوم حداد في "الندم").


لا تكترث للترتيب المُتعمد كوننا نحمل تجاه المسلسلات الستة المذكورة إعجاباً لا نشاء زجّه في لعبة المراتب. بدأنا بـ"مش أنا" فكارين رزق الله تستحق البداية، من دون أن يقلل ذلك من شأن "الندم" أو "غراند أوتيل" أو "أفراح القبة" وبدرجة لاحقة، "ونوس" و"فوق مستوى الشبهات". في "الندم" (كتابة حسن سامي يوسف، إخراج الليث حجو- "الجديد")، تطوُّر مذهل لعلاقة المرء مع قسوة الحياة. سلوم حداد في دور أبو عبده الغول إبداعٌ رائع (برأينا هو أفضل ممثل سوري في هذا الدور خلال رمضان 2016)، كذلك محمد نصر في دور الراوي عروة وباسم ياخور بدور عبده الإنسان الطمّاع المتكالب. لا تخيّب مسلسلات حجو ظنّ الطامح إلى فنّ إنساني بحجم الوجع. هي اختزالات ورسائل ومحاكاة درامية ذكية للجلجلة الإنسانية. حجو يجعل من شخصيات عمله انعكاساً لخراب مرعب. قدَّم في شخصية أبو عبده أعمق صورة عن التحوُّل من الجبروت إلى الهشاشة، كاختزال لحقيقة أنّ الدهر يومان: يوم لكَ ويوم عليك. مسلسل رائع بقدرته على تفسير الألم من دون افراط بـ "ضربات الكفّ"، وببسطه المعاناة السورية على طاولة تتسع لكلّ قلب نازف.



(تحية وطارق، الثنائي الأعمق في "أفراح القبة").


"أفراح القبة" (عن رواية نجيب محفوظ، سيناريو وحوار أمين راضي ونشوى زايد، إخراج محمد ياسين- "المستقبل"، "أم بي سي دراما") روعة ما قدّمه رمضان للشاشة، بروعة حضور منى زكي في دور تحية عبده، وإياد نصار في دور طارق رمضان، الثنائي الأكثر فرادة من دون منافس. كنا أمام أوراق تُكشَف وأقنعة تسقط وبشر يتساقطون كأحجار دومينو. المسلسل مرايا مكسورة تُظهر الإنسان على حقيقته، مليئاً بالشوائب والذنوب والخطأ. بدت فيه خشبة المسرح اختزالاً لحياة معطوبة، أبطالها مانيكونات وجمهورها أيادٍ باردة تصفّق.



(متعة التفاصيل في "غراند أوتيل").


عسى أنّ القارئ العزيز لم يملّ بعد، ومشكور على التحمّل. نتابع مع "غراند أوتيل" (كتابة تامر حبيب، إخراج محمد شاكر خضير، تعرضه "سي بي سي"، "إيه آر تي حكايات"). عمل مصري متقن، ممتلئ بجمال التفاصيل، كلّ ما فيه مصنوع بانسياب داخلي وخارجي: الفندق، الملابس، الصورة، الشخصيات، السياق، والعواطف. لافت أنّ العودة إلى القرن الفائت أنتجت العملين المصريين الأهم هذه السنة: "أفراح القبة" و"غراند أوتيل". قدّم المسلسل الفندق على هيئة الذات الإنسانية، بتناقضها ومكرها ومخاوفها وما يملؤها من تقلّبات، وبعض البشر فيه فخامة من الظاهر وتخبّط من الداخل. هدوء عمرو يوسف في دور علي أضعف بعض الشيء حضوره، إلا أنّ التركيبة بأسرها مختمرة، ثمراتها من اللذائذ.



(يحيي الفخراني: لغز الضحكة).


أحببنا "ونوس" (كتابة عبد الرحيم كمال، إخراج شادي الفخراني- "سي بي سي"، "إيه آر تي حكايات")، فاسم يحيي الفخراني يدخل القلب ويترك في أعماقه بهجة. المسلسل مصنوع بمهارة، أدواته الدرامية شيّقة، وممثلوه يؤدّون أدوارهم باتقان. قدّم سياقاً عميقاً لإشكالية الخير والشرّ رغم كونها مادة مسلسلاتية مُستهلكة، مُحافظاً على ونوس (أدّى الدور بأناقة راقية يحيي الفخراني) شخصية تنكشف لتزداد غموضاً وتفسّر الألغاز بضحكاتها. ياقوت (نبيل الحلفاوي) انقلاب لافت لمسار الأحداث وإثبات لقدرة النفس على التوغّل بالمؤامرات الحياتية. هالة صدقي ونيكولا معوّض في دوري انشراح وفاروق، وجهان بمستوى المسلسل.



(يسرا في دور أعاد لها بريقها التلفزيوني).


نختم مسلسلاتنا المفضّلة مع "فوق مستوى الشبهات" (كتابة عبدالله حسن وأمين جمال، وإخراج هاني خليفة- "سي بي سي"، "دبي"، "الحياة")، بالاعتراف بأنّ السبب الحقيقي للإعجاب به حضور يسرا في دور الدكتورة رحمة. المسلسل تركيبة قادرة على الجذب، حملته يسرا بضميرها المقتول في الشخصية وبقلبها القاسي كردّ اعتبار لقسوة العمر التي تعرّضت لها. حافظ المسلسل على إيقاعه المتصاعد، وإمكان التقاط المُشاهد رغم نَفَس الرتابة. عناصره الدرامية متوازنة، إيقاعه في الغالب مضبوط وانسيابه مشوّق، يطرح دائماً السؤال الأساسي: "ماذا بعد؟". التعامل مع دور يسرا بدا متقناً، فلم يقدّمها المسلسل بطلة خارقة تصنع المعجزات، بل إنسانة باغتها موت الأم والشعور بالاطمئنان فتحوّلت إلى صرخة تعوّض سنوات الاختناق القاتل.


جيّد ولكن...
ثمة مسلسلات جيدة، لكنّها ضحية التطويل الممل والأحداث المُضخّمة من دون رأفة بالمُشاهد. "سقوط حرّ" (تأليف مريم نعوم ووائل حمدي، إخراج شوقي الماجري- "سي بي سي") أوّلها، فالمسلسل جيّد درامياً، ورغم ذلك وقع في الفخ. ضخّم النصّ كآبته حتى خلق عوض التعاطف والشفقة، غضباً ونفوراً، فلم يكرّس نيللي كريم هذه السنة نجمة مصر الأولى (تفوّقت منى زكي في دور تحية عبده بمسلسل "أفراح القبة") رغم أدائها المتقن لشخصية ملك، المضطربة نفسياً بعد صدمة قاسية. خلق المسلسل أنفاقاً طويلة وفاته أن يُذكّر بالضوء الآتي. الانزلاق إلى المبالغة وزجّ نيللي كريم بصورة الممثلة العاجزة عن منح المُشاهد ابتسامة ضئيلة، أضعفا المسلسل بعد أدوار استهلكتها كريم، ولا بدّ بعد دور ملك من بحث جدّي عن شخصيات مختلفة كلياً.



(نيللي كريم: البحث ضروري عن دور مغاير).

يبقى "الخانكة" (تأليف محمود دسوقي، إخراج محمد جمعة، تعرضه "النهار" المصرية) من بطولة ماجد المصري وغادة عبدالرازق. العمل ليس من النوع السيئ، علّته البطء والسعي إلى إثبات المؤكد، كالقول إنّ الحق عُرضة للضياع أمام التواطؤ والمصلحة، وفي لحظة تؤكل الضحية وتُهزم، وتتحوّل إلى وحش ضارٍ. ماجد المصري رائع في هذا الدور اللئيم الغامض المستفزّ، وعبدالرازق ممثلة بارعة، لكنّ النصّ لم يمنحها حضوراً استثنائياً، فأكثر من اللفّ والدوران من أجل شعار واحد هو "العدالة الضائعة"، علماً أنّ طرح إشكالية التحرّش مطلوبٌ درامياً، وعند هذا الحدّ، وأمام التمثيل المُتقن، نصنّف المسلسل جيداً رغم ثغره، ونرجئ إلى الغد الحديث عن مسلسلات بعضها من صنف الجريمة الرمضانية، فكما تحمّلنا، نسأل برجاء: هل ستتحمّلوننا؟



(أداء تمثيلي جيد).



[email protected]


Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم