السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"أشهر المحاكمات" لصلاح مطر... وأطرفها: التحرّي عن نيّة الحمار!

جوزف باسيل
"أشهر المحاكمات" لصلاح مطر... وأطرفها: التحرّي عن نيّة الحمار!
"أشهر المحاكمات" لصلاح مطر... وأطرفها: التحرّي عن نيّة الحمار!
A+ A-

كثيرة هي المحاكمات التي ضجّ بها الرأي العام في العالم، وذلك قبل أن تنتشر وسائل الاعلام الحديثة، وطبعاً وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أن بعضها كتبت عنه الروايات أو مثّلت على وقائعه المسرحيات والافلام السينمائية.
بالطبع لا يستطيع كتاب من 400 صفحة أن يلمّ بها جميعاً، لكن المحامي صلاح مطر في "أشهر المحاكمات وأشهر المرافعات" اختار ما اعتبره أثار القضاء وحرّك الرأي العام، خصوصاً في فرنسا بحكم ثقافته الفرنكوفونية وارتباط القوانين اللبنانية ونظم المحاكم فيها، بتلك التي في فرنسا، ما يحتِّم الاطلاع، وقد رغب في اطلاعنا، وبالتالي في لبنان حيث رافع في محاكمه، وأورد الجلسات والمرافعات في أهم القضايا. ومن أطرف القضايا التي رافع فيها مطر، قضية دعوى على شاب رفعتها حبيبته، بتهمة الاخلال بوعده لها بالزواج في مدة أقصاها سنة، وإذا نكل عن هذه الرغبة يدفع لها مبلغاً من المال. فكيف جرت المحاكمة؟ وما كانت وقائع المرافعة؟
والقضية الثانية الطريفة، صدر الحكم فيها في 12 نيسان 1944، عن القاضي حسن الأمين رئيس محكمة صلح جزاء النبطية، وقضى بالتحري عن نية الحمار! في التهمة الموجهة الى صاحبه بعدم الرفق به ، إذ وضعه على المحراث الى جانب الثور! ومن القضايا المؤسفة "محاكمة كتاب" أدونيس العكره، ووقائع الجلسات فيها.


قضية الرئيس الفرنسي شيراك
شغلت محاكمة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الرأي العام الفرنسي والعالمي، إذ إنه أول رئيس جمهورية فرنسي يمثل أمام محكمة، ولم يسبقه إلاّ الماريشال بيتان سنة 1945، الذي دين بالاعدام الذي خفّض إلى المؤبّد بتهمة الخيانة العظمى.
حوكم الرئيس شيراك كأي مواطن عادي من دون حصانة ولا مرور زمن على الجرائم الملاحق بها، والتي بدأت أمام محكمة الجنح في باريس بتهمة سوء استعمال الأموال العامة بدفع رواتب وهمية في أثناء رئاسته بلدية باريس في تسعينيات القرن الماضي، والحكم عليه بدفع تعويضات للبلدية. تفاصيل طريفة في محاكمة الرجل الذي حكم في فرنسا أطول من أي كان: 12 سنة رئيساً للجمهورية، سنوات عدة في رئاسة الحكومة، وسنوات أيضاً في رئاسة بلدية باريس. قد تجد فيها الشعور بالقلق لدى المتهم، الى جانب الاعتزاز بالقوة المبنية على تاريخ طويل من السلطة. وجاء في مرافعة Mignard الذي مثّل جهة الادعاء: "لو كنت في صف الدفاع لقلت هذه محاكمة سياسية، هذا غير صحيح، لأن المحكمة المحترمة لا تحاكم سياسة الرئيس شيراك، إنما مسألة معينة".
وبالرغم من بلاغة السيدة ماري. ب، عن جهة الدفاع، صدر الحكم بادانة شيراك والحكم عليه بسنتين حبس مع وقف التنفيذ. وكان حزبه دفع التعويضات لبلدية باريس.


محاكمة الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري – انطوانيت
إحدى أهم المحاكمات التاريخية، محاكمة الملك لويس السادس عشر الذي نفّذ فيه حكم الاعدام في 21 كانون الثاني 1793، بعد اتهامه في مجلس النواب بالتآمر على فرنسا بفارق صوت واحد، هو صوت ابن عمه، وكان مجلس قيادة الثورة بقيادة روبسبيير أصدر القرار الاتهامي ضد الملك، في 33 بنداً.
واعتبرت محاكمة زوجته التي نسب اليها القول – الذي ضُرب مثلاً - عندما أُخبرت أنّ الشعب يتظاهر "يريد خبزاً لأنه جائع"، فأجابت ليأكل البسكويت. لكن الغباوة لا تستحق القتل، وقد اعدمت بعد يومين من محاكمتها، في 16 تشرين الأول 1793. واعتبرت محاكمتها سياسية.
وتكثر المحاكمات في فرنسا لأعضاء قيادة ثورة 14 تموز 1789، وغيرهم، وأكثر هذه المحاكمات اشتهرت عالمياً، وكتبت عنها الروايات ووضعت الأفلام.


محاكمة الرئيس مبارك
اتهم الرئيس المصري حسني مبارك بإعطاء الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى الى مقتل 850 شخصاً. واتهم ابناه جمال وعلاء بالقيام بأعمال الفساد في تجارتهما المتنوعة، مستغلّين مركز والدهما. وكرّت سبحة اتهامات المدعي العام لمبارك بالفساد والرشوة، بما فيها تصدير الغاز الى اسرائيل بأبخس الأثمان. ومحاكمة رئيس عربي هي أمر نادر الحدوث، عادة ينهي الرؤساء العرب حكمهم، ومعظمهم عسكريون، إما بالقتل في انقلاب عسكري، أو بالموت "حتف انفه"، بعدما أنهكه المرض.
وحكم على مبارك في ما وصف بـ"محاكمة القرن" بالسجن المؤبّد "عما أُسند إليه من الاتهام بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات القتل، والشروع في قتل آخرين..." ولم يعجب الحكم الشعب المصري، فخرج في تظاهرات ضخمة تطالب باعدام مبارك.


محاكمة هنانو
هذه المحاكمة ينطبق عليها الجدال القائم مدى العصور، ولا سيما في أيامنا هذه، تحت عنوان حق الشعوب في مقاومة محتليها، والخضوع لمنطق التمييز بين المقاومة والارهاب. ويأتي التفسير من وجهة الزاوية التي تنظر منها.
ابرهيم هنانو قاد ثورة على الانتداب الفرنسي في سوريا، وبعد جولات من الكر والفرّ اعتقله الفرنسيون وأحالوه الى المحاكمة. ترافع عنه فتح الله الصقال، فقال: إن هنانو يقوم بثورة مدفوعاً بعاطفة وطنية نبيلة مماثلة للعاطفة التي هزّت فرنسا من أقصاها الى أقصاها حينما احتلت المانيا في حرب 1914 بعض الاقاليم الفرنسية، فأبى الفرنسيون أن تداس أرض الوطن وهبّوا يقاتلون ويستبسلون في الكفاح ... إن هنانو لم يرتكب أي عمل سيئ، وكانت أعماله عالية، ولم يقم بأي عمل مخالف للقانون من سرقة ونهب وما شابه...بتبرئتكم هنانو تكونون جديرين بالانتماء الى البلد الذي عمّم على العالم مبادئ الحرية والعدالة. باسم هذين الاثنين، أعيدوا الحرية الى هنانو".
لا يستطيع أي كان أن يفسِّر أو يحدِّد، حكم المحكمة التي رفضت كل الدفوع التي تقدّم بها الصقال، ثم الحكم بالبراءة لهنانو والافراج عنه فوراً. لعل هذه المحكمة انتصرت للحق في المقاومة !
وقد يصح مقارنة هذه المحكمة، بالمحاكم التي حكمت في قضية تنظيم الجهاد في مصر، أو في قضايا التعذيب في أقبية المخابرات عموماً، والانموذج الوارد عن مصر.


قضية رافايّاك
وفي فرنسا أيضاً، فإنّ قضية رافايّاك الذي قتل الملك هنري الرابع أكثر فظاعة وأهمية، لأن دافعها التعصب الديني الذي نراه يتفاقم في أيامنا، من دون أي مبرّر، إلاّ أنّ الملك تحوّل من البروتستانتية الى الكاثوليكية وهي دين الأكثرية الساحقة من الشعب الفرنسي.
كل المتعصبين يزعمون أن الله يكلفهم مهمات القتل! ويقول مطر: "هذا يذكّرنا بعامير الذي قتل رابين رئيس حكومة العدو الاسرائيلي الذي كان يميل الى مصالحة العرب. فقال عامير لرئيس المحكمة: "تلقيت أمراً من الله بقتل رئيس الحكومة". كما أنّ بعض التنظيمات السياسية تعتقد بالجنّة إذا ما قتلت أكبر عدد من الأبرياء. مساكين هؤلاء الناس كيف يزجّون باسم الله تعالى في موبقاتهم وجرائمهم التي لا تنتهي، كأن الله تعالى ينزل الى مستوى البشر المجرمين".


قضية ماتا هاري
ماتا هاري الهندية التي امتهنت الرقص في مسارح باريس اتهمت بالتجسّس لمصلحة الالمان في الحرب العالمية الأولى، وحكم عليها بالاعدام، ونفِّذ الحكم. ولاحقاً قال رجال قانون وأدباء ومؤرخون إنها لم تكن بريئة "ولكنها لم تكن مجرمة الى حد استحقاق الموت".
لفتتني في قصتها ذهنيتان: الضابط الالماني قال لها حين طلبت الف فرنك لقاء المعلومات التي أطلعته عليها: "إن النساء الجميلات يجب ألاّ يطلبنّ أشياء كثيرة". فيما قال لها المحقق العسكري الفرنسي: "أهنئك لأنك طلبت مليون فرنك على أعمالك، إذ إن المرأة الجميلة تستطيع أن تطلب ما تشاء".
وتكثر قضايا الغرام والانتقام في مسلسل محاكمات هذا الكتاب، سواء في فرنسا أو لبنان، ومنها: "الصبية الحلوة المثقفة هل قتلها زوجها أم انتحرت؟".وفي هذه القضية وقائع بوليسية وتحقيقات وتفاصيل على طريقة المحقق "كولومبو". وقضية "الحب والأسيد"، وهي دعوى أقامتها كريستيان بطرس على منصور لحود، بتهمة التحريض على رشّها بمادة الأسيد المحرّمة. وتفاصيل القضية مثيرة. وأيضاً قضية "من قتل السيدة الغنية؟".
هذا بعض ما ورد في الكتاب الذي ينطبق على قضاياه، كما على كل قضايا المحاكمات في العالم، قول الشاعر ابن الوردي:
إنّ نِصفَ الناس أعداء لِمَن ولّي الأحكام هذا إن عَدَل!


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم