الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

التصويت بـ"لا" للبقاء في الاتحاد الأوروبي يهدّد بريطانيا

المصدر: "النهار"
التصويت بـ"لا" للبقاء في الاتحاد الأوروبي يهدّد بريطانيا
التصويت بـ"لا" للبقاء في الاتحاد الأوروبي يهدّد بريطانيا
A+ A-

حذّر تقرير أعدّه مكتب رئيس الوزراء البريطاني ونشرته صحيفة الجارديان البريطانية من عواقب مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، وأشار التقرير إلى ان المملكة ستمضي ما يقارب 10 سنوات للانسحاب من الاتحاد حيث سيتعين علىها إعادة التفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية وغيرها مع الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء مما سيؤثر سلبا على عدة مجالات تشمل صناعة السيارات والزراعة والخدمات المالية، فضلا عن تأثيره على حياة ملايين البريطانيين الذين يعيشون في أوروبا. وحذر التقرير من أن 10 سنوات من عدم إلىقين ستضرب الأسواق المالية والاستثمار وقيمة الجنيه الاسترليني، كما حذّر من أن حقوق نحو مليوني بريطاني مغترب للعمل في دول الاتحاد الأوروبي، ربما لم يعد بالإمكان ضمانها. وتشمل الـ 10 سنوات التي ذكرها التقرير الوقت الذي ستستغرقه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، وإبرام اتفاقيات جديدة للتجارة، وكذلك التفاوض على صفقات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة ودول أخرى في أماكن أخرى.


وأوضح التقرير أن العملية التي ستغادر بموجبها بريطانيا الاتحاد الأوروبي، ستكون معقدة وطاحنة مع دول أوروبية أخرى تحاول الاستفادة بأكبر قدر ممكن، وأشار إلى أن الطريقة القانونية الوحيدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي تكمن في المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، ولكن التقرير ذكر أنه لا يوجد سابقة لهذا الانسحاب، مستبعدا احتمال أن تحقق بريطانيا مفاوضات ناجحة في فترة زمنية تستغرق عامين.


ويشير التقرير إلى إن المضي قدما في عملية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، تحتاج إلى موافقة بالإجماع من جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 الأخرى، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ممارسة بعض الدول ضغوطا من أجل تقديم تنازلات.


بدورها، حذّرت دراسة لوزارة الخزانة البريطانية من أن خروج بريطانيا من الاتحاد قد يتسبب بركود لمدة عام ويخفض نمو الاقتصاد بواقع 3.6%، وتوقعت وزارة الخزانة سيناريو "صدمة كبيرة" سيحدث إذا غادرت بريطانيا السوق الموحد للاتحاد الأوروبي وإمكانية تعثرها اقتصاديا كعضو منفرد في منظمة التجارة العالمية بعيدا عن الاتحاد. وأشار التقرير إلى أن إجمالي الناتج المحلي سيتراجع بعد عامين بمعدل 6 في 8%، وستكون هناك زيادة أخرى في التضخم، وسيشهد قطاع الإسكان نموًّا في الأسعار ما بين 10% إلى 18%. وكان تقرير سابق للخزانة، بحث في التأثير الطويل الأجل للخروج من الاتحاد، وتوقع أن تخسر كل أسرة بريطانية نحو 6450 دولار من دخلها السنوي.


وحذر اثنان من أكبر مراكز الدراسات في ألمانيا من أن بريطانيا ستواجه خسائر مدمرة إذا تركت الاتحاد الأوروبي، لأن هذه الخطوة ستكلف الاقتصاد البريطاني خسائر قد تصل إلى 313 مليار أسترليني بحلول عام 2030. قال معهد ايفو للبحوث الاقتصادية إن بريطانيا لن تكون قادرة على عقد صفقات تجارية جديدة وبسرعة، وستتقلص استثماراتها بشكل كبير قد يصل إلى 14% من الناتج المحلّي البريطاني في حلول نهاية العقد وأكبر الخسائر ستكون في مجال الخدمات المالية، والمواد الكيميائية، الهندسة الميكانيكية وصناعة السيارات. كما أكدت هذه الدراسات على الانعكاس السلبية لخروج لندن على باقي الدول الأوروبية، حيث يتوقع ان تؤدي هكذا خطوة إلى فقدان المانيا ما بين 0.3% إلى 2% من نسب نموها سنويا بحلول عام 2030 ، في حين ستعاني ايرلندا ولوكسمبورغ وبلجيكا والسويد ومالطا وقبرص خسائر أكبر في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد الواحد. وقرار المغادرة يعني وقف مساهمة بريطانيا في ميزانية الاتحاد الأوروبي، وبالتالي هذا الامر سيجبر المانيا على دفع 2.5 مليار أورو إضافية سنويا فيما ستدفع فرنسا 1.87 مليار أورو.


وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة أوبن يورب كلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تصل إلى ما نسبته 0.8% من ناتجها المحلي الإجمالي، ولكن أيضا ستخسر البلاد أكثر من 80 مليار أورو بحلول عام 2030 في حال فشلت بإبرام اتفاق تجاري جديد مع الاتحاد الأوروبي. أما بنك إنجلترا المركزي فحذر، من حالة عدم اليقين بشأن الاستفتاء واصفاً إياها بأكبر خطر حالي يواجه الأسواق المالية العالمية، مشيرا لوجود مخاطر ذات آثار سلبية غير مباشرة ستترتب على الاقتصاد العالمي جراء الاستفتاء، وتوقع البنك تراجعًا كبيرًا للجنيه الإسترليني في حال ما تم التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيما تحدث عن تدابير طارئة للتعامل مع أيّ مشاكل تترتب على نتيجة الاستفتاء، تشمل تقديم المزيد من الدعم للبنوك والشراكات مع البنوك المركزية الأخرى للحفاظ على الاستقرار المالي. كما يمكن لصدمة الخروج ان ترفع تكاليف الاقتراض في بريطانيا بنحو 1.5% مما يحملها خسائر بنحو 40 مليار أورو اي ما يعادل 2.6% من إجمالي ناتجها المحلي. يعتقد أغلب خبراء الاقتصاد أن مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي يمثل "أمرًا سيئًا" لآفاق الاقتصاد في البلاد، حيث أشار مسح لـ"فاينانشال تايمز" شمل أكثر من 100 اقتصادي إلى عدم وجود أيّ توقعات بنمو الاقتصاد البريطاني في العام الحالي حال مغادرة الاتحاد. وعلى المدى المتوسط، يرى 75% من الاقتصاديين المشاركين في الاستطلاع أن مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي سوف تضر بآفاق نمو اقتصاد البلاد، في حين قال 8% فقط إن الخروج قد يفيد لندن، بينما أشار 20% أنه لن يشكل فارقًا كبيرًا بالنسبة إلى الاقتصاد البريطاني.


ألاصوات الرافضة والمحذرة...
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إعتبر تأثير بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سيكون أقوى إذا صَوَّت الناخبون لصالح البقاء في الاتحاد، فيما حذّر 13 من كبار العلماء البريطانيين من ان خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي يهدد البحوث العلمية في المملكة المتحدة.


واكد العلماء ان احتمالات خسارة التمويل الأوروبي تشكل خطرا كبيرا على البحث العلمي البريطاني، من جهة ثانية بدأت شخصيات بارزة في حزب العمال المعارض مناشدة قيادتها مضاعفة الجهود لابقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. بدوره حذر وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله المملكة المتحدة من ان "الداخل هو الداخل، والخارج هو الخارج"، وبالتالي فإن البلاد لن تستفيد بعد خروجها من الاتحاد من فوائد السوق الأوروبية الموحدة.


ووبحسب التحاليل، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة "كارثة" لمكانة الاتحاد على الصعيد الدولي، كونه سيلحق مزيدا من الضعف بهذا التكتل الذي يواجه أزمات متتالية، حيث حذرت بعض الدراسات من أن خروج بريطانيا قد تنجم عنه عواقب كارثية على صعيد السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وأمنه. وسيضيف بالتالي ازمة جديدة إلى تلك التي تعصف بهذه الفترة المضطربة، بدوره حذر المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ينطوي على مخاطر جسيمة للأورو. وأشار مدير المعهد مارتسل فراتشر إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى خروج دول أخرى، وأوضح أنه يري أن إجراء استفتاءات مماثلة في بعض دول اليورو مثل إيطإلىا أو فرنسا يمكن أن يسفر عن اضطراب أكثر خطورة من احتمالية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أما رئيس هيئة الرقابة المالية الاتحادية في ألمانيا "بافين" فإعتبر ان تصويت البريطانيين بالخروج من الاتحاد سيضر البنوك الألمانية الكبيرة نظرا لتعاملاتها المكثفة مع لندن.


ولم يستبعد وزير المال البريطاني، جورج أوزبورن، أن ينعكس التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على اقتصاد المملكة بشكل أسوأ مما تتوقّعه الحكومة، حيث يمكن أن يؤدي هذا الانفصال إلى تراجع الانتاج المحلّي البريطاني بأكثر من 6%. وتتطابق توقعات أوزبورن تقريبا مع توقعات صندوق النقد الدولي، والتي قال فيها إن الخروج من الاتحاد يمثل أكبر مخاطرة على المدى القريب لاقتصاد المملكة، متوقعا ان يؤدي خروج لندن من التكتل الأوروبي إلى فقدان ما يقارب 5.6% من نموها بحلول 2019. فيما شدد الصندوق على ان بريطانيا وحال خروجها سيتعين عليها التفاوض بشأن قواعد تجارية جديدة مع الاتحاد إذا أرادت البقاء في السوق الأوروبية الموحدة.


أما رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك فاعتبر إنه إذا صوّت البريطانيون لصالح خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء فقد ينذر ذلك ببداية النهاية للاتحاد الذي يضم 28 دولة وللحضارة السياسية الغربية بشكل عام، معتبرا ان الخروج الفعلي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حال أيّده البريطانيون في الاستفتاء المرتقب سيتسغرق نحو سبعة أعوام، يتخلل هذه الفترة إلغاء مختلف العقود التي تربط المملكة المتحدة بأوروبا ليتم بعدها وضع تصور لشكل العلاقات الجديدة التي سيتم بناؤها بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. بدوره يعتبر كبير المعلقين الاقتصايين في صحيفة "فاينانشال تايمز" مارتن وولف أن المملكة المتحدة التي تمتلك أقل من 1% من سكان العالم ونحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي يمكنها تحقيق ما تريد بشكل أكثر فعالية من داخل الاتحاد، مشير إلى ان التصويت بـ"لا" للبقاء في الاتحاد الأوروبي سيمثل الدخول في المجهول بالنسبة لبريطانيا.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم