الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مساهمة "حزب الله" في انتخاب رئيس \r\nهل كانت لتجنّبه قانون العقوبات الأميركي؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

تعتقد مصادر سياسية مطلعة أن انتخاب رئيس للجمهورية في وقت ما خلال العامين الماضيين كان ليجنّب "حزب الله" قانون العقوبات الذي أقره الكونغرس الاميركي في نهاية العام الماضي ووقعه الرئيس الاميركي باراك اوباما لاحقا هذه السنة، ليس استنادا الى اقتناع وفقا لهذه المصادر بأن تعطيل انتخاب رئيس قد يكون السبب وراء هذا القانون، أو المحفز له، لأن الموضوع كله ليس على رادار اي جهة خارجية، وفي مقدمها الاميركيون. إلا أن هذه المصادر تعتقد أن إبداء حسن النية في الرغبة في التوصل الى اتفاق سياسي داخلي والانخراط أكثر في مسار تحييد لبنان عن أزمات المنطقة عبر تفعيل مؤسساته الدستورية وعدم تعطيلها أو رهنها بنتائج الحرب السورية كان سيرسل إشارة ايجابية مهمة من جانب الحزب. وهذه الاشارة الايجابية كانت ستؤخذ في الاعتبار حكما في الخارج، فضلا عن أن الانخراط السياسي من جانب الحزب كان سيوسّع قاعدة الغطاء الداخلي على غير ما باتت عليه الأمور بالنسبة الى الحزب، بحيث يشكل تمسكه بالعماد ميشال عون، تحالفا أو ترشيحا لسدة الرئاسة الاولى، جزءا من غياب أي غطاء أوسع. وهذا الانخراط من جانب الحزب في عملية سياسية تنقذ الوضع الداخلي، لم يحصل بطبيعة الحال، في حين ان اي انتخاب لرئيس الجمهورية كان سيعني وجود توافق سياسي على الحكومة أيضا وعلى قانون الانتخاب، مما كان ليحدّ كثيرا من هامش خيار التضييق ماليا على الحزب، للاعتبارات أو الاسباب المعلنة والمعروفة، انطلاقا من رغبة مبدئية لدى الولايات المتحدة والخارج في الابقاء على استقرار لبنان قدر الامكان في هذه المرحلة التي تشهد غليانا، وتاليا صرف النظر ربما عن تسليط الضوء على المزيد من التضييق المالي على الحزب. كما أن وجود رئيس للجمهورية يمنحه موقعه القدرة على إجراء اتصالات واسعة ومسؤولة مع واشنطن ومع الكونغرس الاميركي وحشده الجهود اللازمة داخليا وخارجيا على هذا الصعيد في إطار سعيه الى حماية لبنان، كان يمكن أن يساعد نوعا ما في تجنيب الحزب هذه الكأس، في الوقت الذي أسقط في يد الحزب في قرار التضييق عليه لجهة افتقاده في الداخل كل من يمكن أن يدافع عنه حتى من حلفائه المرشحين لرئاسة الجمهورية، للاعتبارات التي تدفع بهم الى عدم التفريط بحظوظهم إذا وجدت، أو من أي فريق آخر تجاوزه الحزب مع كل الافرقاء الآخرين في القرارات التي يتخذها. بذلك قد يكون الحزب يدفع ثمنا باهظا ربما لن يود الاعتراف بأن تفاديه كان ممكنا، على ذمة هذه المصادر. ففي المقلب الآخر للامور، تخشى هذه المصادر ألا يكون هناك الكثير مما "يشفع" بالحزب الى جانب الاعتبارات الداخلية اللبنانية المذكورة. فمع اقتراب مرور سنة على الاتفاق النووي الذي توصلت اليه طهران مع الدول الخمس الكبرى زائد المانيا كان أحد الهواجس الرئيسية لطهران التأكيد ان اي ملف آخر غير هذا الملف لم يبحث مع هذه الدول، ولا سيما مع الولايات المتحدة الاميركية، الامر الذي أبقى طهران في الدرجة الاولى على لائحة ابرز الدول الداعمة للارهاب وفق القوائم الاميركية، وهذا يشمل امتداداتها في المنطقة، خصوصا أن جزءا من العقوبات التي لم تشملها نتائج الاتفاق النووي لا يزال رهنا بهذا الشق من تصنيف اميركا لايران، خصوصا أن الكونغرس الاميركي يسيطر عليه الجمهوريون الذين لم يرتاحوا الى الاتفاق النووي مع طهران، ورفضوا رفع العقوبات المفروضة عليها، بل كان الاتجاه لديهم فرض المزيد من هذه العقوبات. وهو الامر الذي يعني أن التعامل مع الحزب لن يكون أفضل من التعامل مع طهران، انطلاقا من مبدأ أن أي تفاوض لاحق بين ايران واميركا لا بد ان يشمل ما ساهم كل من الطرفين في تعزيز اوراقهما في انتظار التفاوض، وهذا قد يشمل وضع الحزب بالنسبة الى ايران.


أحد الاسباب الاخرى التي قد تكون أدّت دورا مهما في عدم التردد في إقرار قانون بتضييق الخناق المالي على الحزب، هو توسعه الاقليمي في اتجاه دول عربية تربطها أولا تحالفات مع الولايات المتحدة، وساهمت ثانيا في تشجيع منحى التشدد إزاء الحزب، بناء على قرارات اتخذتها هذه الدول بنفسها من خلال تصنيف الحزب وإدراجه في قوائم الارهاب على أثر تدخله العلني في اليمن وسوريا والبحرين والعراق.
وإذا أخذ في الاعتبار أيضا الدور الذي يؤدبه الحزب الى جانب النظام السوري في ظل موقف اميركي للكونغرس الاميركي أولا لا يستسيغ الرئيس السوري بشار الاسد ولا نظامه، فلا يكون مستغربا او غريبا عدم اقرار قرار ضد الحزب، علما ان الاخير مصنف على لوائح الارهاب الاميركية منذ زمن بعيد فيما تسجل دوائر واشنطن المعنية وفقا لهذه المصادر نشاطات الحزب الخارجية وما اتهم به مثلا عناصر منتمين اليه في دول عدة. وثمة من يضيف ايضا التحريض الاسرائيلي على تزايد تسلح الحزب وتعزيز ترسانته في ظل التأثير المعروف للوبي الاسرائيلي في واشنطن ولدى الكونغرس في شكل خاص.
وهذه الاسباب قد توفر للحزب المبررات للتمسك بأن العقوبات سياسية وتهدف الى الضغط عليه، خصوصا أنه لا يعطي مجالا لمناقشة المرتكزات الاميركية للقانون ولا يلجأ خصومه الى ذلك أيضا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم