الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الجسر لـ"النهار": كل فريق أراد رمي نفاياته في منطقة الآخر فاتفقوا على البحر

مي عبود ابي عقل
الجسر لـ"النهار": كل فريق أراد رمي نفاياته في منطقة الآخر فاتفقوا على البحر
الجسر لـ"النهار": كل فريق أراد رمي نفاياته في منطقة الآخر فاتفقوا على البحر
A+ A-

"طمر البحر بالنفايات" حل معجزة توصلت اليه الدولة اللبنانية حكومة وشعبا وحراكا مدنيا، وهو الطريقة التي باشر تنفيذها "مجلس الانماء والاعمار"، في حين أن الحل الأمثل والأنسب والأوفر كان بكل بساطة اقامة معمل فرز ومعالجة وإلى جانبه مطمر صحي في كل منطقة (قضاء او محافظة)، إلا أن تطييف النفايات ومذهبتها واستغلالها سياسيا أجهضته، وفشلت كل الاطراف في تأمين المواقع اللازمة للطمر.


أطلق "مجلس الإنماء والإعمار" 7 مناقصات لتنفيذ المهمة، واحدة لأعمال الفرز ومعالجة النفايات الصلبة في بيروت وجبل لبنان باستثناء جبيل، وواحدة لانشاء مركز مؤقت للطمر الصحي في برج حمود- البوشرية وثالثة لمهمات الإشراف عليه، ورابعة للاشراف على انشاء مركز موقت للطمر الصحي قرب مصب نهر الغدير، بعدما سبق أن اطلق مناقصة لإنشائه وفازت بها شركة "الجهاد" لصاحبها جهاد العرب. وأرجأ إطلاق مناقصتي أعمال جمع النفايات وكنسها ونقلها، الأولى لمناطق اقضية بعبدا والشوف وعاليه والمتن، والثانية لكسروان وبيروت الادارية، وذلك حتى الاثنين المقبل موعد اتخاذ المجلس البلدي الجديد في بيروت قرارا نهائيا بالمشاركة او الانسحاب من المشروع، فلا تكشف الأسعار.
الحل كل منطقة وحدها
وفي لقاء مع "النهار" أقر رئيس "مجلس الإنماء والإعمار" نبيل الجسر بأن "الحل الأنسب لمعالجة النفايات الصلبة يكمن في تنفيذ قرار مجلس الوزراء الرقم 1 تاريخ 28/6/2006 الذي وافق على الخطة التي وضعتها وزارة البيئة و"مجلس الانماء والاعمار"، وهي تنصح بأن تجري كل منطقة أعمال الفرز والمعالجة والتسبيخ وتقيم مطمرها وحدها، لكنها لم تطبق. في التسعينيات انشىء معملا العمروسية والكرنتينا لمعالجة نفايات بيروت الادارية فقط، ثم توسعت أعمالهما لتشمل بيروت الكبرى ثم المتن ثم كسروان حتى وصل العدد الى 297 بلدية بما يفوق 400 بلدة وقرية. فطلبنا توسيع المعملين ولم يستجيبوا، وبعدها عجزوا عن تأمين مطامر، رغم وجود أراض كثيرة يلزمها استصلاح مثل الكسارات وكان في الإمكان استعمالها. إلى أن اتت حكومة ائتلافية مغطاة سياسيا من مختلف الفئات فاستبشرنا خيرا، لكن أطرافها ايضا لم يتمكنوا من الاتفاق على مدى سنة. كلفونا مراراً ووضعنا خططا عديدة، وكلفنا استشاريين وفحصنا الأراضي، لم يبق منطقة لم نصل اليها من الحدود السورية شمالا وشرقا والى ما بين الحدود اللبنانية والسورية في بعض المناطق المتنازع عليها. ولم يقبل أحد من الأفرقاء السياسيين الطمر في مناطقه، بل كل فريق يريد أن يرمي النفايات في منطقة الآخر. وفي العام 2015 طلب الينا اجراء مناقصات، وعملنا برعاية وزير البيئة وجلبنا استشاريين دوليين ووضعنا دفاتر شروط، وعرضت على مجلس الوزراء، وصدرت نتائج المناقصات ثم ألغيت ولم يفهم احد لماذا؟ ووصل وقت كادت الحكومة أن تنفجر وكاد الرئيس تمام سلام أن"يطلع من ثيابه"، الى ان اتفقوا على "الكوستابرافا" وبرج حمود ووصلنا الى هذا الحل. لسنا نحن من اختاره بل الدولة بكاملها التي لم تتوصل الى اتفاق على ايجاد مطمر".
■ صحيح ان ما يقام هو مطمر صحي ولكن في النهاية النفايات تطمر في البحر، كيف يتم الأمر؟
- في المبدأ الوصف صحيح، ولكن عند انشاء حاجز بحري وسد محكم لا يرشح، واستصلاح الارض حتى القعر، واقامة الاساسات والحمايات اللازمة من ناحيتي الماء والطريق، لا يعود من فارق بين الطمر في البحر أو في البر. والحاجز البحري تقام له حمايات خارجية مع اساسات في قلب البحر، ومن الداخل توضع له مواد بلاستيكية ويعالج بتقنيات تمنع دخول مياه البحر وتسربها او العكس. كما أن متعهدي الاشغال شركات مختصة بالانشاءات البحرية الكبيرة.
ويلفت الجسر الى الناحية الايجابية للمشروع في تخفيف الأضرار"ففي الغدير منطقتان لمصب أقنية المياه المبتذلة والنفايات. أقمنا محطة تكرير أساسية، وسنستكملها بمحطة ثانوية، وهكذا سيتوافر للمنطقة معالجة وتكرير. وضع المنطقة مأسوي بيئيا ومن الأسوأ على الشاطىء اللبناني، وهي الآن تستصلح. لا اقول ان المشروع يحسنها ولكنه يخفف الكثير من مصائبها. وفي برج حمود محطة تكرير، وسنعالج جبل النفايات الموجود والذي طمأنتنا شركة فرنسية إلى انه يحوي في معظمه عوادم لا تشكل اي ضرر والتخلص منها سهل، وستقام عليه حديقة عامة، وسننشىء حاجزا بحريا لحماية المنطقة ونقيم مطمرا صحيا". ويشير الى أن "الأعمال تأخرت في برج حمود بسبب وجود 18 انبوبا لشركات البترول والغاز تمر في هذا الموقع الى البحر، وعملنا مع استشاريين فرنسيين لتحويل مساراتها من منطقة المطمر".
■ كم يلزم من الوقت ليبدأ المطمر استقبال النفايات؟
- تبدأ الخلية الاولى في مطمر "الكوستابرافا" باستقبال النفايات خلال شهرين تدريجيا لحين انتهاء بقية الانشاءات والخلايا. وسيستوعب كل مطمر مليوناً و200 ألف طن لمدة 4 سنوات للمنطقة الخدماتية، بعد ذلك يقفل ويتحول حديقة عامة. ويفترض ان يكون في ذلك الحين انتهى انشاء المحارق، وقد سلمت دفتر الشروط الى مجلس الوزراء منذ 4 اشهر، ولم يتخذوا قرارا بعد.
■ هل ستقام معامل معالجة قرب المطمرين؟
- في "الكوستابرافا" المنطقة محاطة بسكن ويصعب انشاء معمل تسبيخ بسبب الروائح، لكننا لا زلنا نستطلع إمكان اقامة معمل معالجة في منطقة الغدير. ووضعنا في مناقصة الفرز والمعالحة بندا لتطوير معمل التسبيخ الموجود حاليا في منطقة الكورال، بطريقة ان يتم التسبيخ خلال اسبوعين بدل ستة اسابيع، وعوض أن يستوعب 300 طن سيستوعب 750 طنا.
■ ماذا عن النفايات والأكياس المكدسة اليوم في الموقفين؟هل تعالج ام يكون مصيرها مثل السابقة؟
- تبلغ كمية النفايات المفرزة والمعالجة قبل الطمر حاليا 300 طن، وما تبقى ترسل مفروزة الى الموقفين، لأن في الامكان فرز ومعالجة 300 طن فقط. وحتى الآن لم يتخذ مجلس الوزراء قرارا بنفايات الشوف وعاليه، فانخفضت الكمية 700 طن.
* لماذا لم تنتظروا انتهاء دراسة تقييم الاثر البيئي؟
- طلب مجلس الوزراء الاسراع في الأشغال والتقيد بمهلة الشهرين المعطاة لتنفيذها لأن الوضع لم يعد يتحمل، فاضطررنا لاطلاق المناقصات بالتزامن مع اعداد دراسة تقييم الاثر البيئي. واجمالا تجرى هذه الدراسة لاعطاء توجيهات في طريقة التخفيف من الآثار السيئة ووضع ضوابط للتخفيف والحد منها.
■ أغلق مطمر الناعمة ولكن هل كان في الامكان ان يستوعب المزيد؟
- نعم، وكان في الامكان ابقاؤه مفتوحا حتى الانتهاء من اقامة المطامر عوض وضع النفايات على الطرق والان في المواقف. ولكن السياسة ايضا تتدخل حيث زعماء المنطقة وعدوا الناس بالاقفال، لو سألوا قبل ان يعدوا لكان أفضل.
■ هل يمكن التراجع ووقف الاعمال في المطامر البحرية؟
- يمكن ذلك، فأي منطقة او بلدية تستطيع الانسحاب واقامة ما يناسبها في نطاقها. ويبقى اخيرا أن الفرز من المصدر هو الأساس لحل مشكلة النفايات، ويجب التوعية عليه لأنه يخفف على الناس والدولة أموالا، إذ هناك مواد كثيرة يمكن تدويرها وبيعها والاستفادة منها.


[email protected]
Twitter: @mayabiakl

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم