تقرير تركي عن تداعيات الأزمة السورية على دول الجوار: جمود في لبنان وتنامي الراديكالية

شكلت "تداعيات الازمة السورية على دول الجوار" مادة تقرير اطلقته السفارة التركية في بيروت، بالتعاون مع "مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية" (ORSAM) ومؤسسة "كونراد اديناور ستيفتانغ" في المركز الثقافي التركي بوسط بيروت. وقال السفير التركي تشاغاتاي ارجياس، في كلمة، ان الازمة اكتسبت طابعا عالميا وخصوصا مع انتقال المقاتلين الارهابيين عبر الحدود. وعلى هذه الخلفية، عرض التقرير خلاصة جولات ميدانية قام بها فريق من الباحثين على العراق والاردن ولبنان وسوريا اضافة الى المناطق التركية. واجمعت الملاحظات على تنامي الراديكالية، وشح المساعدات المقدمة الى بيروت وانقرة وعمان، رغم الالتزامات المعقودة، اضافة الى انتقاد الدعوات الى دمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة فضرورة المضي قدما في اقامة مناطق آمنة على الحدود والاسراع في الحل السياسي في سوريا. وتولى عرض التقرير كل من مدير الاكاديمية الديبلوماسية في وزارة الخارجية التركية ميزوت اوزسكان ورئيس "مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية" شابان كارداس والمنسق فرحات بيرنسي الذين ركزوا على الآتي:

- ان مقاربات "اللاعبين" حيال الازمة السورية قد انتجت جمودا في هيكلية الدولة اللبنانية. ويسمي التقرير، في هذا الخصوص، مسألة تأجيل الانتخابات النيابية حتى حزيران 2017 وعدم فاعلية الحكومة في معالجة تداعيات هذه الازمة، والشغور في سدة رئاسة الجمهورية منذ 2014، اضافة الى الفشل في توفير الخدمات الاساسية للسكان كالكهرباء والنفايات. ولعل المشكلة الاهم التي يسلط عليها التقرير الضوء تتمثل في ازدياد الراديكالية لدى المجموعات اللبنانية، "كالسنّة الذين باتوا يشعرون بأنهم معزولون عن السياسة اللبنانية ونظام توزيع الثروات نتيجة عوامل عدة، ابرزها ازدياد نفوذ حزب الله في النظام السياسي". ولا يستثني التقرير تنامي الراديكالية لدى الشيعة وخصوصا "حزب الله" في ضوء انخراطه في الازمة السورية. ويفيد في هذا الاطار ان الحزب اكتسب خبرة في مجال الحروب الصغيرة، تزامناً مع تلقيه دعماً من ايران ونظام (بشار) الاسد. الى ذلك، يبدو ان مشاعر الراديكالية لا توفر اللاجئين السوريين في لبنان وكذلك النصيريين (العلويين) الذين يراوح عددهم ما بين 100 و120 الفاً.
- انفقت تركيا، حتى نيسان 2016، ما يقارب الـ 10 مليارات دولار على اللاجئين السوريين، علما ان 152 الف سوري ولدوا في البلاد فيما انخرط نحو 460 الفا في النظام التعليمي، وتلقى نحو 12 مليون مريض العلاج. واذا كان هذا اللجوء يثير مخاوف على مستوى التغيير الديموغرافي الذي يمكن ان تشهده البلاد، فان القلق حيال الوضع الامني يبقى الاهم. ويتوقف التقرير في هذا المجال عند تنامي الخشية من تمدد النزاع في سوريا، في ضوء المواجهات المستمرة على الحدود والعمليات التي تنفذها انقرة ضد "داعش" و"حزب العمال الكردستاني"، اضافة الى النزاع بين "داعش" والفصائل الكردية، فالمخاطر التي يمكن ان تنجم عن هذا الواقع لجهة احتمال تفكك سوريا.
- رداً على اعتبار المفوضية الاوروبية ان تركيا لم تفِ بالمعايير الضرورية لاعفاء مواطنيها من تأشيرة دخول منطقة "شنغن"، اوضح اوزسكان "ان بلاده طبقت بعض المعايير، الا ان ثمة نقاطا ما زالت عالقة". وترافق تذكيره هذا بان المشاورات بين تركيا والاتحاد الاوروبي ما زالت مستمرة، مع ترجيحه ان يتم التوصل الى نوع من الاتفاق يضبط الهجرة من دول المنطقة في اتجاه الاتحاد الاوروبي. ولاحظ في هذا المجال "ان عدد اللاجئين الذين يفرون الى اوروبا هو في انخفاض مستمر"، كاشفا ان "المفاوضات قد تشهد بعض التأخير" وآملا في ان تحمل الفترة الفاصلة عن الخريف المقبل تقاربا في هذا الخصوص. وعن امكان تعديل انقرة القوانين المتعلقة بالارهاب، بناء على طلب الاتحاد الاوروبي، توقع اوزسكان التوصل الى نوع من الحل في هذا الشأن، رغم اشارته الى الانقسام القائم بين الاتراك حيال هذا الامر.

[email protected]
Twitter: @SfeirRita