الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

وفي السنة الثالثة...تعِبَ الفراغ من الفراغ !

ريـمون شاكر
A+ A-

تزامنت الذكرى الثانية للشغور الرئاسي مع إعلان باريس تأجيل الزيارة التـي كانت مقرّرة لوزير الـخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لبيـروت إلى 10 تـموز، وكأن باريس تُـعلمنا أن لا شيء جديداً فـي موضوع الرئاسة، وهناك حاجة الى مزيد من الـجهود لإنضاج التـحرك الفرنسي. سنتان بالتـمام والكمال لـم تكفيا للتوصّل إلى حلّ لأزمة الرئاسة؟ هل علينا إنتظار زيارة الرئيس الفرنسي الرياض وطهران، أم إنتظار الإنتخابات الأميـركية فـي تشرين الثانـي، أو إنتظار الـخرائط التـي ترسـمها واشنطن وموسكو للمنطقة؟ ؟وهل يعتقد البعض أن كيـري-لافروف سيكونان أكثر رحمة وعدلاً من سايكس - بيكو؟ كثيـرون يسألون: لـماذا لا نعود إلى لبننة الإستـحقاق ما دامت دول القرار مشغولة بـخرائطها وبمـحاربة "داعش" و"النصرة"، والسعودية وإيران تنتظران حصتيهما من الطبخة الدولية؟ قد تكون مبادرة الرئيس نبيه بري بإجراء إنتخابات نيابية على أن يتعهّد الأطراف أن ينتخب المجلس الجديد رئيساً للجمهورية، هي احد الـحلول، وقد يكون إقتـراح الرئيس سعد الـحريري بـجمْع السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنـجية وإقناع أحدهـما بالتنازل للآخر حلاً آخر مقبولاً. فـما الذي يـمنع عون وفرنـجية من الإلتقاء والإتفاق في حضور نصرالله أو غيابه؟ فـهذا الـحل أسهل بكثيـر من إنتخابات مُسبقة أومن إلتـزام كل الأطراف إجراء الإنتخابات الرئاسية فوراً بعد النيابية، فالإلتـزامات السابقة ببنود "إتفاق الدوحة" لا تشجّع على الإطلاق.
لنتخيّل ماذا سيقول السيد نصر الله لـحليفيه فـي حال توصّل إلى جـمعهما: "أنتما يا صديقيّ العزيزين أقرب الناس إلى قلبـي وأحبّ الناس إلى قلب الـمقاومة، فـي أصعب الظروف وقفتما إلى جانبـي وعاديتما معظم الناس من أجلي، أنتـما أصدق الناس وأخلصهم وأوفاهم، أنتما نور عينـيّ وقلبـي ومـحبتكما عندي أغلى من أيّ شيء آخر... شاءت الظروف والأقدار أن تكونا الـمرشّحَيـن الوحيدَين لرئاسة الـجمهورية، وهذا شيء أفرحنـي كثيـراً وأحرجنـي أكثـر لأننـي لا أستطيع تفضيل أحدكما على الآخر، ولكن بعد إنقضاء سنتيـن على الشغور الرئاسي، فإن وضْع البلد يقلقنـي واقتصاده يُدمي قلبـي وهجرة الشباب تنغّص عيشي... لذلك، أرجو وأتـمنّـى أن يتنازل أحدكما للآخر، فـهذا التنازل لا يُـعتبـر إنكساراً ولا فشلاً، بل قمة التواضع والـمحبة والشهامة والنبل، وأنتما أنبل وأشرف الناس. إذا كنتما تقبلان رأيي ونصْحـي بـمحبة ومن دون أيّ ضغينة وحقد، فإننـي أدعوك يا أخي سليمان الى التنازل لأخيك الأكبـر ميشال، فعـمرك يسمح بـهذا التنازل والوقت والـمستقبل يعملان لمصلـحتك"... فـهل يتـمّ الإجتماع ويقبل النائب سليمان فرنـجية بـهذه النصيحة؟ يا ليته يفعل، كي يريـحنا جـميعاً ويريح الوطن، وكي نصدّق مرة واحدة أنّ إنتخاب رئيس للجمهورية فـي يد اللبنانييـن، وليس رهن توافق دولـي - إقليـمي وانفتاح سعودي - إيرانـي غيـر وارد فـي الـمدى الـمنظور.
فـي إطلالته التلفزيونية الأخيـرة أكّد الوزير نـهاد الـمشنوق إستـحالة إنتخاب رئيس للجمهورية فـي الظرف الراهن، ورسم صورة متشائـمة عن الإنتخابات الرئاسية لارتباطها - حسب رأيه - بالإنتخابات الأميـركية وعودة "حزب الله" من سوريا، وشرح الظروف التـي قادت إلى رفض الـمملكة العربية السعودية ترشيح الرئيس سعد الـحريري للعماد ميشال عون، وإلى إعتبار ترشيحه للنائب سليمان فرنـجية إقتـراحاً بريطانياً تلاه دعم أميـركي ثـم سعودي. بـمعنـى آخر، حـمّل الوزير الـمشنوق النظام السابق فـي السعودية مسؤولية عدم السيـر بـخيار ترشيح عون. فـهل إنتفت الأسباب التـي جعلت السعودية تضع "فيتو" على ترشيحه؟ لنفتـرض أن السعودية تتدخّل فعلاً فـي الإستـحقاق الرئاسي، ولو نفت ذلك، وإيران تشاركها فـي تعطيل الإنتخاب لأسباب أخرى لـها علاقة بسوريا والعراق واليـمن، فـهل على القيادات اللبنانية، وفـي مقدّمها السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الـحريري، الرضوخ والإذعان لـما تريده السعودية وإيران؟
هل نتـرك الوطن معلّقاً والقصر فارغاً والـمؤسسات مشلولة والإقتصاد منهاراً إلى ما لا نـهاية؟ وهل يـحتمل الوطن بَعْد ترف هذا الفراغ؟ ألا يكفي 72 مليار دولار ديناً، وانـهيار مئات القطاعات الإقتصادية؟ هل يـحتمل الوطن عجزاً متواصلاً فـي الـموازنة يتصاعد كل سنة من دون أفق، وقد تـخطّى الــ 4.3مليارات دولار، ونسبة الدين العام على الناتج الـمحلي تـخطّت الـ 140 فـي الـمئة؟ يعرف الـجميع مدى الصعوبات والـتحدّيات الكبيـرة التـي يواجهها الوطن فـي هذا الإطار، مع إرتفاع معدلات البطالة والفقر إلى مستويات قياسية، وعدم وجود فرص عمل، مـمّا جعل الوطن يفرغ من خيـرة شبابه. فإلى متـى يستـمر الإستهتار واللامبالاة ودفن الرؤوس في الرمال وترْك الوطن ينهار ويتفتت رويداً رويداً لـِيصبح وطناً للنازحيــن والغرباء؟
أيـها الزعماء، خافوا ربّكم إن كنتم لا تـخافون ولا تأبـهون لما يقوله الناس والوطن والتاريخ.

مـخـتـار الـجـديـدة
باحث وكاتب سياسي

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم