الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"صفقة حياة أو موت"... حكاية ديون أميركية للسعودية بقيت لغزاً طوال 41 سنة

المصدر: "النهار"
"صفقة حياة أو موت"... حكاية ديون أميركية للسعودية بقيت لغزاً طوال 41 سنة
"صفقة حياة أو موت"... حكاية ديون أميركية للسعودية بقيت لغزاً طوال 41 سنة
A+ A-

كشفت وزارة الخزانة الأميركية في أيار الماضي حجم استثمارات #السعودية في سندات الخزانة الأميركية، للمرة الأولى، بعدما أبقت عليها سراً لأكثر من أربعة عقود.
وأعلنت الوزارة في حينه أن حيازة السعودية من السندات الأميركية بلغت 116,8 مليار دولار حتى آذار الماضي، في مقابل بـ1,3 تريليون دولار لحيازة الصين من السندات الأميركية، و1,1 تريليون دولار لليابان.


واضطرت الوزارة إلى كشف الأرقام المتعلقة بالحيازات السعودية، بناء على طلب استند إلى قانون حرية المعلومات، وذلك بعدما نشرت صحيفة "النيويورك تايمس" أن وزير الخارجية عادل الجبير هدد الادارة الأميركية بسحب وتسييل الاصول والسندات والاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة البالغة قيمتها 750 مليار دولار، في حال اقرار الكونغرس قانوناً يسمح لأهالي ضحايا تفجيرات 11 أيلول 2001 بمقاضاة المملكة العربية السعودية امام محاكم أميركية للحصول على تعويضات مالية.


ومذذاك، كثرت الأسئلة عن الحجم الحقيقي للاستثمارات السعودية وسبب ابقائه سراً طوال هذا الوقت. وفي تحقيق مطول شمل وثائق من الأرشيف الوطني الأميركي وبرقيات ديبلوماسية، روت الصحافية أندريا وونغ في موقع "بلومبرغ" الأميركي حكاية الدين الأميركي الذي بقي سرياً طوال 41 سنة ، وكيف استطاع تاجر سندات إقناع المملكة بصفقة كانت بمثابة اتفاق" حياة أو موت" لأميركا وأعادت رسم العلاقات السعودية-الأميركية لأجيال.


تعود وونغ في تقريرها إلى أحد أيام تموز 1974 عندما سافر وزير الخزانة الأميركي الجديد وليم سايمون ونائبه جيري بارسكي رحلة الساعة الثامنة من قاعدة أندروز الجوية لسلاح الجو.


كان الجو متوتراً على متن الطائرة. ففي تلك السنة كانت أميركا تعاني تبعات الحظر النفظي الذي فرضته مجموعة البلدان المصدرة للنفط "أوبيك" نتيجة الدعم العسكري الأميركي لاسرائيل خلال الحرب العربية –الاسرائيلية عام 1973 .في ذلك العام زاد سعر النفط أربعة أضعاف وتفاقم التضخم وانهارت البورصة وسادت الاقتصاد الأميركي حال من الفوضى.


الديبلوماسية الاقتصادية
رسمياً، وصفت رحلة سايمون بأنها جولة من الديبلوماسية الاقتصادية في أوروبا والشرق الأوسط تشمل لقاءات ومآدب ليلية، الا أن المهمة الحقيقية التي بقيت حقيقتها بين المقربين من الرئيس ريتشارد نيكسون، كانت ستحصل في محطة تستمر أربعة أيام في جدة. أما هدفها فكان السعي إلى وقف استخدام النفط كسلاح اقتصادي وايجاد وسيلة لاقناع السعودية بتمويل العجز الكبير لأميركا عبر ثرواتها النفطية الواسعة.


وينقل باركسي عن نيكسون قوله بوضوح إن لا عودة بيدين فارغتين، وأن فشل المهمة لا يهدد الوضع المالي لأميركا فحسب، وإنما قد يوفر للاتحاد السوفياتي فرصة للعودة إلى العالم العربي.


وبدا سايمون الذي كان تسلم لتوه منصب "قيصر الطاقة" في إدارة نيكسون غير قادر على هذه المهمة الديبلوماسية الحساسة. فقبل اختياره لهذا المنصب، كان يدير سندت الخزانة في المصرف الاستثماري "سالمون براذرز".


ويقول "بلومبرغ" إن تاجر السندات في وول ستريت الذي شبه نفسه مرة بجنكيز خان كان يتمتع بمزاج وأنانية لا ينسجمان مع تقاليد واشنطن. فقبل أسبوع من زيارته للسعودية، وبخ سايمون علناً شاه إيران، الذي كان حليفاً إقليمياً في ذلك الوقت، واصفاً إياه بأنه "أحمق".
ومع ذلك، كان سايمون مدركاً أكثر من أي شخص آخر لجاذبية الدين الحكومي الأميركي وكيفية إقناع السعوديين بفكرة أن أميركا هي المكان الأكثر أمناً لتخزين أموالهم النفطية.


#النفط مقابل الأمن
كان الاطار العام للخطة التي حملها سايمون والتي اعتبرت "قضية حياة أو موت" لأميركا، بسيطاً جداً: تشتري أميركا نفطاً من السعودية وتوفر المساعدة والمعدات العسكرية للمملكة. وفي المقابل، يستثمر السعوديون مليارات الدولارات من عائداتهم النفطية في سندات الخزانة وتمويل الإنفاق الأميركي.
تطلب الأمر سلسلة اجتماعات سرية للاتفاق على كل التفاصيل.ولكن في نهاية أشهر من المفاوضات بقيت عقدة صغيرة ولكن أساسية بين الجانبين، إذ طلب الملك فيصل بن عبدالعزيز إبقاء موضوع شراء سندات الخزينة سرياً، وذلك وفقاً لبرقية ديبلوماسية حصل عليها "بلومبرغ" من وثائق الأرشيف الوطني.
وفي الواقع أمكن الاتفاق بين الجانبين و بقي الاتفاق سرياً بين بضعة مسؤولين في الخزانة الأميركية والاحتياط الفيدرالي طوال 41 سنة.


ولكن الرقم الذي كشفته الخزانة منتصف أيار الماضي أثار أسئلة كبيرة، وخصوصاً أنه يمثل نحو 20 في المئة فقط من الاحتياطات الأجنبية للسعودية، ودون ثلثي المبلغ الذي تحتفظ به المصارف المركزية بالدولار الأميركي.


وينسب الموقع الأميركي إلى مسؤول سابق في الخزانة متخصص في احتياطات المصارف المركزية أن الرقم الرسمي يقلل كثيراً الاستثمارات السعودية في الدين الأميركي والتي يمكن أن تكون ضعفي هذا الرقم أو أكثر.


لماذا السرية؟
ويشرح "بلومبرغ" أن السياسية اضطلعت بدور كبير في إصرار السعوديين على إبقاء الاستثمارات في السندات مجهولة الهوية. ففي حينه كان التوتر لا يزال في أوجه بعد عشرة أشهر من الحرب بين العرب واسرائيل، والعداء في العالم العربي لاميركا في ذروته بسبب دعمها اسرائيل.
وأفادت إحدى البرقيات الديبلوماسية إن الخوف الأكبر للملك فيصل كان يكمن في فكرة أن المال النفطي السعودي قد ينتهي "بطريقة مباشرة أو غير مباشرة" في يد العدو الاكبر للسعودية على شكل مساعدات أميركية.


[email protected]
Twitter: @monalisaf

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم