الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أرقام مخيفة قد تجعل اللبناني بلا وطن!

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
أرقام مخيفة قد تجعل اللبناني بلا وطن!
أرقام مخيفة قد تجعل اللبناني بلا وطن!
A+ A-

أثار التقرير الذي وضعه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الموزَّع في 21 نيسان الماضي والموجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تحضيراً للاجتماع الدولي في 19 أيلول ذعراً وقلقاً في لبنان لما تضمنته المادة 86 منه، والتي وردت فيها العبارة التالية: "(...) ينبغي أن تمنح الدول المستقبلة للاجئين وضعاً قانونياً وأن تدرس أين ومتى وكيف تتيح لهم الفرصة ليصبحوا مواطنين بالتجنُّس". الأمر الذي طرح السؤال التالي: هل من الممكن أن يصبح التوطين واقعاً؟ وما هي انعكاساته الديموغرافية والاقتصادية على لبنان؟


 


7 إلى 8 ملايين قاطن في لبنان


"لبنان بشكل عام هو البلد الأول في العالم الذي تصل نسبة اللاجئين فيه من فلسطينيين وعراقيين وسوريين وغيرهم من المهاجرين غير الشرعيين مقارنة بعدد السكان إلى 80 لاجئاً مقابل كل 100 لبناني"، وفقاً لعميد كلية الآداب في الجامعة اللبنانية سابقاً الدكتور علي فاعور. يشرح فاعور في حديث لـ"النهار" أنَّ "منذ عام 2013 أكَّدت الهيئات الدولية خصوصاً المفوضية العليا للاجئين أنَّ لبنان فقَدَ القدرة على الاستيعاب مقارنةً بعدد سكانه ومساحة أرضه، ليبلغ عدد القاطنين على أرضه بين 7 مليون ونصف المليون إلى 8 ملايين من لبنانيين وغير لبنانيين. هذا الوضع المقلق الذي أخذ في أوروبا أبعاداً أمنية انعكس قراراً دولياً بالمحافظة على اللاجئين السوريين الذين فاق عددهم الـ 5 ملايين سوري خارج حدود سوريا بعيداً من القارة العجوز. ويشكِّل لبنان حالة متفردة في العالم بحسب المفوضية التي أشارت إلى إنها منذ تاريخ إنشائها عام 1950 لم تشهد أزمة مشابهة. كما أنَّ وضعنا صعب لأننا بلد يفتقد إلى الأرقام، بعدما تأخر لبنان في اعتماد معايير لضبط الحدود بين البلدين حتى عام 2014، ولكن ذلك لم يحد من تدفق اللاجئين والنازحين بل أدى إلى ازدياد الهجرة غير الشرعية".


إنشاء المجلس الأعلى للنزوح


ويلفت فاعور إلى جملة للبنك الدولي عبر موقعه الإلكتروني "إنَّ للكرم حدوداً، ولبنان أمام خطر وجودي"، مشيراً إلى أنَّ "المسح الذي أجرته المؤسسة الوطنية للاستخدام بيَّن وجود أكثر من 35 ألف مهاجر لبناني سنوياً، 77% منهم أعمارهم دون 35 سنة. مما يعني استنزافاً لمواردنا نتيجةً للانقسامات السياسية في لبنان. كما تبرز مشكلة في البقاع وطرحتها في كتابي عن "الانفجار السكاني" متضمنةً الإشكالية التالية: هل ينجو البقاع من كارثة؟ إذ إن عدد اللاجئين يبلغ 400 ألف نسمة مسجلين في المفوضية وعدد البقاعيين 450 ألف نسمة، والأهم هو أنَّ 55% من هؤلاء نساء وأطفال وغالبيتهم دون الـ17 عاماً، في حين يشكل الأطفال دون الـ5 سنين 19.25% أي يصنفون في خانة "الفئات الضعيفة". في بريطانيا أنشأوا وزارة للاجئين لأنهم استقبلوا 10 آلاف نازح، في وقتٍ يضم لبنان مليوني لاجىء شرعي، ولم يستطيعوا إنشاء وزارة هجرة ولجوء، لذا، يكمن الحل في إنشاء المجلس الأعلى للنزوح، الذي يجب أن يضم كل الوزارات وأن يملك صلاحيات".


الهجرة الإحلالية بحلول عام 2050


"عمل المنظمات الإنسانية التي تؤمن التعليم والطبابة للاجئين لا يبدو مسانداً لهم فقط بل يأتي ضمن سياق يهدف إلى #التوطين" وفقاً لفاعور، "كما أنَّ المخطط الغربي يسعى إلى إبعاد المخاطر عن أوروبا، لذلك لم يتعاطوا مع مسألة اللاجئين السوريين والعراقيين مثلما تعاملوا مع قوارب اللاجئين القادمين من فيتنام. إلى ذلك، تبدو الأحداث الأمنية التي تطاول أوروبا أحد أسباب إبقاء اللاجئين في الدول المجاورة لسوريا. في حين تغيب السياسة السكانية لمواجهة تداعيات النزوح، مما يستدعي إعلان حال طوارىء إنسانية في #لبنان. هذا البلد الذي لا يعدُّ اقتصاده ضعيفاً إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي 47 مليار دولار أميركي خلال الثلاثة عقود الماضية مكنته من تحقيق إنجازات وفق #البنك_الدولي. ولكن يبدو أننا بدأنا بالتراجع وخسارة هذه الإنجازات". أما على الصعيد الديموغرافي فيشرح أنَّ "متوسط العمر المتوقع في لبنان كان سابقاً بحدود 80 سنة للنساء و78 للرجال نتيجة مستوى المعيشة الجيد والدخل الفردي، الحال تغير الآن في ظل هجرة الشباب والتراجع في الخصوبة. وتشير التقديرات إلى أن النمو السكاني في لبنان سيتراجع بحلول عام 2050 لتبرز الهجرة الإحلالية، أي هجرة المواطن ابن البلد ليحل مكانه شخص آخر. وتشير الأرقام إلى وجود 1875 مخيماً منتشراً على كل الأراضي اللبنانية. 55% من ساكنيه قدموا من مناطق توجد على حدود تركيا والأردن والعراق، أي مناطق غير قريبة من حدود لبنان. كأنَّ هؤلاء جاؤوا جراء قوى جاذبة سعت إلى استقدامهم".


لبنان أصغر من طموح اللبناني


بناءً على كل الأرقام المذكورة آنفاً، هل ينعكس التوطين سلباً على الاقتصاد؟ يجيب الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور لويس حبيقة في حديث لـ"النهار" بأنَّ "التوطين غير وارد، والمقارنة بين الفلسطيني والسوري غير جائزة لأنَّ #سوريا موجودة ومتى انتهت الأزمة سيعود اللاجئون. والتوطين إذا ما حصل مكلف جداً لناحية استيعاب اللاجئين البالغ عددهم مليوناً ونصف المليون في بلدنا. وستبرز معه مشاكل سكنية، تعليمية واستشفائية. ولكن على الرغم من ارتفاع الكلفة على الاقتصاد إلاَّ أنَّ الإيجابي يكمن في رخص أسعار اليد العاملة من تقنيين ومهنيين. أما من يربط بين تراجع النمو وبين اللجوء، يجب أن يدرك أنَّ ذلك مرتبط بمشكلات أمنية سياسية في لبنان. إذ إنَّ اللاجىء السوري لا ينافس اللبناني على وظيفته بل إنه يعمل في مهن لا يريدها اللبناني خصوصاً في القطاعات الصحية والكهربائية والإنشاءات المعمارية. ثانياً اللاجىء السوري يرضى بأجرٍ أدنى مما يسمح لبعض المؤسسات والشركات بالاستمرار".


بحسب حبيقة "اللاجىء لا ينافس اللبناني، بل إنَّ لبنان بلد أصغر من طموح اللبناني ما يعيق عيشه ويدفعه للبحث عن فرص أفضل خارج الحدود. ويجب أن يدرك اللبنانيون أنَّ إعادة إعمار سوريا ستتمُّ عبر لبنان، لذا لا يجب أن نبني شعوراً سلبياً تجاه اللاجئين بل الانتظار والتروي لأنَّ المشاريع الكبرى من بناء، وإنشاء مصارف وجامعات ومستشفيات وشركات تأمين ستنطلق من لبنان. إلى ذلك، هناك نمو 1% صحيح أنه غير صحي لكنه يتحقق في ظل وجود إنفاق حكومي عام على اللاجئين، كذلك علينا إعادة ثقة المجتمع الدولي بنا في ظل الشكوك حول كيفية صرف الأموال المخصصة للاجئين في لبنان".


 


نظّم اتفاق القاهرة عام 1969 الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان فأشعل حرباً دموية استمرت 15 عاماً لا تزال تردداتها مستمرة ليومنا هذا، فهل يفتح ملف إمكان توطين السوريين الباب على حرب أهلية دموية درءاً لهذا الخطر الوجودي الذي قد يحوِّل لبنان إلى بلد للاجئين؟ ومع تعدد النظريات واختلاف وجهات النظر هل يستفيق اللبناني ويجد نفسه بلا وطن!



[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم