قراءة في معركة صيدا: "المستقبل" حافظ على مواقعه رغم الأزمة

لم يُفاجأ العارفون بموازين القوى السياسية والحزبية والدينية وتحالفاتها في صيدا بنتائج الانتخابات البلدية والاختيارية، اذ توقعوا مسبقا اللائحة الفائزة، تماما كما اظهره فرز اصوات الناخبين الصيداويين: لائحة "انماء صيدا"، برئاسة رئيس البلدية محمد السعودي، والمدعومة من "تيار المستقبل" و"الجماعة الاسلامية" والدكتور عبد الرحمن البزري.

وكانت في المواجهة لائحة برئاسة عضو الامانة العامة في "التنظيم الشعبي الناصري" بلال شعبان، مدعومة من النائب السابق اسامة سعد والتنظيم و"اللقاء الوطني الديموقراطي" (الحزب الديمقراطي الشعبي)، وخصوصا الحزب الشيوعي اللبناني.

واظهرت النتائج نيل السعودي 15436 صوتا، والمرشح الآخر في لائحته ابرهيم الراعي 14016 صوتا، في مقابل 8195 صوتا لشعبان، و8195 صوتا للمرشح في لائحته فؤاد الصلح، و7764 صوتا لمرشح آخر عاطف الابريق على.

ونال الدكتور علي الشيخ عمار، رئيس "لائحة احرار صيدا" الغير مكتملة، 2748 صوتا، والمرشح في لائحته حسام ناصر 2185 صوتا، في مقابل 293 صوتا للمرشح المستقل محمد وليد العاصي علي.

"المستقبل حافظ على تماسكه"
في قراءة اولية لنتائج معركة صيدا، ترى مصادر صيداوية ان "تيار المستقبل استطاع بكل المقاييس، ورغم الازمات المالية التي يمر بها، ان يحافظ على تماسكه ونهجه المعتدل والمنفتح وتحالفاته واصوات ناخبيه. واثبتت النتائج صوابية موقفه المتمسك ببقاء السعودي وتوليه رئاسة البلدية لولاية ثانية، نظرا الى النجاحات التي استطاع تحقيقها على صعيد المشاريع البيئية والانمائية في المدينة، وقدرته على انجاز ما تبقى من مشاريع".

وتعتبر المصادر ان "النائبة بهية الحريري لعبت دورا بارزا في كل تفاصيل العملية الانتخابية، من الفها الى يائها، خصوصا لجهة تواصلها المباشر مع جمهور "تيار المستقبل" وغالبية العائلات وشرائح المجتمع الصيداوي. وكانت واثقة من فوز كل اعضاء اللائحة، رغم ادراكها ان نسبة المقترعين قد لا تتجاوز 50 في المئة".
ويعزو السعودي "تدني نسبة المقترعين عن النسبة التي سجلتها انتخابات 2010 الى عدم طلبه و"تيار المستقبل" من الصيداويين العاملين في الخارج المجيء الى صيدا. وكانت لدينا كامل الثقة بفوز لائحتنا كاملة".

تساؤل واستغراب
وتوقفت مليا المصادر، على غرار جهات ومراجع رسمية وامنية وعسكرية، عند نسبة الاصوات التي نالها رئيس "لائحة احرار صيدا" علي الشيخ عمار، والتي قاربت 3 آلاف صوت. وتساءلت باستغراب كبير: "هل تعود كل هذه الاصوات الى خلايا نائمة من اتباع الموقوف الشيخ احمد الاسير؟ ام ان بعض انصار "الجماعة الاسلامية"، وايضا "تيار المستقبل" اقترع لمصلحة عمار ولائحته، باعتباره الشخص الوحيد الذي تجرأ علنا على حمل راية الدفاع عن قضية الاسير ومظلومية الموقوفين الاسلاميين، بتعبير عمار؟"
خلال الاستعداد للمعركة، كان لافتا ان عمار واعضاء لائحته الثمانية لم يظهروا، ولم يقيموا احتفالات دعائية كما فعل غيرهم، واكتفوا فقط باعلان لائحتهم من بلدية صيدا. كذلك، لم يكن لهم اي مندوب داخل اقلام الاقتراع، ولا خارجها، خوفا او ربما تجنبا لملاحقتهم او توقيفهم لاحقا، بحجة انتمائهم الى الاسير.

السعودي: ابواب البلدية مفتوحة
من جهة اخرى، حضر السعودي باكرا الى مكتبه في القصر البلدي. ولم ينقطع هاتفه عن الرنين، لتلقيه سيل من اتصالات التهنئة. وكرر الكلام نفسه الذي قاله لوسائل الاعلام، موجها الشكر الى "تيار المستقبل" و"الجماعة الاسلامية" والدكتور عبد الرحمن البزري، واهل صيدا والاعلام.

وشدد على ان "ابواب البلدية ستبقى مفتوحة للجميع". وقال لـ"النهار" ان "اهم بند على جدول اعمال المجلس البلدي المنتخب هو انجاز المرحلة الثانية من مشروع المرفأ التجاري الجديد في صيدا، فضلا عن مشروع الضم والفرز في منطقة الوسطاني".

وفي أول نشاط له في مكتبه، التقى السعودي الامين العام للبنك الإسلامي للتنمية في جدة الدكتور غسان البابا الذي جاء لتهنئته بالفوز.

كذلك، زارته النائبة بهية الحريري في منزله في الهلالية للتهنئة، في حضور عقيلته سمية، وشقيقه حلمي. وفي بيان، توجهت الحريري بالتحية والشكر الى "اهلنا في صيدا لجعلهم 22 ايار يوما مميزا للديموقراطية في المدينة"، معتبرة ان "نجاح لائحة انماء صيدا نجاح للمدينة. وستعمل البلدية المنتخبة لكل المدينة، كما عملت البلدية الحالية برئاسة المهندس السعودي على تحقيق الانماء لكل صيدا".

وأعربت عن "اعتزازها بتسجيل صيدا نسبة عالية من المشاركة، بحيث تعكس حرص ابنائها على القيام بواجباتهم وممارسة حقهم في اختيار المجلس البلدي". وشكرت القوى الأمنية والعسكرية لمواكبتها بمسؤولية عالية اليوم الانتخابي الطويل".