الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

من المستفيد من رفع حظر التسلّح في ليبيا؟

المصدر: "النهار"
امين قمورية
من المستفيد من رفع حظر التسلّح في ليبيا؟
من المستفيد من رفع حظر التسلّح في ليبيا؟
A+ A-

كسر ممثلو 25 دولة ومنظمة دولية، من بينها #الولايات_المتحدة، حظر التسلح الذي كان مفروضًا امميًّا على #ليبيا، واعلنوا في مؤتمر عقد في فيينا أنهم يدرسون تسليح قوات تابعة لحكومة الوحدة الجديدة في ليبيا وتدريبها بحيث يمكنها التصدي لانتشار التنظيمات الإرهابية في الدولة، ومحاربة تهريب اللاجئين إلى أوروبا.
وفي بيان مشترك، بعد اجتماع مطول حول سبل السيطرة على الفوضى المتفشية في ليبيا، أوضح الديبلوماسيون أنهم سيؤيّدون طلب ليبيا برفع جزئي لحظر التسلح الذي فرضته الأمم المتحدة قبل خمس سنوات، لإبعاد الأسلحة عن أيدي المسلحين المتطرفين، والميلشيات المتنافسة التي انزلقت في صراع على السلطة. وأشار البيان الى أن أجزاء أخرى من الحظر سيتمّ تعزيزها، بحيث توجّه الأسلحة إلى القوات التابعة لـ "حكومة الوفاق الوطني"، التي عادت إلى ليبيا قبل ستة أسابيع، عندما وصل رئيس الوزراء فايز السراج على متن قارب مع حلفائه.
وما يعطي البيان قوّته المعنوية والسياسية انه حظي بتوقيع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى أربع منظمات تشمل #الاتحاد_الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي. وقد أبدت هذه الجهات الموقعة استعدادها للاستجابة إلى طلبات الحكومة الليبية في شأن تدريب قوات الأمن التي تشكّل جزءاً من الحكومة الجديدة وتسليحها.
وكانت مجموعات متطرفة من بينها داعش استطاعت أن تستفيد من حالة الفوضى وتحوّل مدينة سرت الى معسكر لتدريب المتشددين، في وقت تشكلت حكومة الوفاق في أواخر آذار بعد أشهر من المفاوضات بوساطة الأمم المتحدة في محاولة لإنهاء الفوضى السياسية التي قوّضت مكافحة "داعش". وتخشى أوروبا من الجهاديين، الذين حققوا تقدمًا جديدًا في الأسابيع الأخيرة ، ولا سيما انه بات في إمكانهم استخدام ميناء سرت والمطار كنقطة انطلاق لشنّ هجمات على القارة. وحذّرت المحلِّلة في الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني من أن السباق على سرت يُبعد أيّ أمل في حلّ سياسي، وقدرت ان لدى "داعش" في ليبيا نحو5000 مقاتل ويحاول تجنيد مئات الآخرين. وكان هؤلاء اطلقوا هذا الشهر هجمات انتحارية على نقاط التفتيش الرئيسية في الاراضي التي تسيطر عليها الحكومة على طول ساحل البحر المتوسط، وتسمح لهم تحركاتهم ببناء خط دفاعي على طول جزء من الطريق السريع الساحلي الذي يربط شرق ليبيا التي تعتبر مقرًّا لقوات قائد ما يسمى "الجيش الوطني" اللواء خليفة حفتر مع طرابلس في الغرب.
ولاقت حكومة الوفاق دعما في المؤسسات الرئيسية مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ولكنها تواجه مقاومة الارادات المتنافسة في شرق ليبيا وغربها، وفي محاولة لتحقيق الاستقرار في البلاد وجّه النظام الناشئ لرئيس الوزراء فايز السراج لائحة طلبات للشركاء الغربيين لمساعدة قواته بالسلاح والتدريب والمعلومات الاستخباراتية.
لكن حين تُقرّر الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تخفيف الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبي، يحقّ لأيّ مراقب التساؤل: كيف سيجري هذا الأمر؟ ومن هي الجهة التي ستستلم السلاح لمحاربة داعش خصوصا في ظل فوضى السلاح وتفلته في ليبيا؟ هل ستستطيع الحكومة الليبية ضبط فوضى السلاح لتوحيد الجهود في محاربة التنظيم الإرهابي أم أن هناك هدفاً بإغراق ليبيا أكثر فأكثر في الفوضى والتقاتل والتدمير والتقسيم؟
وما يدفع الى هذه التساؤلات هو صياغة البيان الصادر عن اجتماع فيينا نفسه اذ استخدم عبارة "تسليح القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني". فعن أي جيش ليبي يدور الحديث؟ عن قوات الفريق خليفة حفتر، أم عن القوات التابعة لبرلمان طرابلس، أم عن قوات ما تحارب في غرب ليبيا وأخرى تحارب في سرت وثالثة تحارب في طبرق أو درنة أو مصراتة أو صبراته أو الزنتان؟ أم هل يدور الحديث حول القوات التي تقوم حكومة الوفاق الوطني بتشكيلها لقطع الطريق على قوات حفتر من جهة، والحصول على شرعية وثقل سياسي وميداني من جهة أخرى، وذلك بهدف تنفيذ شروط الدول الأوروبية بإبعاد حفتر عن المشهدين السياسي والميداني؟!
وفي هذا الاطار يتوقف الكاتب اشرف الصباغ عند استدعاء رئيس مجلس النواب الليبي غير المعترف به عقيلة صالح إلى اجتماع فيينا. والمعروف أن واشنطن فرضت عقوبات على هذا الشخص بعد اتهامه بتقويض عملية التسوية السياسية في البلاد. وهذا ما يدفع الكاتب الى التساؤل عن صفقات ما يجري عقدها مع أطراف وقوى مناوئة لحفتر، ومناوئة أيضا لبرلمان طبرق. وهو ما يعني أن الأمور لا تسير في طرق ممهدة، وهناك مشاكل وعقبات واصطفافات جديدة، ومحاولات لإيجاد تحالفات لتوسيع جبهة الإسلاميين في حكومة الوفاق وتقليص مساحة القوى الداعمة للفريق حفتر.
ويتساءل ايضا ماذا يعني الأوروبيون والأميركيون بـ "دعم حكومة الوفاق الوطني"، بينما هناك حكومتان أخريان، واحدة في طرابلس والثانية في طبرق. إلى وجود حكومات مصغرة للتنظيمات المتطرفة والإرهابية والمجموعات المسلحة الكثيرة الأخرى في ليبيا.
البعض يتخوّف من وقوع ما سيصل إلى حكومة الوفاق من أسلحة في أيدي "داعش"، أو في أحسن الأحوال في أيدي مجموعات وقوى مختلفة المشارب والتوجهات والمصالح. وفي الوقت نفسه حرمان قوات حفتر من أي دعم سياسي أو ميداني لصالح فكرة تشكيل جيش تابع لحكومة الوفاق الوطني، لا أحد يعرف بالضبط شروط تشكيله ومِن مَن سيتكون بالضبط، وما هي القوى التي ستشارك فيه، وأي مهام سيتم تكليفه بها؟!
من جهة أخرى، ترى تقارير أنه يجري تحييد دول الجوار، مثل مصر وتونس والجزائر، أو بعبارة أكثر ديبلوماسية، يجري تقليص دور هذه الدول، ومحاولة الضغط عليها لتأييد المجلس الرئاسي والتخلّي عن أيّ خطط أخرى، بما في ذلك دعم قوات الفريق حفتر.
المسألة الآن لا تتعلق برفع الحظر أو تخفيف الحظر عن توريد السلاح بقدر ما تتعلق بالتوقيت، وبتوجهات وسيناريوات الدول الأوروبية من جهة، والولايات المتحدة من جهة ثانية، ودول الجوار الليبي من جهة ثالثة.
إن رفع الحظر أو تخفيف الحظر من دون ضبط المشهد السياسي بين الافرقاء الليبين، وفي ظل تحركات مشبوهة للقوات الخاصة التابعة لكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في المدن الليبية. من الممكن ان يصير تخفيف الحظر أو رفعه هدية مجانية لـ"داعش" وبقية التنظيمات الإرهابية على الأراضي الليبية، لاسيما أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة تحاول قدر الإمكان إبعاد قوى دولية وإقليمية أخرى عن الملف الليبي أو تقليص مشاركتها.
فهل تصدق اقوال السراج عندما أعلن في فيينا أن ليبيا سوف تتحرّر من الإرهاب بأيدي الليبيين فقط ودون أيّ تدخّل خارجي، ام ان الامر تمهيد لإمساك الخارج بالقرار الليبي؟
[email protected]
Twiter:@amine_kam

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم