عين دارة تثور ضد معمل اسمنت آل فتوش

هل بات جبل عين دارة جبلاً خارج الجمهورية اللبنانية؟وهل "فلت الملق" لهذه الدرجة؟. وهل أصبح من المسموح أو الطبيعي أن تكون أي بلدية في جمهوريتنا عُرضة لعنتريات "جمهورية" مُستحدثة أو ربما في ما بعد "جمهوريات"؟. وهل هذه مشاهد لفيلم طويل سينسحب على أمور أخرى دون حسيب أو رقيب أو محاسبة بل ربما محاصصة وتلفيق ثم ينتهي الأمر ببيانات وإتهامات؟.
ما حصل اليوم في عين دارة وتحديداً في بلديتها لافت للأنظار ومقزز كان بطله بحسب رواية الموظفين ومن كان في البلدية بيار فتوش (شقيق النائب نقولا فتوش) الذي قام "باقتحام مركز بلدية عين دارة مع مرافقيه، ومارس الضغط على موظفتين، مستغلاً الفترة الانتقالية بين البلديات السابقة والمنتخبة قبل أربعة أيام لتمرير مشروع جبالات الاسمنت في جبال عين دارة، وهو المشروع الذي رفضته مدينة زحلة، والذي رفضه أيضا "العينداريون" الذين ناموا على حرير الوعود، فيما ظل آل فتوش متابعين له، واستحصلوا على رخص من بعض الوزارات المعنية".

فور شيوع الخبر بدأ الأهالي بالتوافد الى البلدية ومن كان خارج البلدة هرع اليها مسرعاً، كما وصل الى البلدة ناشطون بيئيون من بلدات وقرى الجوار إستنكاراً وتنديداً بما حصل.
ربما ما حصل اليوم ليس الإعتداء الأول على بلدية عين دارة وجبل عين دارة الذي إعتاد الإعتداءات الذي تنهشه الآليات "النهمة" يومياً.
وبحسب ما توفر من بلدية عين دارة ومن الموظفين والموظفات، فقد تهجم بيار فتوش ورجاله على موظفات بلدية عيندارة بعد أن دخل البلدية بهدف إجبارهن على التوقيع على رخصة لإنشاء معمل إسمنت كان قد قدمه للبلدية في فترة سابقة ورفض طلبه، وأعتبر البعض أن توقيت دخول البلدية لهذا الغرض تزامن مع وقف الأعمال في بلدية عين دارة كغيرها من بلديات لبنان بسبب الفترة الإنتقالية للمجلس البلدية. مع الإشارة الى أن المعمل المذكور قد رفض طلبه من قبل زحلة في وقت سابق من العام الماضي.
وفي التفاصيل التي توافرت لـ"النهار" أن بيار فتوش وصل وأزلامه إلى مقر البلدية وطلب من الموظفة تيريز بدر التوقيع بأمر من قائمقام عاليه بدر زيدان، وهي القائم بأعمال بلدية عين دارة في المرحلة الإنتقالية، وعندما رفضت الموظفة التوقيع على الطلب، هددها بصرفها عن عملها، وأنها ترفض "أمرا مباشرا"، فأجابته "أن البلدية الجديدة ستستلم أعمالها في الأسبوع القادم، ويمكنكم التقدم بطلب إليها، وهي المخولة بالتوقيع". فكان ثمة تهديد وشتائم.
في البلدية تجمع عدد من فعاليات القرية وجمع من القرى الجارة لعين دارة كمختار بلدة العزونية ومسؤول الحزب الديموقراطي اللبناني في منطقة جرد عاليه غسان الصايغ، وكان تأكيد من الجميع الوقوف الى جانب عين دارة وبلديتها وأهلها.
وفي حين رفضت الموظفة تريز بدر أن تتكلم للصحافيين، "بسبب الصدمة مما نالها من عبارات الشتم والتهديد كـ "رح تشوفي شو رح اعمل فيكي" و "حاولي الذهاب إلى بيتك وسترين ما سيحل بك"، وما شابه.
إلا أن عددا من الأهالي تحدثوا للصحافيين، فقال ناصر يحيى "فوجئنا اليوم بحضور المدعو بيار فتوش الى بلدية عيندارة ومحاولته تسجيل 3 رخص لبناء باكورة معمل الموت الذي ينشره في ضهر البيدر، وحاول سابقا تسجيلها في القائمقامية بصفة أن القائمقام هو الوصي على البلدية، في ظل الفترة الانتقالية قبل استلام البلدية الجديدة، وفشل، فحاول بالتهديد تسجيلها في البلدية، اعتدى لفظيا، وهدد ثلاث موظفات في البلدية، وحاول فرض تسجيل المعاملات بالقوة، وكان معه رجال مسلحين، ووثقنا بالفيديو، كيفية هجومهم على البلدية، ونحن كأهل عيندارة ليس كاستنكار لعمله فحسب بل نعده، انه سيحاسب على كل ما قام به اليوم، وما اقترفه في السابق بحق صحتنا وبيئتنا وجبالنا ومشاعاتنا وهناك خطوات تصعيدية، من أولاد عين دارة وستكون تباعا ودعوة جزائية على المدعوبيار فتوش وعصابته".
وقال سليمان يمين "ليس لديّ أي إضافة على ما قاله أخي ناصر، إلا أن كل المنطقة "مريضة"، والأمراض السرطانية بالذات، ونحن لسنا وحدنا بالمعركة، بل مدعومين من أهل عين دارة وكافة البلدات المحيطة البلدات والطوائف".
وقال فريد بدر: "لم نسمح ولن نسمح بفرض الأمور علينا، الزمن الأول تحول، ولم تعد الإملاءات تسير على أهل عين دارة، زحلة ليست أحسن من عين دارة، وستظل رؤوس أهل عين دارة في رأس الجبل".
وأشارالعضو المنتخب للمجلس البلدي الجديد في عين دارة العميد مارون بدر الى "اننا نأمل من الدولة أن تتحرك وأن يأخذ القانون مجراه"، وأضاف "هو تصرف غير مقبول وتهجم على موظفي البلدية وعلى مقر إدارة رسمية، وايقاف هذه المهزلة هو جزء من سياسة بلدية عين دارة وتعهدها أمام اهلنا، كانت الطريقة استفزازية وعرض عضلات".
ولفت العضو المنتخب  العميد فؤاد هيدموس "البلدية حالياً في مرحلة تسيير أعمال، ولا يمكن القيام بأي معاملة، وحاول فتوش تسجيل معاملة برقم قديم، وأجابته الموظفة أنه لا يحق لنا التسجيل برقم قديم، وعليك مراجعة البلدية الجديدة في الأسبوع القادم، وهددها طالبا منها توقيع المعاملة، وإلا...".

المشروع
وللتذكير فإن هذا الطلب قد قٌدم الى بلدية عين دارة في وقت سابق، وحينها أصدر المجلس بيانا لاستمزاج آراء أهالي البلدة، وجاء فيه: "يقوم السادة بيار وموسى فتوش ش.م. ل. بإنشاء وتشغيل واستثمار جبالات باطون مركزية، ومعامل ومطاحن الإسمنت، على أنواعها والإسفلت واحجار الباطون وغيرها من تجهيزات مخصصة للصناعات الإسمنتية والبلاط والأرصفة والجسور والجفصين والكلس على أنواعه ومواد البناء والمصبوبات الإسمنتية على انواعها. وبناء على المرسوم رقم 8923 الصادر في 7 آب (أغسطس) 2012 الذي ينص على ضرورة إجراء تقييم أثر بيئي "EIA- Environmental Impact assesstment" لهذه الفئة من المشاريع، تم توكيل شركة جيوفلينت ش.م.م." Geoflint s.a.r.l" بإعداد هذه الدراسة لتقييم آثار المشروع الملوثية على البيئة والحد من الآثار السلبية الناتجة عن هذا المشروع عن طريق وضع تدابير تخفيفية".

وأضاف البيان ان المشروع يتضمن إنشاء وتشغيل واستثمار جبالات باطون مركزية ومعامل ومطاحن إسمنت على أنواعها والإسفلت وأحجار الباطون وغيرها من تجهيزات مخصصة الصناعات الإسمنتية والبلاط والأرصفة والجسور والجفصين والكلس على أنواعه ومواد البناء والمصبوبات الإسمنتية على انواعها وسواها، وذلك في العقارات 2231، 2232، 2234، 2235، 2229، 2237، 2221، 2251، 4310، 4311، 4312، 4313، 4314، 4315، 4316، 2213، 2248، من منطقة عين دارة العقارية – قضاء عاليه، منطقة فئة أولى ثقيلة، وفقا للمرسومين رقم 4917/ 1994، و5616/94". المشاعات المسروقة! وهذا المشروع كانت قد رفضته مدينة زحلة قبل أكثر من سنة، إثر حملة اعتراضات واسعة، فكان التوجه نحو روابي ضهر البيدر وتلالها المدمرة وقد نهشتها المقالع والكسارات وما تزال، وكان ثمة من سهل وسوّغ ومهد الطريق لهذا المشروع الذي سيقام على مشاعات عين دراة، وهي في معظمها مشاعات مسروقة في قضية استعصت على القضاء لما فيها من خيوط متشابكة وأعمال تزوير تم تمريرها خلال الحرب بأسماء مالكين من أبناء البلدة، بشهادات وقفية مزورة، ما ساعد حيتان المال على استملاكها بالشراء، ومن المفارقات الغريبة أن تقام "جبالات الاسمنت" في العقارات عينها.