الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

روزنامة النكبات

امين قمورية
A+ A-

ليس بالضرورة انتظار يوم 15 أيار من كل عام لاحياء ذكرى النكبة، ذلك ان النكبات كثرت وتعددت بحيث يندر ان يمر يوم من ايام السنة من غير ذكرى لنكبة أو مجزرة او مأساة.


في شهر ايار وحده، يمكن تعداد: اعدام جمال باشا الاستقلاليين العرب في بيروت ودمشق عام1916، توقيع اتفاق سايكس - بيكو عام 1916، ثورة يافا عام 1921 ، اسرائيل عضوا في الامم المتحدة عام 1949، نقل القيادة الاسرائيلية الى القدس الشرقية عام 1948، سيطرة داعش على تدمر عام 2015. وحال نيسان ليس أفضل بكثير، اذ شهد الرصاصة الاولى للحرب الاهلية اللبنانية عام 1975، وقبل ذلك الانزال الاسرائيلي في بيروت عام 1973، ومجزرة جنين عام 2002، والاجتياح الاميركي لبغداد عام 2003. اما لائحة حزيران فهي اقسى بكثير وتتضمن نكسة حزيران 1967 واحتلال القدس والجولان وسيناء، والاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982. وهكذا حال كل الاشهر الاخرى على مدار السنة والتي قد لا تكفي مجلدات لذكرها.
الانكسارات لا تعد ولا تحصى... والانتصارات القليلة المسجلة أفرغتها السياسات من مضمونها وحولتها خيبات. وكان الرد على نكبة ايار ونكسة حزيران عبوراً في تشرين (اكتوبر) تناقضت بطولاته العسكرية مع نتائجه السياسية، فانتج معاهدة عرجاء أخطر ما تمخضت عنه عزلة مصر عن عالمها العربي ، فتحولت هرما مقلوبا رأسه في التراب وقاعدة تسبح في الفضاء بلا توازن. فانهارت مكانة القاهرة ولا نزال ندفع فواتير هذا الانهيار في فلسطين وسوريا واليمن وليبيا والعراق.
من النكبة الى النكسة الى ما اعقبهما من نكيبات وانهيارات، ضاعت المشاريع والاحلام وانغلقت الانظمة على مطامعها بعيداً من ناسها، فتغولت المؤسسات الأمنية حتى صارت دولاً ضمن الدول. انظمة عبثت بالموجود ولم تسترجع متراً واحداً من فلسطين. خسرت على الجبهات وانتجت في الوقت عينه كل المغذيات الضرورية للتفكك والانحلال فكانت الحروب الأهلية المدمرة وحروب الجوار التي نخرت جسم الامة من المحيط الى الخليج وحولت شعوبها قبائل وطوائف متناحرة ، وجعلت دولها بنياناً هشاً على نحو يرثى له وعرضة للانهيار في زمن قياسي.
ما بين جرح نكبة ١٩٤٨ الذي لم يندمل وشبح الحروب المتنقلة عبر الساحات التي تنذر بما هو أوخم، لم نتعلم من أي درس وخفتت ذاكرتنا الى حد نسيان ما دفعنا من أجله دماً وألماً. نتذكر النكبة ونتذكر ممهداتها في اتفاق سايكس - بيكو الذي نحيي مئويته الاولى في ذكراها الـ68، وننظر الى الافق ولانرى الا حدوداً لاوطان تتحطم بمطارق الهدم والاحتراب الاهلي لا بالخرائط الجاهزة المرسومة سلفاً.


[email protected] / Twitter:@amine_kam

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم