الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"خدني بحلمك" حين يصير فقراء الشوارع أبطالاً

المصدر: "دليل النهار"
نداء عودة
"خدني بحلمك" حين يصير فقراء الشوارع أبطالاً
"خدني بحلمك" حين يصير فقراء الشوارع أبطالاً
A+ A-

وسط المشهد التلفزيوني المحلّي المأزوم بالكثير من الترهّل، بدا "خدني بحلمك"، البرنامج الذي يتواصل عرضه أسبوعياً على شاشة "الجديد"، مساحة إنسانية تدخل كنسمة هادئة إلى قلب المتلقّي الباحث عن مثل هذه المساحة المرهفة بين البرامج المتأرجحة إلى حد كبير بين الحروب والعنف والإثارة الفارغة.
في "خدني بحلمك" يتجانس الموضوع والشكل التلفزيوني، إذ تطرح كل حلقة قضية إنسانية من نبض الشارع اللبناني يكون الفقير بطلها الرئيسي، بإعداد رصين لغادة صالح، وإخراج أقرب الى التسجيل الدرامي لنضال بكاسيني ثمّ تقديم حيوي خفيف الظلّ لدارين شاهين التي تتفاعل إخراجياً مع المادة التلفزيونية الأميل الى اللغة الشعبية التي تقدّم نفسها بشاعرية، ومع الموسيقى التصويرية ذات الوحي الشعبي والفويس أوفر المكتوب كنصّ شاعري أيضاً مما يمنح القضية الإنسانية المطروحة ثقلها الثقافي. فالشمس لوّحت وجه بائع اليانصيب سمير "أبو مكرم" بعد يوم طويل أخذ فيه إجازة من العمل بعدما تولّت دارين شاهين مع ضيفها الإعلامي جوزف الحويك بيع أوراق اليانصيب واللوتو في مغامرة مثيرة تخللها سرد سيرة حياة الرجل المسنّ في أحلامه وخيباته، ولم تخل من استدراج حكمته في تجربته الطويلة بعدما خسر عمله كحلاق رجالي بسبب حادث سير وساعة ثمينة حلم بشرائها. أبو مكرم الذي يتذكر ساعته الثمينة لكنه لا يحلم بشيء مادّي الآن، ويعلن بأنه يسامح عدوه إن قابله. نأخذ هنا كمتفرجين الحكمة من البسطاء أبناء الأرض المتناقضين مع البرج العاجي للثقافة والبعض الكثير من نخبها.
بين فقير وآخر تدخل قضايا الإنسان إلى برنامج تلفزيوني في مستوى متوازن يجمع المضمون العميق بالترفيه الراقي وجمال المشهد، يعاون دارين شاهين في تصوير هذه الأحلام وجوه مختلفة في الفنّ والإعلام، وهو أمر أهمله الواقع التلفزيوني الذي سلّم جدلاً أنّ المساحات الجدية في البرامج لا تطعم خبزاً ولا تستقطب المشاهدة. لكن مع تجربة "خدني بحلمك" التي تابعناها منذ بداياتها وتمنينا عدم إحباطها في مهدها، إضافة الى تجارب أخرى برامجية قليلة إلى نادرة على الشاشات المحلية، وجدنا أن المتفرّج توّاق الى مساحات تخاطبه برقيّ في السياسة كما في الترفيه.
الفقير بطلاً في نسيج إنساني إعلامي جميل، نموذج من المهمّ أن يلتفت إليه صنّاع التلفزيون ليستلهموا برامج مبتكرة من نبض الشارع اللبناني الحافل بالأفكار من دون الحاجة إلى استنساخ أفكار أو استيراد سواها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم